السؤال
السلام عليكم ورحمة الله..
عمري32، وتقدم لي شخص أكبر مني بسنتين، وليس لدي أي مشكلة في أنه مطلق، وعنده طفلان، ولم يكمل الثانوية، وتم عقد القران، وتحديد موعد الزفاف بعد 3 أشهر.
أنا في حيرة بسبب عمري الذي أجد معه فرصة ضئيلة جدا، وخصوصا إذا حدث الطلاق سيكون الوضع أصعب، وكان أساس اختياري له أني لم أجد فيه عيبا كبيرا، وهو رجل عادي لا يدخن، ويصلي، ولم أحب شكله أبدا عندما رأيته، والآن عندما أتحدث إليه لا أحب كلامه، وأجد فيه شيئا لا أعرف أن أعبر عنه، في طريقته عند حديثه عن إخوته، فهو يمكن أن يتحدث عنهم، وعن بعض خصوصياتهم، وأظن أنه لا يجب عليه أن يحدث بها.
لا أعرف ما أقول، أحس بأن ليس لديه غيرة، ومتساهل في موضوع الحجاب، أخشى أن ما نتحدث به يحدث به أناسا آخرين، ويحاول الظهور بمظهر الذي يعرف كل شيء، ولكن العكس هو الصحيح، فهو ذو شخصية ضعيفة.
استخرت ربي كثيرا قبل قبولي به، وأريد منكم نصحا وتوجيها، وهل قبولي به خطأ؟ وهل كان يجب ألا أقوم به؟ وإلى أي مدى يكون التنازل عند الاختيار؟ فأنا لم أرتح له منذ البداية، ولم يعجبني حديثه، ولم يجبرني عليه أحد، ولكن خوفي من الندم في المستقبل هو ما دفعني إلى ذلك، وأرى نفسي لو كنت أصغر من عمري الآن بضع سنين ما كنت قبلت به.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ خديجه حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك ابنتنا الكريمة في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، فهو ولي ذلك والقادر عليه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.
وأعجبني أنك قلت قبلت بهذا الرجل لأني لم أجد فيه عيبا، فهو يصلي، وهو كما قلت إنسان عادي، ونحسب أن الأمر فيه خير كثير، طالما تم الاختيار، وتم تحديد موضوع الزواج، ونريد أن نقول لك هذه الأشياء التي وجدتها فيه من طريقته في الحديث، أو كذا أمور قل أن تنعدم في الناس، فإنه ما من إنسان إلا وفيه إيجابيات وعنده سلبيات، فاجعلي نظرتك إليه شاملة، انظري إليه من كافة الجوانب، فكونه يصلي، وكونه إنسانا عاديا، كونه لا يدخن، هذه من الإيجابيات.
ثم ضعي الإيجابيات بجوار السلبيات، وتذكري أنه ما من إنسان رجلا كان أو امرأة إلا وفيه نقص، إلا فيه عيب، فمن الذي ما ساء قط، ومن الذي له الحسنى فقط، وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث.
واعلمي أن الرجل الذي سعى إليك بنفسه، ورغب فيك، وطلب يدك، ما جاء إلا عن معرفة، خاصة وأنه إنسان مطلق، لا يخوض تجربة الزواج أيضا إلا وهو يعرف أن فيك خيرا، فاثبتي على ما أنت عليه من الخير.
وأسعدني أيضا، وأعجبني النظرة الشاملة التي تنظرين بها إلى الوضع، فإنك تقولين أن الفرص نادرة، وأيضا السن تقدمت، والإنسان ما ينبغي أن يضيع مثل هذه الفرص، وأنت ولله الحمد لا تجدين مشكلة في أنه مطلق، فليس عيبا في المطلق، ولا في المطلقة، ونحن نريد أن نصحح مفاهيم المجتمعات، فالصحابة فيهم من طلق، وفيهم من طلقت من الصحابيات – عليهم من الله الرضوان – وهذا لا يعتبر نقصا، لأن هذا من شريعة الله تبارك وتعالى.
وليس الأمر كما ننظر نحن بكل أسف كمجتمعات الآن، والمطلقة ما كانت تجلس أو تتأخر في زواج آخر، ولا المطلق ما كان يجلس أو يتأخر في أن يتزوج بعد ذلك، لأن المجتمع يدرك هذا، سبحان الله هذه الأمور يقدرها الله تبارك وتعالى، فقد يتزوج رجل بامرأة ولا يحصل الوفاق، فالشريعة هي الطلاق إذا تأزمت الأمور وبعد ذلك {وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته}.
فإذن ينبغي أن تنظروا للأمور بهذه السهولة، وبهذا الوضوح، وبهذا النضج الواضح - إن شاء الله - من خلال ما كتبت، واعلمي أن الحياة فرص، وأن الإنسان ما ينبغي أن يضيع الفرصة التي تأتيه، وعليك أن تتذكري محاسن هذا الرجل، وأنه اختارك، وتذكري أن العبرة في الرجل ليست في شكله، وإنما برجولته، ومكانته، وتواصله مع الناس، وفي قدرته على التعامل وتحمل المسؤولية، وهذه الأمور هي المهمة.
وأحسب أن الرجل الذي تزوج، وله بنيات، وجاء ليخطب أخرى، يدرك ويعي ما يفعل، لأن الفترة الماضية، والتجربة الأولى، كفيلة بأن تعلمه الكثير من الأشياء.
فوجهة نظري أن تتوكلي على الله تبارك وتعالى، وأن تتركي التردد، وتحاولي قبول شخصية هذا الرجل، وذلك بأن تتذكري محاسنه، وتتذكري ما فيه من إيجابيات، وتتذكري أن العبرة في الرجل ليس بشهاداته ولا في وظيفته، ولكن العبرة بحسن تواصله مع الناس، وبحضوره الفاعل في مجتمعات الناس، وبإيجابياته في التعامل مع قضايا الناس، وهذه هي الأشياء التي نبحث عنها، وأعتقد أنها موجودة في هذا الرجل الذي كان ينبغي أيضا أن يكون لأهلك وأوليائك دور في السؤال عنه، والاستفهام عن أحواله، لأن هذا هو واجب الأولياء، فالمرأة قد يصعب عليها السؤال، والتعرف على كل صغيرة وكبيرة، ولكن ينبغي لمحارمها أن يقوموا بهذا الدور.
ونعتقد أنك لم ترتكبي خطأ، ولكن الخطأ سيكون في استعجال إنهاء هذه العلاقة، وهذا ما نعتقد أنه خطأ كبير، لأنك الآن - لا قدر الله - إذا حصل رفض، فإن الناس سيتساءلون ما هي أسباب الرفض؟ ما العيب الذي وجده فيها؟ ودائما مجتمعاتنا ظالمة، تجعل العيب في البنت، ولا تجعل العيب في الرجل.
لذلك أنا أقول: لا تفكري في مثل هذا القرار البتة، وحاولي إكمال المشوار، واستأنسي برأي أهلك الذين يبدو ويظهر أنهم وافقوا على هذا الرجل، وليس عندهم اعتراض، وهذا دليل على أن الموقف إيجابي، ونتمنى أن نسمع عنك الخير.
وكل مؤشرات السؤال أنك لم تجبري عليه، وأنه إنسان عادي، وأنه إنسان يصلي، وأنك كنت طبيعية في التعامل معه، فهذه كلها أمور طبيعية، وأيضا نريد أن نقول: إنه من المعروف أنه كلما اقترب موعد الزفاف فإن النفور والإشكالات تزداد، وهذا الشيطان له علاقة بهذا، لأن الحب من الرحمن، والبغض من الشيطان، والشيطان لا يريد أن نتزوج بالحلال، وإنما يريد الناس بلا زواج، حتى يقعوا في الفواحش، ويقعوا فيما يغضب الله تبارك وتعالى، فالضيق الحاصل، والخوف والارتباك هذا طبيعي في هذه الفترة، لأن الإنسان مقبل على خطوة جديدة، ولكن كل هذا يتلاشى مع أول ليلة سعيدة تقضيها المرأة مع زوجها، ويقضيها الزوج مع زوجته، وتبدأ هناك الحياة الجديدة بما فيها من جمال، وكمال، ولذة، ومتعة، وانتظار العيال، والأمل من الله تبارك وتعالى.
فأقبلي على زوجك بروح جديدة، وبأمل جديد، وبثقة في الله تبارك وتعالى المجيد، ولا تستمعي لكلام الآخرين، فإنك تستطيعين إن كنت صالحة ولك شخصية أن تؤثري على الرجل، والمرأة تملك وسائل كبيرة للتأثير على الرجل من ناحية إيجابية، ويمكن أن تكلميه بلطف من أن هذه الأحاديث الخاصة لا يتوسع في الكلام فيها مع عامة الناس، ولا مانع من إشارات لطيفة حتى لا يقول هذا الكلام للآخرين، أما أنت فالشرع يطالبك بأن تحافظي على ما سمعت.
كما أن هذه الفترة قبل الدخول يكون فيها شوق، وإذا كثر الكلام فبعد الصدق يأتي الكذب، وبعد أن ينتهي الكلام المهم يأتي الكلام غير المهم، فلا أظن أن هذا معيارا ومقياسا للحكم على شخصية الرجل بصورة صحيحة.
ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير، وسوف نكون سعداء بتواصلك مع الموقع، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، هو ولي ذلك والقادر عليه.