السؤال
أعاني من ألم في الرقبة، عملت أشعة وقال الدكتور إنه تآكل في فقرة، وغضروف في فقرة أخرى، ولكن قال نعمل رنينا معناطيسيا بسبب ما أحس به من دوار، لكي يتأكد من أنها لا تضغط على الحبل الشكوي، وعملت الرنين المغناطيسي ولم يظهر شيء، غير أنى أعاني من تقلصات في العضلات، فما معنى هذا؟ ولماذا أشعر بهذه الدوخة؟ وللعلم أيضا عملت علاجا طبيعيا 20 جلسة، ولم أتحسن، ولم آخذ أي علاج، بصراحة أشعر باليأس من الشفاء، ومن شفاء هذا الدوار.
أفيدوني ماذا أفعل؟ لقد مللت من الذهاب إلى الأطباء لعدم شعوري بتحسن وألمي المستمر، هل هذا شيء خطير أو مرض؟ أنا خائفة جدا جدا، وهل ألم الرقبة يعمل هذه الدوخة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دينا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فآلام الرقبة شائعة جدا، وفي كثير من الأحيان قد يستمر الألم أشهرا وسنوات، وكثيرا ما تكون الصور الشعاعية إما طبيعية أو تظهر بعض التغيرات التي لا تكون هي السبب في الأعراض، وقد يتم عمل صورة بالطنين المغناطيسي كما هو الحال عندك، ولا يكون هناك أي مشكلة ضاغطة على الأعصاب، ويكون السبب هو شد عضلات الرقبة.
الرقبة هي أكثر أجزاء العمود الفقري حركة، فهي تحمل 15% من وزن الجسم ، ولكنها تحظى بحماية أقل من بقية أجزاء العمود الفقري، كي تعطينا مدى حركة أكبر، ولأنها ليست محمية كالفقرات الصدرية المثبتة بالضلوع، لذا فهي أكثر تعرضا للألم والإصابة.
هناك العديد من أسباب آلام الرقبة، ومنها العادات الخاطئة كالنوم على البطن أو النوم على وسادة لا تحتفظ على الانحناء الطبيعي للرقبة في وضع جيد، أو النوم على مجموعة من الوسائد العالية.
تنجم أيضا آلام الرقبة عن الإجهاد المستمر للرقبة، والجلوس الخاطئ المستمر لساعات طويلة على المكتب أو الكمبيوتر أو قيادة السيارة، وقد يكون ألم الرقبة ناتجا عن خشونة الفقرات العنقية، وتحدث الخشونة كنتيجة طبيعية مع التقدم في سن ما بعد الخمسين، ويشعر المريض بألم الرقبة وتيبس وتصلب بعضلاتها، وقد تزيد هذه الأعراض مع العمل الطويل في وضع الجلوس أو الوقوف، وقد يسمع المريض صوت احتكاك أو طرقعة مع حركة الرقبة، وقد يشعر أيضا بالصداع والدوار، ومع الضغط على جذور الأعصاب بالفقرات العنقية قد يشعر المريض بالتنميل أو الألم أو الضعف في عضلات الذراعين واليدين والأصابع.
لذا فإن العلاج سيكون طويل المدة ويعتمد على التالي:
- تجنب الاستمرار في وضع الجلوس لفترة طويلة، خصوصا الجلوس الذي تكون فيه مضطرا لتثبيت وضع الرقبة في اتجاه واحد، مثل القراءة أو الكتابة أو مشاهدة التلفزيون، وإذا كان ضروريا ذلك فاعتدلي واستريحي كل 15 دقيقة على الأقل، وقومي بعمل بعض التمرينات الخفيفة.
- المحافظة على وضع رأسك مستقيما أثناء الجلوس، ويجب أن يكون طول المكتب أو المنضدة التي تعملين عليها مناسبا، بحيث تمنع انحناء رقبتك عليها، ويجب أن يكون المكتب قريبا منك.
- يمكن وضع قاعدة خشبية مائلة صغيرة على المكتب لتساعد على القراءة أو الكتابة، بدون إنحناء الرقبة، بحيث يكون ما تكتبينه أو تقرئينه في مستوى النظر، وبالنسبة للكمبيوتر فالوضع الأمثل له أن يكون بوضع بحيث يكون مركز الشاشة على مستوى أنف الجالس أمامها، وتوضع لوحة المفاتيح (الكيبورد) بحيث تكون الأكتاف في وضع معتدل وغير مرفوعتين لأعلى، ويكون الكوع مثنيا بدرجة 90 (أي قائما) ويكون المعصم مسترخيا في وضع 30 درجة.
- الوضع الطبيعي للرأس هو أن تكون على استقامة واحدة مع العمود الفقري، بمعنى أنه عند النظر للشخص من الجانب تكون الأذن على خط واحد مع الكتف، فكلما زاد تحرك الرقبة إلى الأمام من هذا الوضع زادت الضغوط على فقرات وعضلات الرقبة، فكل حركة للرأس للأمام بمقدار (2.5 سم) معناه زيادة الضغوط على فقرات الرقبة السفلي بمقدار وزن الرأس وهكذا، لذا يجب المحافظة على الرأس في وضع مستقيم دائما، وعدم الانحناء على الكمبيوتر أو الطاولة أو مكتب العمل، والكثير ممن يعمل في السكرتارية وأثناء الطباعة يضعون الموبايل أو الهاتف بين الكتف والرأس، وهذا يؤدي إلى تحميل زائد على فقرات وأنسجة الرقبة.
- تجنب تعريض الرقبة لتيارات الهواء، وحاول تجنب التغيرات المفاجئة للجو كالانتقال من جو ساخن إلى التكييف البارد.
- يمكن استخدام وسادة تحت الذراعين، بحيث يستند الذراعان عليها من الإبطين إلى الكوعين أثناء القراءة لضمان وضع الكتاب في مستوى النظر بدون انحناء الرقبة، ولتقليل التحميل الزائد على فقرات وأنسجة الرقبة وعلى الأكتاف، حيث ستحمل الوسادة عنك وزن الذراعين والكتاب.
- تجنب القراءة أو مشاهدة التلفاز وأنت مستلقية على السرير، حيث تكون رقبتك في أغلب الأوضاع في وضع سيء.
- تجنب النوم أثناء الجلوس أو أثناء ركوب السيارة أو الباص.
من ناحية أخرى فإن ما تحتاجينه هو وضع كمادات ساخنة على الرقبة مرتين في اليوم، وفي كل مرة 10 دقائق، ثم تقومين بعمل تمارين تمديد العضلات بالاتجاه المؤلم، أي أنه إن كانت حركة الرأس للأمام وإلى اليمين مؤلمة فالتمارين تكون بشد الرقبة بهذا الاتجاه، والعد للعشرة ثم إعادتها وهكذا، وكل هذا بعد وضع كمادات ساخنة، وليس بدونها، لأن العضلات الشادة ترتخي مع الماء الساخن.
- عندما تعاني من نوبة تقلص وألم بعضلات الرقبة والأكتاف، يمكن وضع قربة المياه الساخنة وتحتها فوطة خفيفة على عضلات الرقبة والأكتاف لمدة 20 دقيقة، أو تعريض عضلات الرقبة والأكتاف لتيار المياه الساخنة من الدش، ولكن تجنب التعرض للتيارات الهوائية بعد ذلك مباشرة.
- على مريض آلام الرقبة أن يتفادى حمل الأشياء الثقيلة أو دفع أو جذب الأشياء، خصوصا الثقيلة بقوة، وعليه تجنب الأوضاع التي يضطر فيها إلى رفع رأسه لأعلى لفترة طويلة، مثل أعمال دهان السقف أو التأمل في السماء.
بالنسبة للنوم فإنه يجب الاحتفاظ برأسك ورقبتك في وضع مستقيم، بحيث لا تكون الوسائد عالية جدا أو منخفضة جدا، سواء كان ذلك وأنت نائم على جانبك أو على ظهرك، وتجنب استخدام وسادة صغيرة جدا أو صلبة أو من النوع الذي ينضغط بسهولة، ويجب أن تكون الوسادة غير صلبة بحيث تأخذ شكل رأسك، ولكن في الوقت نفسه ما تزال تملأ الفراغ ما بين السرير وبين رقبتك وعند النوم على جنبك، بحيث تجعل هذه الوسادة العمود الفقري للرقبة مستقيما مع باقي العمود الفقري، ويجب ملاحظة أن المخدة لا توضع تحت كتفيك بل مابين رقبتك وكتفيك.
يجب تناول المسكنات في البداية لمدة شهر أو أكثر، لأن الألم بحد ذاته يسبب عند الإنسان الشعور بالضيق، وهذا يزيد الشد ويقلل كمية الدم التي تأتي للعضلات المشددة، وهذا أيضا يزيد من شدة الألم، أي أنه يجب كسر دائرة الألم بالمسكنات، ولابد وأنك تعرفين شعورك والألم عندك وشعورك مع غياب الألم.
بارك الله فيك وشفاك.