زوجتي لا تسمع كلامي وترفع صوتها عند الحديث معي، ما نصيحتكم؟

0 924

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
تحية طيبة وبعد:

أنا شاب في الـ28 من العمر، تزوجت من نحو ستة أشهر، وعندي خلافات متكررة مع زوجتي، ومن خلال هذه الخلافات اكتشفت أنها شخصية غير التي كنت أعرفها! فزوجتي عنيدة ولا تطيع كلامي، في واحدة من خلافاتي معها في يوم من الأيام جاءتني وأخبرتني بأنها تريد أن تصوم، ومع العلم بأنها حامل في شهرها الرابع في ذلك الوقت، فأخبرتها بأن لا تصوم خوفا عليها وعلى الطفل، ومع العلم بأنها لا تتغذى جيدا، وعندها حالة رعاف متواصل، فخفت عليها وأمرتها بأن لا تصوم، فقالت لي: سوف أصوم .. وذهبت، وعندها جن جنوني فأقسمت عليها لو صمت سوف أطلقك!

علما أنها مهملة في أعمال بيتها، بسبب متابعتها للمسلسلات على التلفزيون، وهي تتابع هذه المسلسلات في أوقات متأخرة من الليل، وفي ذلك الوقت أكون أنا محتاجا للراحة، لأني أستيقظ في الصباح الباكر للذهاب للعمل، وعندما منعتها من السهر على التلفزيون لمشاهدة هذا المسلسل غضبت واشتد غضبها، وبعد عدة أيام أصبحت تتابع إعادة المسلسل، مع العلم بأن إعادة هذا المسلسل يكون في وقت الظهيرة، وفي هذا الوقت آتي إلى البيت بعد الدوام الأول لتناول وجبة الغداء، وبعدها أخلد للنوم، وبعدها أستيقظ للذهاب للعمل للدوام الثاني، وأيضا هي دائما ما ترفع صوتها عندما نتناقش في هذه الخلافات، وترفع صوتها وعندما أخبرها أن تتحدث بصوت منخفض تخبرني بأنها لا تستطيع.

هذا: وعندما أخبرها بأن الجيران يسمعون كلامك فتقول لي: لا يسمعون شيئا، وأنا متأكد أنهم يسمعون كل كلامها وبوضوح.

أفيدوني جزاكم الله خيرا، فأنا أصبحت كثير التفكير في أمور كثيرة، ومن هذه الأمور أصبحت أفكر في أنني أخطأت في الاختيار، وكثير من مثل هذه الأفكار أضحت تجوب في خاطري.

لكم مني فائق الاحترام والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد المكي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.. وبعد:

بداية نرحب بابننا الكريم، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح له النية والذرية، وأن يقر عينه بصلاح هذه الزوجة، ونذكره بقول الله تبارك وتعالى: {وأصلحنا له زوجه} ماذا كانوا يفعلون؟ {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين} ونسأل الله تبارك وتعالى أن يديم علينا وعليكم العافية والتوفيق والسداد.

أعتقد أن مدة ستة شهور غير كافية لاكتشاف شخصية هذه الزوجة، ولذلك لابد من التعامل مع الوضع بمنتهى الهدوء، وغالبا الأشهر الأولى بل السنة الأولى فيها مشاكل، وتحتاج إلى وقفات، لكون الرجل والمرأة كل واحد جاء من بيئة مختلفة، بطبائع مختلفة، بنمط حياة مختلف، ويخطئ جدا عندما يحاول كل طرف أن يغير الطرف الآخر ليكون على برنامجه، ويبرمجه على الوجه الذي يريد، ولكن الصواب هو أن يحصل تنازلا من هنا وتنازل من هناك، حتى يحصل اللقاء في منتصف الطريق.

هذه نقطة أرجو أن تكون واضحة، ولذلك الظاهر أنكم تختلفون في أشياء فرعية، وهذا الخلاف يكبر والأصوات ترتفع، وفي النهاية القضية لا تساوي شيئا، هي قضايا ستصلون فيها بحول الله وقوته إلى حل، وستصبح هذه الخلافات ذكريات جميلة مضحكة، وهذا الذي ينبغي أن يحصل، لأن أي مشكلة ينبغي أن تأخذ حجمها وحيزها المناسب، فما بينكم من العناصر والقواسم المشتركة والأمور الجامعة أكبر آلاف المرات من المشكلات التي عرضت الآن والتي تحصل عادة في كل البيوت.

ليست المشاكل أن تحصل في البيوت، ولكن المشكلة في الكيفية التي نتعامل بها مع تلك المشكلات، فمن الناس من يضخم المشكلة، ويظل يومه متوترا لأجل مشكلة صغيرة، والصواب هو أن نحصر المشكلة في إطارها الزماني وفي إطارها المكاني، وأن نصطحب المشاعر النبيلة والنوايا الطيبة، وأن نتجنب سوء الظن عند حصول مثل هذه الخلافات.

عند تأمل هذه النماذج التي ذكرت يلاحظ الإنسان أنها فيها خير وأنها تريد أن تصوم وأنت تحاول أن تمنعها، طبعا الرجل يمنع المرأة إذا كان بحاجة إليها، لكن إذا لم يكن بحاجة إليها وكانت تطيق الصيام فالأفضل أن يجعلها تصوم لله تبارك وتعالى، لأن هذا بمثابة استئذان، فهي لا تصوم وهو حاضر إلا بإذنه، ولذلك أرجو ألا تعطي هذه الأمور أكبر من حجمها.

إذا كانت هي حامل وتريد أن تصوم فهي ستعرف عندما تتعب، عند ذلك ستعود إلى الفطر وتستخدم الرخصة التي أعطاها الله تبارك وتعالى للمرأة الحامل، لأن الحامل كما قال ابن عباس: (وهل هناك مرض أشد من الحمل)؟

المسألة تحتاج منك إلى صبر وتعامل مع الوضع بهدوء، والغريب أنها وهي التي تحرص على الصيام تشاهد المسلسلات، هذه المسلسلات التي يجتمع فيها مجموعة من الكذابين والكذابات والدجالين والدجالات والفاسقين والفاسقات ليطرحوا قضية ربما كان جزءا يسيرا منها حقيقي والباقي وهمي عبارة عن كذب في كذب.

يؤسفنا أن بعض الناس فعلا يتواصل مع هذه المسلسلات والمتابعة لها، ولو كانت في أوقات متأخرة، ليكون الثمن هو التأخر في صلاة الفجر أو التقصير في بعض الواجبات، والعلاقة وثيقة بين مشاهدة المسلسلات والسهر فيها وبين التقصير المذكور تجاه بيتها وأسرتها.

لكننا دائما مثل هذه الأمور ينبغي أن نعالجها بهدوء، ولابد أن تدرك أن المرأة عقلها صغير، وأن الرجل هو الذي ينبغي أن يصبر عليها، قال تعالى: {وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا} قال ابن كثير: هي المرأة يصبر عليها زوجها فيرزقه الله تبارك وتعالى منها الوالد الصالح.

نحن نوصيك بالصبر والمداراة وحسن التعامل، والملاطفة لهذه الزوجة، فإن الزوجة العنيدة أيضا لا نقابل عنادها بعناد.

ومسألة رفع الصوت يبدو أنها مسألة طبيعية وهي حيلة الضعيف، وهذا مما ينبغي أن يعرفه الرجال، فإن المرأة عندها خمسة طبقات بخلاف الرجل الذي لا يملك إلا ثلاث طبقات من الصوت، فهي تتكلم وهي الضعيفة، فدائما الضعيف تجده يرفع صوته ويصيح ويصرخ، والمرأة كذلك ضعيفة.

أيضا هي لا تشعر بنفسها عندما يرتفع الصوت، ولذلك لعلك لاحظت أنها أنكرت، وقالت إن الجيران لا يسمعون صوتها، هذا من طبعها ومن طبع سائر النساء.

إذا رفعت صوتها فلا ترفع صوتك، ولكن بمنتهى الهدوء تقول لها: (لو سمحت أنا قريب منك خفضي الصوت) بهذا اللطف وبهذا النوع من الكلام دون أن يكون هناك إساءة أو جرح للمشاعر.

لذلك أرجو أن تنتبه لهذه المسائل وتحاول أن تذكر هذه الزوجة بمحاسنها، بصيامها، بصلاتها، ثم تدعوها إلى أن تقوم بأداء العبادات التي شرعها الله تبارك وتعالى، وأنه إذا حصلت مشكلة ينبغي أن تختار الوقت المناسب والألفاظ المناسبة لتناقشك فيها.

الأفكار التي تجول في خاطرك ينبغي أن تبعدها تماما، وينبغي أن تدرك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر) إذا كان في هذه الزوجة بعض العيوب التي ظهرت لك، فينبغي أن توقن أن فيها بعض الإيجابيات الكثيرة، وهكذا الرجال والنساء.

لذلك هذا من إعجاز هدي النبي – عليه صلوات الله وسلامه – فالإنسان إذا كره من زوجته خلقا رضي منها آخر، فمن الذي ما ساء قط، ومن الذين له الحسنى فقط، إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث، وكثير من الناس ربما اختلف مع زوجته وطلقها فلما يتزوج الثانية أو الثالثة يدرك أن النساء نمط واحد وأنهن ناقصات عقل ودين يحتجن إلى شيء من الرعاية، لأن جرعة العاطفة زائدة، فجرعة العقل ناقصة وجرعة العاطفة زائدة.

ينبغي أن نتعامل مع مثل هذه الأمور بمنتهى الهدوء، ونسأل الله أن يستخدم الجميع في طاعته، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجه الكريم، وأن يؤلف على الخير قلوبكم، وأن يصلح ذات بينكم.

مواد ذات صلة

الاستشارات