السؤال
مستشاري الفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، وبعد:
عمري 25 سنة متعلمة، مثقفة اجتماعية، ومتدينة -ولله الحمد- تزوجت قبل سنة، وطلبت خلعا من زوجي بسبب اكتشافي (بعض الأمور) التي جعلتني وبقوة أن أنفصل عنه، والآن عقد قراني من رجل موظف، ومن عائلة طيبة, علما بأنه أعزب وأنا مطلقة، وزواجي بإذن الله بعد شهرين, لكن ما يؤرقني ويضايقني كثيرا, أنني لم أستطع أن أتقبله, أشعر أنه لم يملأ عيني, وأشعر أنه ليس الرجل الكفؤ لي, أريد أن أشعر بالأمان والراحة النفسية تجاهه، فإذا زارني في البيت بين الحين والآخر, أحاول أن أتعرف عليه أكثر، أحاول أن أفهمه, أوجه له بعض الأسئلة فيتضايق مني، ويقول أنت ترين الرجال بنظرة وسواسية (ستعرفيني بعد الزواج أكثر)!
لم يعطني المجال أن أعرفه، وأفهمه أكثر، وإنما يقول بعد الزواج ستفهميني وسترتاحين معي, كنت أتمنى أن هذه الفترة نستغلها في فهم بعضنا البعض, ولكنه غير مهتم إلا بليلة الفرح يريد الكل أن يثني عليها، ويمدحها فقط, حتى اتصالاته أصبحت بالنسبة لي مملة جدا، هو في واد، وأنا في واد آخر!
كل ما أتكلم له عن الحياة الزوجية، وأنها حياة حلوة، ولكن بنفس الوقت مسئولية، ولا تخلو من المشاكل وهكذا ..! يقاطعني ويقول: أنت الآن تخوفيني من الزواج وتهربيني منه, وكلامه وأسلوبه وحركاته لا تبشرني بخير، ويحسسني أنه ليس معه عقل، أحيانا ألاحظ تصرفاته لا تعجبني أبدا, ويضيق صدري منه.
لا أبالغ إذا قلت إنني لم أر فيه معالم الرجولة على الإطلاق، حركاته وأسلوبه وكلامه تجعلني أنفر منه، فأنا في حيرة من أمري، قلق، وتوتر، إجهاد نفسي. وتفكير متواصل لدرجة أنني لم أعد أشعر بلذة النوم من بعد ما عقد قراني من هذا الرجل.
هل أطلب الانفصال من الآن أي قبل الزواج؟ أم ماذا ؟ لا أريد أن تتكرر الكرة لي من جديد، فلا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، ونفسيتي أصبحت على شفا حفرة، لا أعلم مصيري، أرجو المساعـدة.
أســـأل الله أن يجعل مقركم الفردوس الأعلى من الجنـة.
إضافة: مستشاري الفاضل: لا أدري، هل التفكير الذي يراودني سلبي على حياتي ومستقبلي أم ماذا؟!
رسمت في مخيلتي, ذاك الرجل العاقل المتزن المتدين، وبإذن الله سأرزق به يوما ما دمت متفائلة به وبقوة؟ لكن لم يتحقق حلمي تزوجت، ومن ثم طلبت خلع؛ لأني لم أستطع تقبله .. من نواح كثيرة, لو أذكرها لن تلوموني.
الآن عقد قراني من رجل آخر لم يسبق له الزواج، ووالله إني لم أستطع تقبله هو أيضا, ليس فيه معنى الرجولة التي أراها في أي رجل آخر، لم يملأ عيني, بسبب تصرفاته وحركاته الغير لائقـة, لم يعطني مجالا أن أفاتحه في مواضيع حياتنا المستقبلية, أشعر أنه ليس كفؤا لي، لا أدري بدأت أشك في نفسي، هل تفكيري دائم بالرجل العاقل المتزن المتدين هو العيب؟ أم إلى الآن لم أحظ بالرجل الذي يناسبني؟
وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غلا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.
أنا أشكر لك أولا اهتمامك باختيار الزوج الصالح في الرجل المتدين، ولكنني أصارحك القول بأنني فهمت بأنك مثالية جدا في المواصفات التي تطلبينها في الرجل، وهذه المثالية قد تسبب لك كثيرا من الأرق والقلق، فإنه لن يملأ عينيك أحد من الرجال؛ لأن صفة الكمال لا تجتمع في الإنسان.
ومن ثم فلا بد من النظر إلى الجوانب الإيجابية في الإنسان وسلبياته، ثم يحكم للأكثر منها، ونحن لم نر فيما ذكرت من صفات هذا الزوج ما يستوجب النفرة منه أو بغضه وكراهيته، فمجرد أنه يعدك بالارتياح بعد الزواج، وأنه يهتم بما يطلبه الإنسان عادة من الزوجة لا سيما في هذه الفترة من الزواج – أي قبل الدخول – كل هذا لا ينبئ عن شخص غير سوي، ولا ينبئ عن شخص لا يصلح أن يكون زوجا.
ومن ثم فنصيحتنا لك أن تبعدي عن نفسك هذه الأفكار، وأن تعلمي جيدا بأنه ما دام قد تم عقد الزواج، فإنه لا ينبغي أبدا أن تسألي الطلاق لغير مبرر شرعي، فإن هذا مع ما فيه من ضرر ديني عليك هو أيضا قد يصيبك بأضرار دنيوية بالغة، فيؤدي ذلك إلى نفرة الناس منك، وانطباعهم عنك أنك لا تصلحين زوجة، ولن تقومي بمسؤولية أسرة، إلى غير ذلك من الانطباعات السيئة التي قد تتكون في أذهان الآخرين حولك.
ولذا فنصيحتنا لك - وهي نصيحة من يحب لك الخير ويتمنى لك السعادة – أن تتعاملي مع الأمور بنوع من الجدية، وأن تعطي الأمور حقها من الدراسة والنظر، وأن تعلمي بأنه لا يمكنك أبدا الحصول على زوج مكتمل الصفات والهيئات، وما ذكرته عن زوجك هذا نحن نرى أن فيه صفات كثيرة يدعوك للتعلق به وعدم التفريط فيه، إذ ليس كل الأزواج بهذه الصفات من الليونة والرفق بزوجاتهم، ولا ينبغي لك أبدا أن تصنفي هذه الأخلاق على أنها ليست من الرجولة، فربما جعل الله عز وجل سعادتك الزوجية في هذه الصفات التي يتحلى بها زوجك.
نصيحتنا لك أيتها الكريمة أن تستمري على ما أنت عليه من الزواج، وألا تفكري في الانفصال عن زوجك، ما دام ليس ثم ما يدعوك إلى الانفصال عنه من الضرر، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة)، فاحذري أن تقعي في المخالفة الشرعية أولا، ثم الجناية على مستقبلك وحياتك بمثل هذه الأوهام التي أنت تتصورينها.
نحن ننصحك ثانية أيتها الكريمة بأن تكملي مشوارك الذي بدأته بحياتك مع هذا الزوج، وننصحك ونتمنى أن تقبلي هذه النصيحة وتعملي بها بجد، ننصحك أن تتعرفي عن حقوق الزوج على زوجته، وما هو دور المرأة الصالحة، وما هي الصفات التي ينبغي أن تتحلى بها الزوجة، وكيف تستطيع المرأة أن تكسب زوجها، إلى غير ذلك من المسائل المهمة التي أنت بحاجة إلى أن تؤهلي بها نفسك لتكوني زوجة صالحة قادرة على القيام بهذه المسئولية، سكنا لزوجك، وربة لبيتك، وبهذا ستحصلين بإذن الله تعالى على سعادتك العاجلة والآجلة في دنياك وآخرتك.
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان.