أشعر باليأس من الحياة، فهل من سبيل للتغيير؟

0 568

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أتمنى من حضراتكم أن ترشدوني وتوجهوني التوجيه الصحيح ومساعدتي؛ لأن الملل واليأس أصبحا عنوانا لحياتي.

أنا أعلم أن لدي مشاكل نفسية بداخلي منذ زمن، ولكني اعتدت على الكتمان لخجلي ولظني أنه بمرور الوقت سأنسى، ولكن مع الوقت أصبحت لا أفكر إلا في الماضي وأثره، ويا ليتني أعود طفلة، ودائما ما أبكي عندما أكون بمفردي!

مشاكلي بدأت عند دخولي إلى عالم الإنترنت منذ سن الـ ( .. ) تقريبا، وكنت أتعرف على أناس جدد وأظن أني أكتسب أصدقاء وأخبرهم أن عمري ( .. ) وكانوا يصدقوني.
المشكلة أن قلبي كان تعلق بأحدهم وعبر لي بعد حديث سنة أنه يحبني وأنا صدقته؛ لأني شعرت بأن الحب إحساس جميل مع أنني كنت أبتعد كل فترة وأتوب حتى تركته بعد سنة، وبعد ذلك في المرحلة الثانوية تعرفت على صديقات وكن سبب مأساتي، علموني أشياء لم أكن أريد أن أنخرط فيها، وأصبحت مدمنة للأفلام الإباحية والعادة السرية.

وواحدة منهم عرفتني على قريب لها من باب التسلية حتى تطور الكلام بيننا في الهاتف ووعود بالزواج، وتعلقت به جدا فلم أتخيل حياتي دونه مع أنه من بلد أخرى، ولكنه بدون مقدمات وبعد عامين ونصف تقريبا تركني وغير رقم جواله ولم أستطيع الوصول إليه، حتى فوجئت في يوم أنه قام بخطبة صديقتي التي عرفتني عليه مع أنه طلب مني الابتعاد عنها؛ لأن سمعتها وتصرفاتها كانت لا تعجبه، طبعا صدمت ولم أكن قريبة من الله وتاركة للصلاة إلا كل فترة، وأصبحت لا أصادق أحدا.‏

حتى جاءت مرحلة الجامعة وانتقلنا إلى بلد أخرى وعالم مختلف، ولم أتخيل أن أقدر على الدراسة في الجامعة وهي مختلطة، وكنت انطوائية ولا أصادق أحدا، ودائما ما أشعر بالوحدة، فأستغل ذلك بمشاهدة الأفلام الإباحية والعادة السرية، جربت أن أعوض قهري على من أحببت، ولكن عن طريق النت وأصبحت أتعرف على شباب حتى أسمع منهم الاهتمام والحب، منهم من تعلق بي أو تعلقت به حتى أتركه وأتوب، ثم أعاود نفس الأمر فأصبح قلبي أسود لا أعود حتى تعرفت بأحدهم، وطلب مقابلتي وقابلته وتحدثنا وخرجنا عدة مرات، وأنا بالأصل أسكن بعيدا عن أهلي، قررت بعد سنة ونصف من تعرفي به أو سنتان أن أتركه ولو كان من نصيبي سيرزقني الله به.

المشكلة أني عدت له لأنه كان يملأ إحساس الفراغ بداخلي، ووعدني بالزواج وأصبحنا للأسف نتحدث في أمور جنسية، تطورت يوما بعد يوم، ثم تركني فجأة بعد أن كلم والدي مرة واتفق أنه سيأتي ليخطبني، وحاولت أن أصل إليه حتى علمت من أحد أصدقائه أنه خدع الكثيرات وأخذ منهن شرفهن، وأخبرني أنه بالأصل خاطب وكان يتسلى، وفتحت إيميله ووجدت تاريخ المحادثات، أحاديث غريبة عن الفتيات ومعهم وألفاظ غريبة، فصدمت ولم أخبر أحدا.

وفشلت في دراستي الجامعية وأصبح أرسب ووالدي استغربوا حالي لأني في المدرسة كنت من المتفوقات دائما، أنا أعتقد أن فشلي في كل شيء في حياتي بسبب ذنوبي والمعاصي وتعلقي بحب حرام، فأنا لا أستطيع السيطرة على شهوتي، كلما تبت ودعوت الله أن يرزقني الزوج الصالح أبكي لأني أعلم أني اعتدت على المعصية والطيور على أشكالها تقع، كلما تبت أرجع وكلما بدأت دراسة أفشل.

أشعر أني أدور في حلقة مفرغة، حاولت الانتحار أكثر من مرة ولم يحدث شيء، فأصبحت أدعو الله أن يأخذ روحي لأني أخاف أن أصبح أفجر من ذلك مع الأيام، فنفاقي يغلب على نفسي الحقيرة، أشعر أن كل من حولي يتطورون وأنا بمكاني لم أجلب سوى العار لأهلي ولا أحد يدري عني.

فأصبحت الآن انهزامية ولا أعطي نفسي حتى فرصه لأرى قدراتي في الجامعة مع أن تخصصي علمي بحت ويحتاج لمجهود، ولكن أشعر أنني مهما فعلت فسأفشل، أبي أصبح يسألني ماذا يرد على الخطاب، وأنا أرفض لأني أعلم أني سأظلمه أو سيكون سيء مثلي فاقع في شر أعمالي، فهل من سبيل للتغير؟ ‏ 

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نيرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك - أختنا الفاضلة - في موقعك إسلام ويب، وإنا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به.

أختنا الفاضلة: لا شك أن ما وقعت فيه من معاص أمر لا ينبغي أن لمثلك وأنت الأخت المتدينة المثقفة ذات الأصول، ما كان ينبغي أن تقعي أخت نيرة في ذلك، ولكن أختلف معك في نظرتك البائسة للحياة.

إن الذنب - أختنا الفاضلة - لا ينجو منه أحد، فما من أحد معصوم، والله عز وجل قد فتح باب العودة لكل مخطئ فهو غافر الذنب وقابل التوب، واقرئي قوله تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) [الزمر:53]، فهذه الآيات تشرح صدرك وتزيل همك وغمك، وتجلب سعادتك، فلا تقنطي ولا تيأسي من المغفرة، ففي الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها).

فالله سبحانه ما سمى نفسه توابا إلا ليتوب علينا، وما سمى نفسه غفورا، إلا ليغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، فهنيئا لك بهذه الرغبة في التوبة والعودة إلى الله غافر الذنب، فمهما بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرت غفر الله لك على ما كان منك؛ شريطة أن تكوني مقبلة عليه راغبة في التوبة.

إن الشيطان - أختنا الفاضلة - لا يرضيه توبتك واستقرار نفسيتك، بل يؤلمه ويحزنه تصالحك على الله عز وجل، ولذلك يجتهد في صرفك عن الطريق الصحيح بمثل تلك الوساوس، ويحاول جهد طاقته تيأسك من الحياة والمستقبل، وهذا دربه ووسيلته. وقد أخبر الله عز وجل من صفات الكافرين اليأس من روح الله قال تعالى:{ ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}، ومن محاولاته معك تضخيم ما فعلت من ذنب، وأهل العلم يقولون العبد الصالح لا يقول يا ربي ذنبي كبير وإنما يقول يا ذنب ربي كبير، وفارق هائل بين الأمريين.

أختنا الفاضلة : التوبة تجب ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، فلا ارتباط بين الخاطب القادم وما أذنبت، فالله عز وجل لا ينتقم من عباده، فهو العفو الغفور الودود.

وأحب أن ألفت انتباهك -أيتها الفاضلة- إلى أن السبب الرئيس بعد غياب التدين وإقبالك على ربك : وجود الفراغ الذي أدى إلى الفراغ العاطفي، وعلاج ذلك -أيتها الفاضلة- يكمن فيما يلي:

- انظري إلى الحياة بطريقة أكثر منطقية، فعليك أن تستثمري وقتك بصورة صحيحة، وأن تتعاملي مع الواقع بنضج ومسؤولية، وهذا يكون بجدولة حياتك ومعرفة الأهم والمهم، وكيفية الوصول إلى كل هدف، مع تحديد كل هدف بدقة.

- ينبغي تغير نظرتك للمستقبل أختنا، أنظري إليه بكبير أمل وعيشي حاضرك بتذكر أسباب القوة التي أوجدها الله فيك، ونسيان ما ألم بك والتغافل عنه، ويقال يا أختنا أن للأخطاء ميزة واحدة ، أنها تعلم الإيجابي عدم الوقوع فيها مرة أخرى.

- أريد أن تتصاحبي على أخوات صالحات وأن تملئي الفراغ بعد المذاكرة بما هو مفيد: من النوافل وقراءة القرآن والذكر، فهذا سوف يساعدك إن شاء الله كثيرا.

أقبلي -أختي الفاضلة- على ربك وأقبلي علي توبتك ولا تلتفتي لوساوس الشيطان، واتركي المستقبل لربك واستغفريه، واعلمي أن التوبة لها علامات يمكنك أن تراجعي تلك الاستشارات، ومنها كيفية التوبة من الذنوب 255977 - 54902 - 254887 - 16287 - 234641.

وفقك الله أختنا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات