السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وبعد: أود أولا شكركم على هذا الموقع الرائع، وأود أن أستشيركم في مسالة فأرجو أن تعطوني الجواب الكافي، لقد من الله علي بأن تقدمت لخطبة فتاة يتوجها الدين والأخلاق والعلم والجمال, وقمنا بعقد القرآن -والحمد الله- وبما أنني قد أقدمت على مرحلة جديدة، فأرجو منكم أن تعطوني نصائح في كيفية التعامل مع هذه الفتاة في الفترة بين العقد والعرس؟ وما هي الأحاديث التي تنصحوني بمحادثتها معها؟ وهل تنصحوني بالإكثار من زيارتها أو التقليل من ذلك؟ أرجو التفصيل في ذلك؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فرحان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بابننا الكريم في موقعه، ونهنئه على هذا التوفيق أن هيأ الله تبارك وتعالى له صاحبة دين، وأخلاق، وعلم، وجمال، وما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا – كما قال الشاعر – ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجمع بينكما على الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يجعل فيها خير عون لك على الطاعة وخير عون لك على كل خير، وأن تكون كذلك خير عون لها على كل أمر يرضي الله تبارك وتعالى.
لا يخفى عليك أن الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته، ولا الخروج بها، وإذا كان -ولله الحمد- قد تبين لك أنها صاحبة دين، وصاحبة أخلاق فإنك أحوج ما تكون إلى المسارعة بإكمال مراسيم الزواج، فإنه لم ير للمتحابين مثل النكاح، والإسلام ما شرع الخطبة إلا من أجل حصول التعارف والاطمئنان على الدين، والخلق وغيرها من المسائل، ولكن إطالة الخطبة ليس فيها مصلحة لأحد، بل هي خصم على سعادة الزوجين خاصة إذا صحبها توسع في المرحلة.
نحن نكرر: الخطبة ما هي إلا وعد بالزوج لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته، ولا الخروج بها، ولا التوسع معها في الكلام؛ لأن لذلك آثارا قد تلحق الضرر بالطرفين.
ولذلك فنحن نتمنى أن يكون همك الأول إكمال هذه المراسيم حتى تكون هذه الزوجة التي وفقت في اختيارها - ونحسب أنها وفقت في الرضا بك واختيارك أيضا – حتى تكون معك زوجة لك تعينك على الخير وتكون عونا لها على كل أمر يرضي الله تبارك وتعالى.
طبعا لا مانع من أن يحادث الخطيب مخطوبته في الأمور الرئيسية، في الأمور الهامة، في الأمور التي تتعلق بمستقبل حياتهما معا، وأرجو أن يكون ذلك تحت سمع أهلها وبصرهم، وأن يكون ذلك بمقدار، فلا يجوز للخاطب أن يخرج بمخطوبته، ولا نؤيد فكرة التوسع في هذه المرحلة، ولكن بعد أن من الله عليك بحسن الاختيار ومن الله عليها كذلك بحسن الاختيار، أرجو أن يكون الهم الأكبر هو تجهيز النفس وإعداد ما تستطيع من أجل إكمال مراسيم الزواج، فأهل الفتاة وأهل الفتى – أيضا – في شوق لأن يروكما في بيتكما، بل في شوق أن يسعدوا بأبنائكما الذين نسأل الله تبارك وتعالى أن يصلحهم ويصلح أبناءنا وأبناء المسلمين أجمعين، وأن يجعل الصلاح في ذريتنا أجمعين.
لذلك أيضا نحن نوصيك أن تكون مراسيم الزواج أيضا موافقة لهدي النبي - عليه الصلاة والسلام – وخالية من المخالفات الشرعية.
عليك أن تستحضر النية، فإن الإنسان لابد أن يتزوج بنية، فالكفار يتزوجون، والطيور في الجو، والوحوش البرية، والأسماك، والحيتان في بحرها كذلك، لكن المسلم يتزوج لغاية ويضع لهذا الزواج أهدافا كبيرة، فنحن نتزوج لأن رسولنا يفاخر بنا الأمم يوم القيامة، ولذلك قال: (تزوجوا الودود الولود، فإن مكاثر بكم الأمم يوم القيامة) وكما قال - صلى الله عليه وسلم -: (فمن رغب عن سنتي فليس مني).
كذلك ينبغي إذا دخلت على هذه الزوجة أن تتحرى الضوابط الشرعية، فتصلي بها ركعتين، وتضع يدك على مقدم رأسها وتقول: (اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلت عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلت عليه) وهذا يكون في سرك لا تسمعها إياه، ثم عليك أن تعاملها بإحسان، وإذا أراد الإنسان أن يأتي أهله يقول: (بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا) فإذا قضي بينهما ولد لن يضره الشيطان أبدا.
ثم عليك أن تدرك أن دستور الحياة الزوجية كما قال الله تبارك وتعالى: {وجعل بينكم مودة ورحمة} فالمودة والرحمة هي المنهاج، وهي الطريقة التي ينبغي أن تمشي فيه الأسرة.
بعد أن يكمل الله تبارك وتعالى عليك هذه النعمة، عليك أن تجتهد في أن تعينها على الطاعة، وتعمرا بيتكما بتلاوة كتاب الله تعالى، وبالمواظبة على الأذكار، حتى لا يكون للشيطان مكان في بيتكما، فهم الشيطان أن يحزن الذين آمنوا، وأن يخرب البيوت على أهلها.
ثم عليك أيضا بعد ذلك أن تعينها على طاعة الله تبارك وتعالى، وعليك أن تقول لها: لابد أن نضع منهاجا واحدا، ما الذي تحبه فتأتيه، وما الذي تكرهه فتجتنبه.
أنت أيضا تسألها نفس هذا السؤال، وتذكر ما قاله أبو الدرداء لزوجه: (إذا غضبت فرضني، وإذا غضبت رضيتك، وإلا لم نصطحب) واعلم أن الحياة الجميلة تقوم على تنازلات وليس على تزاحم وخصام، كما قال ابن عباس - رضي الله عنه -: (والله إني لأكره أن أطالب زوجتي بكل حقوقي خشية أن تطالبني بكل حقوقها) وتذكر أن الحياة الزوجية تبنى على الفضل والإحسان، لأن الله قال: {ولا تنسوا الفضل بينكم} وقال: {وإن الله لمع المحسنين}، ثم عليك وعليها أن تجتهدا في الدعاء من أجل أن يؤلف الله القلوب، ومن أجل أن يرزقكما الذرية الصالحة.
عليك كذلك أن تسعى في احترام أهلها، وحفظ أسرارها، وإكرامها، والإحسان إليها تأسيا برسولنا الذي أحسن إلى الزوجات ثم قال: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).
عليك كذلك أيضا أن يكون لك تعاون معها على الطاعة، فإن الله قال: {وأصلحنا له زوجه} ماذا كانوا يفعلون؟ {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين}.
ولا يوجد شيء يصلح البيوت ويصلح الأحوال مثل التعاون على طاعة الله وعلى البر والتقوى، لذلك لا تحملها فوق طاقتها، وإذا كلفتها بشيء فعاونها، كما قالت السيدة عائشة - رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم – كان في مهنة أهله.
نسأل الله أن يعينك وإياها على الخير، وأن يسعدكما بهذه الزيجة، وأن يجمع بينكما على الخير، وأرجو أن تستعجلا في إكمال المراسيم، فإنه لم ير للمتحابين مثل النكاح، وخير البر عاجله.
جزاك الله خيرا ومرحبا بك.