السؤال
أنا فتاة تقدم لخطبتي شاب أعرفه حق المعرفة، وعلى خلق ودين وملتزم -والحمد لله- ويخاف الله، لكنه لم يكمل تعليمه الجامعي، وأنا مقتنعة به وراضية به.
ولكن أهلي لم يوافقوا عليه لسبب عدم إكمال تعليمه، وبأني فتاة صغيرة، وما زالت أمامي فرص للزواج بأفضل من هذا الشاب حتى أنهم رفضوا أن يتعرفوا عليه أو حتى على أهله رفضا تاما الأسباب أنا لم أقتنع بها، وما زلت غير مقتنعة؛ لأنهم ينظروا إلى الموضوع من زاوية واحدة، ولم ينظروا من زاويتي أنا، وماذا أريد أنا، وبماذا أهتم بصفات الشاب الذي أريده زوجا لي، ورغم ما حدث أنا أديت صلاة استخارة -والحمدلله- شعرت براحة.
أنا أبحث عن حل أو أسلوب أستطيع من خلاله أن أتحدث مع أهلي مرة أخرى، علما بأنه لا أبي ولا أخي عندهما علم بالموضوع فقط أمي وأخواتي، ورفضوا حتى بدون أن يخبروا أبي أو أخي، وأنا أنوي فتح الموضوع مرة أخرى، لكني لا أعلم ما هي الطريقة المناسبة لذلك، أو من الشخص المناسب.
أهلي رفضوا من مبدأ ماذا ستقول الناس عنا! ولم يهمهم ماذا أريد أنا، وما هي مواصفات الرجل الذي سأرتبط به، أنا لا يهمني التعليم بقدر ما يهمني أن يكون الشاب على خلق ودين وتحمل مسؤولية.
ماذا أفعل دلوني على الحل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الملاك الطاهر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بابنتنا الفاضلة في موقعها، ونسأل الله أن يسهل أمرها، وأن يجمع بينها وبين هذا الشاب صاحب الخلق والدين على الخير، وأن يقدر لها الخير حيث كان ثم يرضيها به، وأن يلهم أهلها السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
وقد أحسنت –ابنتي الفاضلة– عندما طلبت في الرجل الدين والأخلاق، ومسألة التعليم وغيرها لا يهم طالما كان الرجل ناجحا في حياته، فالنجاح ليس فقط في الشهادات الدراسية، ولكن في علاقة الإنسان بالناس، في قدرته في تحمل المسؤولية، في نضجه ووعيه وتعامله مع الآخرين، قبل ذلك في الدين والأخلاق، وكل هذه الصفات –ولله الحمد– موجودة في هذا الشاب الذي تقدم إليك.
وأرجو أن يعلم الجميع أنه ليس هناك من يستطيع أن يحول بين أي فتاة وبين الزواج من صاحب الدين، لأن دور الأولياء الرجال فضلا عن النساء ما هو إلا دور إرشادي وتوجيهه، ومن حقهم أن يتدخلوا إذا كان في الخاطب خلل، أما إذا تقدم صاحب الدين ورضيت به الفتاة ورضي بها، فإنه لم ير للمتحابين مثل النكاح، والأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.
ولو كان هذا الرفض من الآباء والإخوان لما قبلته الشريعة، فكيف والرفض من الأم والأخوات، لذلك نحن ندعوك إلى فتح هذا الموضوع بحكمة، وإلى عرض هذه الفكرة على الأخ وعلى الأب، بل وعلى الأعمام من أجل أن تطلبي مساعدتهم، فإن هذه فرصة من الفرص النادرة، أن تجد الفتاة شابا صاحب دين صاحب أخلاق ترضاه ويرضى بها ويختارها وتختاره، فهذه يدل على أن هناك مبشرات، وهذه من علامات التوفيق والسداد.
وأرجو أن يتذكر الجميع قصة الأنصارية التي جاءت إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقالت: إن أبي زوجني من ابن أخيه ليرفع به خسيسته وأنا كارهة، فجعل أمرها إليها، والرواية الثانية: فرد النبي صلى الله عليه وسلم نكاحها. فقالت الفتاة: قد أجزت ما صنع أبي، ولكني أردت أن يعلم الناس أن ليس للآباء في الأمر شيء.
وهذا يؤكد أن دور الأولياء ودور الأسرة ما هو إلا دور إرشادي توجيهي.
ومن هنا فنحن ندعوك إلى أن تديري هذا الموضوع بحكمة وحنكة، وأن تعرضي هذا الموضوع على العقلاء والفضلاء، ونتمنى أن يكون الأب ممن يتفهم هذه القضية، أو الأخ، حتى يتكلم نيابة عنك ويسعى في إقناع الوالدة والأخوات الذين اهتموا بكل أسف في هذه المواقف بالمظاهر وبكلام الناس، ولن تستفيد الفتاة من صاحب الشهادات العالية إذا كان معاقا اجتماعيا، إذا لم تكن له علاقات، إذا لم يكن عنده نجاحات في الحياة، ونحن نكرر أن النجاح في الحياة ليس بالشهادات، ولكن المهم في النجاح في الحياة هو التواصل مع الآخرين والتفاعل معهم وأن يكون له دور ويكون له وجود ويكون له حضور، يكون له دور فاعل، أن يكون له قدرة على تحمل المسؤولية كما ذكرت.
والأهم من كل هذا هو حصول هذا التوافق وهذا الميل وهذا الرضى والقبول به، لأن هذا هو الأساس في عملية الزواج، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم – والحديث فيه كلام لبعض علماء السنة – عندما جاءه قوم يسألونه في امرأة تسأله تقدم لها رجلان (موسر وفقير) – يعني غني وفقير – ونحن نريد لها الغني صاحب المال، وهي تهوى الفقير، قال صلى الله عليه وسلم: (زوجوها بمن تحب، فإنه لم ير للمتحابين مثل النكاح).
وهذا الميل والقبول وخاصة بعد الاستخارة والارتياح الذي حصل كل هذه مؤشرات تدعوك إلى أن تتمسكي بهذا الخاطب، وأن تحرصي عليه، وأن تجتهدي في إدخال العقلاء والفضلاء في هذا الأمر، ونتمنى من الشاب أن يكرر المحاولات، وأن لا ييأس، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك وله الخير حيث كان ثم يرضيكم به، ولا يخفى عليك أن الدين يرفض هذا التدخل بهذه الطريقة، ويجعل أمر الفتاة إليها، فأمر الزواج شأن يخص الفتى والفتاة، هي التي ستعيش معه، وهو الذي سييعش معها، ونسأل الله أن يجمع بينكما على الخير، وأن يقدر لكما الخير حيث كان ثم يرضيكما به، هو ولي ذلك والقادر عليه.
والله الموفق.