أختي تمتنع عن الزواج برجل على خلق ودين، فكيف نقنعها؟

0 606

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

نشكركم على هذا الموقع المفيد والمتميز، وجزاكم الله ألف خير.

لي أخت تصغرني بعشر سنوات، عمرها 25 سنة، وهي آخر العنقود، درست في مدارس خاصة إلى المرحلة الثانوية، وبعدها حصلت على البكالوريوس والماجستير، ووفقها الله للعمل في مكان جيد، ولكن يكثر فيه الاختلاط.

هي على قدر من الجمال، وفيها شيء من الغرور، ولكن أخلاقها عالية، وهي على قدر من التدين، وتعاني من الوسواس القهري، وترفض العلاج - أي بالأدوية - وتحب العلاجات الطبيعية، وهي أختي الوحيدة، ويعلم الله أني أحبها من كل قلبي، وأتمنى لها السعادة في الدارين.

ونحن من عائلة محافظة ومعروفة، ولكن والدتي أجنبية، وتختلف عاداتها عن عادات بلدنا بعض الشيء، بالرغم من أنها عربية، إلا أننا نعاني من أمي، حيث إنها عصبية لدرجة مرضية، وأعتقد أنه تنطبق عليها الشخصية الهستيرية، كما أنه توسوس في كل شيء، وتعاني من انعدام العاطفة تجاهنا، وتجاه أحفادها، و شخصت من قبل طبيب نفسي بالاكتئاب والقلق، وتحسنت لدرجة كبيرة بالعلاج، ولكنها توقفت عن أخذه بسبب الأعراض الجانبية، ورفضت بأي وسيلة من الوسائل أن تأخذه مرة أخرى، وصوتها دائما عال، وسليطة اللسان تجاه الجميع ومع والدي.

أحببت أن أوضح هذه الخلفية، لتعرف أن أمي تلعب للأسف دورا سلبيا في حياتنا، وبالرغم من الأعاصير والعواصف التي مرت بعلاقتها بأبي، إلا أنه لم يتخل عنها لأخلاقه العالية، ولأن لها مميزات، من غير الممكن أن ننساها.

المشكلة التي أريد عرضها عليكم، هي أن أختي تقدم لها ابن عمي، وهو ذو خلق ودين، كما أن الله وهبه حسن المظهر والحياء، والكل يشهد له بأنه على قدر عال من دماثة الخلق، تخرج من الجامعة، ويطمح في الحصول على الماجستير، هو ابن عمي الذي عاش حياة الطفولة في منطقه أشبه بالقرى، ولكن الولد درس في الخارج، ويعمل في العاصمة.

في البداية كانت متشجعة للأمر، ولكن لسبب من الأسباب قررت الرفض، ولم تعطني أي سبب مقنع، ولكن قالت: لا أريد الزواج بقريب مني، ولا أريد إنسانا معقدا، ويبدو لي أنها تظنه قرويا، ورفضت الخوض معي في الموضوع، لدرجة أنها أهانتني بالكلام، علما بأني أحادثها من بلد آخر، نظرا لظروف عمل زوجي، وعندما حاولت أن أقنعها به، حادثته مرتين بالهاتف بإصرار مني، ورفضته من غير تقديم مبرر،
لم يستسلم، وذهب ليخطبها من أبي من غير والده، لكي لا يكبر الموضوع، إذ أنها رفضته بشكل نهائي، ولكن أبي رأى في الرجل التعقل، وأخبرها بالموضوع، وهنا بدأت بإرسال الكلام الذي ينم عن قلة الخبرة، ونعتته بالأناني، وغيره من الكلام غير اللائق، لأنه أصر على خطبتها رغم رفضها.

علاقتي بأختي متوترة جدا، لأنها لا تسمع إلا نفسها، ولا تريد النصح من أحد، وتقول: بأنها استخارت ولم ترتح، وفي المقابل فإن الرجل استخار وأرتاح للموضوع.

أنا بعيدة عنها بالقلب بعد أن أهانتني، وأنا أريد لها الخير أيضا بالرغم من المسافة التي بيننا، حيث أني في بلد آخر، ولا أحد يحاول إقناعها في البيت.

أرجو منك د. الفرجابي مساعدتي في الحل. وجزاك الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نشكر لابنتنا الفاضلة تواصلها مع الموقع، ونشكر لها ثناءها على مجهودات إخوانها، ونسأل الله العظيم أن يلهمها السداد والرشاد، ونقول للجميع نحن في خدمة شبابنا وفتياتنا الذين ننتظر منهم الخير الكثير، فهم أمل الأمة بعد توفيق الله وتأييده.

وأسعدني وأعجبني حسن العرض لمشكلة هذه الشقيقة، التي كنا نتمنى أن تكوني إلى جوارها، حتى تعاونيها على الخروج، وعلى اتخاذ القرار الصحيح، فإن اتخاذ مثل هذا القرار يحتاج إلى نظر شامل، ويحتاج إلى تأمل في عواقب الأمور، ويحتاج إلى طرح الخيارات البديلة، والنظر في نهايات الطريق قبل بداياته، لأن المرأة دائما لا تنظر إلى نهايات الطريق.

وعلى كل حال فنحن نشكر لك هذه المشاعر النبيلة تجاه الشقيقة، ونتمنى أن تتواصلي معها، وأن تحاولي فهم الأسباب الفعلية، ولا مانع عندنا من أن تعطيها وتعلميها كيفية التواصل مع هذا الموقع حتى نناقشها ونحاورها عن أسباب هذا الرفض لخطيبها، وأخبريها بأن استشارتها يمكن أن تكون محجوبة، لن يراها أحد إلا إذا رغبت هي، وأنها تستطيع أن تتواصل، وتعرض مشكلتها بمنتهى الوضوح، وإذا استطاعت أن تخبرك فعلا بالأسباب فلا تناقشيها، ولكن حاولي أن تكتبي إلينا حتى ننظر في أسباب هذا الرفض، فإن رفض الخاطب عندنا نوعان: قد يكون هناك رفض لأسباب معروفة واضحة، وقد يكون هناك رفض ليس له أسباب واضحة ومعروفة، فعند ذلك نحن نلجأ إلى الرقية الشرعية على نفسها، وإلى دعوتها إلى المحافظة على الأذكار.

وحتى يتضح لنا هذا الأمر، نحن نتمنى أن يحصل تواصل منك أو منها حتى نتعرف أكثر على أسباب هذا الرفض للخاطب، ولا شك أن الخلفية التي ذكرت من صعوبة الوالدة ومواقفها، وأعجبني أيضا أنك أنصفت الوالدة بأن فيها إيجابيات كثيرة، وهكذا ينبغي أن ننظر إلى كل إنسان، بأن نضع إيجابياته في كفة، والجانب الثاني من سلبياته في كفة، ومن الذي ما ساء قط، ومن الذي له الحسنى فقط، وطوبى لمن غمرت سيئاته في بحور حسناته، والوالدة تظل والدة مهما كانت المواقف التي تحصل منها، مهما كانت القسوة التي في الغالب تقصد فيها مصلحة أبنائها وبناتها، ولكنها بلا شك تخطئ الطريق، لكن علينا أن نصطحب مشاعرها النبيلة، ورغبتها في الخير لأبنائها وبناتها، ونحن نكلمكم بلسان الآباء والأمهات، فما من أب أو أم إلا ويتمنى أن يكون أبناؤه أفضل منه وأفضل من الوضع الذي عليه.

بعض الناس من شدة حرصه يتحول هذا الحرص إلى غضب وعصبية وشتم وإساءة للآخرين، ولن يبلغ الطريق الذي يريده بهذه الطريقة، فالنية قد تكون طيبة، ولكن الأسلوب هو المشكلة، والأسلوب الخطأ هو الذي قد يؤدي إلى عكس النتيجة المطلوبة.

وشكر الله لهذا الخاطب الذي جاء فعلا إلى البيت، ويبدو حكيما وعاقلا فعلا عندما جاء بنفسه، ووصل إلى عمه، وعندما كان الهدف واضحا أنه لا يريد أن يحصل خصام، أو أن تتخذ العائلة موقفا إذا جاء الأب بنفسه أو جاء أخيه، ثم حصل الرفض بعد ذلك، فإن هذا قد يسبب إشكالات للعائلة، والناس في الحقيقة لا يتزوجون إلا من أجل لم الشمل.

وإذا كان هذا الزواج وهذه الخطبة بطريقة معينة ستؤدي إلى عكس ذلك، فالحكمة مطلوبة، وهذه صفحة تشكر لابن العم هذا، وهذا يدل على حرصه، وابن العم فعلا بالمنزلة الرفيعة، ولذلك ينبغي أن نراعي هذه المشاعر، وحتى تصححي الصورة عند هذه الشقيقة، بالعكس هو حريص على الخير، وحريص على أن يعطيها فرصة، ولا عبرة بالاستخارة التي استخارتها إذا لم تكن هناك أسباب، ولا مانع من أن تكرر الاستخارة مرات ومرات حتى ينجلي لها هذا الأمر، ولا مانع بعد ذلك من أن تشاور أيضا العقلاء والفاضلات من محارمها، وتتعرف على هذا الرجل.

ونحن نريد أن نقول: إذا كان ابن العم هذا من القرى، ودرس في المدينة، ودرس في دولة خارجية، فإن هذا سيكون من أفضل الناس، لأنه على العكس ينبغي أن يفهم البنات أن الذي ينشأ في البادية أو في الأرياف والقرى، ثم يدرس ويتعلم في المدينة، يكون قد جمع الخيرين، ويكون قد جمع ميزات القرى والأرياف، وجمع كذلك وعي المدينة وتحضر المدينة، فهو أفضل ما يمكن أن يسعد الناس بقربه، لأنه يكون قد اكتسب المؤهلات من الخير من الجانبين.

فالمدينة إذا كان فيها تطور ففيها عيوب أيضا، وفيها انقطاع، وفيها تواصل مع الآخرين، وفيها فردية، وفيها أنانية، وفيها...، فكل هذه الأشياء موجودة في المدن، بخلاف الأرياف التي يشعر الناس فيها بأنهم كيان واحد، ويشعر بعضهم بقربهم من بعض.

فهذا الخاطب فعلا فيه ميزات كبيرة جدا، ولكن السر وصندوق الأسد - كما يقولون - عند هذه الفتاة، فحبذا لو تواصلت معنا، أو حاولي أنت أن تتعرفي على الأسباب بلطف، وجامليها، وأحسني إليها، وكلميها بكلام لطيف، فهي في وضع قد تكون فيه متوترة، وحاولي أن تتعرفي على أسباب رفضها، فإن رفضت أن تخبرك بالأسباب الفعلية، فما عليك إلا أن تدعيها للتواصل مع موقعها، وعند ذلك ستجد الإجابة الشافية، وعند ذلك سنعطيها الحلول الواضحة، وسنحدد هل من المصلحة أن تستمر هذه العلاقة أم من المصلحة أن يحصل الرفض، وبعد ذلك يمضي كل واحد منهما في سبيله، إذ أن موضوع الزواج لابد أن يكون على وفاق وتراض، والأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.

ونحن نستطيع أيضا أن نقعنها بإيجابيات هذا الرجل، فشجعيها على التواصل مع الموقع، وأرجو أن تكتب لنا عن إيجابيات هذا الرجل، ما الذي يخيفها؟ وما هي الخيارات البديلة؟ وماذا سيحدث للعائلة في حالة الزواج وفي عدمه؟ حتى نصحح عندها المفاهيم.

ونسأل الله لها ولك التوفيق، وأن يقدر لكم الخير حيث كان.

مواد ذات صلة

الاستشارات