السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الرجاء انقذوني، زوجي عصبي، وغير صريح معي. لكنه في لحظات الضعف طيب ويحبني، وسرعان ما يتغير مزاجه، ليسب ويشتم ويظهر اللامبالاة بي وبأولاده، يعمل في مكان بعيد، ونحن نعيش ضائقة مالية حادة جعلته يتخلى عن مسؤوليته ويرميها على أكتاف غيره.
لا أكذب عليكم حين أول مشكلة اتخذ إجراءات عنيفة معه، أرفع صوتي، أقاطعه، أغلق الهاتف في وجهه بالأيام؛ لأنني مللت حالة السلبية والفوقية التي يعاملني به، إلى جانب تدخل أهله في حياتنا، فنحن نعيش مع أهله بلا أدنى خصوصية، والله مللت، لكني أقول دائما هذا قدري وأبو عيالي ومكتوب.
أريد آليات عملية للتعامل معه، فأنا والله أحبه حبا يجعلني أضعف أمامه، وأريد الحفاظ على أسرتي.
بارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب -بابنتنا الفاضلة- في موقعها بين آباء وإخوان همهم صلاح البيوت، ونسأله أن يستخدمنا فيما يرضيه، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، ونسأل الله أن يلهمها السداد والرشاد، إنه على كل شيء قدير.
حقيقة لقد أسعدني وأعجبني حرصك على المحافظة على بيتك، وهذه نقطة مهمة جدا وأساسية جدا، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يقر عينك بصلاح هذا الزوج استقراره النفسي، ونسأل الله -تبارك وتعالى- لكم دوام التوفيق.
وأرجو أن تعلمي -ابنتي الفاضلة- بأن هذه المشكلة رغم التعقيدات التي يظهر لك فيها إلا أنها مشكلة بسيطة، ومشكلة الحل فيها سيكون سهلا بحول الله وقوته، وندعوك إلى أن تعاملي هذا الزوج بما يقتضيه الحال من المسلمة المواتية الموافقة الودودة لزوجها، وإذا كان الزوج عصبي فإنا نذكرك بقصة المرأة التي قال لها زوجها: إني سيئ الخلق -هذا في أول ليلة وهي بشارة سيئة- لكنها قالت له: (أسوأ منك من يلجئك إلى سيئ الخلق)، وكانت بذلك تصل بذلك إلى مفتاح شخصية ذلك الرجل؛ لأنه إذا كان عصبيا فتجنبي الأمور التي تثير عصبيته والتي تثير غضبه، وعندها سيعيش معك في أسعد حياة.
وإذا وجدت أمورا تتضايقين منها فلا بد أن تختاري الأوقات المناسبة والألفاظ المناسبة لمناقشة تلك الأمور، ولا تحرصي على أن يتم التغير مائة بالمائة، فكل إنسان فيه نقص، ولكن لا بد أن نحرص على التنازل من الطرفين ليكون الملتقى في منتصف الطريق.
من حقك -يا ابنتي الفاضلة- أن تطالبي بالخصوصية، ولكن أرجو أن يكون ذلك في حدود الإمكان، واعلمي أن كثير من الرجال لا يسعدون ببعدهم عن أهلهم، وأنت أيضا لن تستفيدي من رجل يقصر في حق أهله، فشجعيه على الإحسان لأهله، واحتملي منهم واصبري لأجل ذلك الرجل الذي له مكانة في قلبك -كما أشرت-، فالحياة تضحيات، والإنسان يحترم أهل الزوج من أجل الزوج، وعندها سيبادلك الزوج باحترام أهلك والعناية بهم، والاهتمام بكل أمر يخصهم.
ذكرت كذلك أن هنالك ضائقة مالية وهذه لها أثر كبير على مزاج الرجل؛ لأن الرجل إذا دخلت عليه ضائقة مالية ودخل في مشكلة فإنه دائما يفكر فيها بطريقة تسبب له الإزعاج، وتتسع عنده الدائرة، ويكون عرضة لسرعة الانفعال، فلا تضعي الوقود إلى جوار النار المشتعلة، وحاولي دائما أن تحسني إليه، وأن تخففي عنه وطأة الحياة، أن تقتربي منه أكثر، أن تحتملي أهله، وأن تصبري عليهم، فأنت من سيكسب الجولة في نهاية المطاف؛ لأنه ما من إنسان قابل الإساءة بالإحسان إلا وربح الدنيا والآخرة، إلا وكان الفائز والناجي عند الله -تبارك وتعالى-.
فعاوني زوجك على الخير، وقدري الظرف الذي يمر به، واشغلي نفسك بطاعة الله تبارك وتعالى، وتجنبي إهانته أو رفع الصوت عليه، لأن هذا أيضا يعمق عنده هذه الظاهرة، وقدري الحال الذي هو فيها، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- مدح نساء قريش فقال: (أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده).
واعلمي أن هذه الأمور ستتغير بحول الله وقوته، وأنت من يملك مفاتيح التغير، وإذا كان في أهله تقصير فأنت تزوجت الرجل ولم تتزوجي أهله، فلا تنزعجي مما يحصل، وحاولي أن تتغيري أنت، وتغيري طريقتك في التعامل، بالصبر، بالإحسان، بالدعاء، تجنب الدخول في مشاكل مع أهله، تجنب الحديث بالسوء عن أهله، الحرص على التوجه إلى الله -تبارك وتعالى-؛ لأن قلب أهل الزوج وقلوب العباد بين أصابع الرحمن يقلبها -سبحانه وتعالى-، وحاولي أن تعاوني زوجك في هذه المحنة التي يمر بها، وطالبي بخصوصيتك ولكن بهدوء، وإذا طالبت بشيء فليكن زوجك هو اللسان المتكلم حتى لا يفهم أهله أنك تتدخلي في حياتهم أو أنك تحاولين أن تتحكمي في الزوج، واعلمي أن الكثير من الأمهات والأخوات يعتقدوا أن الزوجة جاءت لتنافسهم في حب الولد وفي جيبه، ولذلك الغيرة متوقعة، لكن بحكمة الزوج الذي ينبغي أن يشعر أن الله -تبارك وتعالى- يأمره بالإحسان إلى الأم وأن الله يأمره بالإحسان إلى الزوجة.
نسأل الله أن يعين الجميع على ما يرضيه، وأن يستخدمنا في طاعته، وجزاكم الله خيرا، وشكرا على التواصل مع الموقع.