السؤال
السلام عليكم
أنا شاب عمري 35 سنة، أعاني منذ الصغر بضعف الشخصية، والخوف من مواجهة الناس، والخجل بشكل كبير، وعندما أحدث أي شخص غريب عني يصاب وجهي بالإحمرار, وأشعر بعدم الرغبة من مواجهة الناس، وبضعف في الشخصية، وضعف الثقة بالنفس، وكنت أعاني من التبول اللاإرادي ليلا حتى سن 15 سنة!
ولا زلت أعاني من الخوف من مواجهة الناس حتى الذين يسيئون إلي!
أرجو منكم إفادتي بما يقوي شخصيتي، ويخلصني من الخجل، والرهاب الإجتماعي، والتوتر الشديد من مقابلة الناس.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإن المخاوف بصفة عامة هي نوع من أنواع القلق ولها عدة أنواع وأقسام وجزئيات، منها ما يعرف بالخوف الاجتماعي، والخوف الاجتماعي في جله له مكونات نفسية بأن يشعر الإنسان بعدم الارتياح عند المقابلات الشخصية، ويحاول الإنسان جل جهده أن يتجنب هذه المواقف، وبعض الناس يصل بهم الأمر لدرجة أنه لا يستطيع أن يصلي مع الجماعة أو لا يستطيع أن يأكل في مطعم عام مثلا.
الأعراض الفسيولوجية – أي الجسدية – من نشاط في الجهاز العصبي اللاإرادي قد تظهر في شكل انشداد عضلي واحمرار في الوجه، ينتج هذا الاحمرار والتورد من زيادة في تدفق الدم في بعض الجسم كالوجه وكالأحشاء وبعض المناطق الأخرى خاصة المناطق العضلية.
فإذن هذا الذي تعاني منه هو ظاهرة قلقية، وأنا أؤكد لك أن شعورك بالقلق والخوف، والتغيرات الجسدية فيه مبالغة، يعني أن هذه الأعراض هي موجودة، ولكنك تتحسسها بحجم أكبر من حجمها الحقيقي، وهذه إشكالية كبيرة رئيسية لدى الذين يعانون من الخوف الاجتماعي، ولذا نحن دائما ننصح وكوسيلة من وسائل العلاج أن نصحح لهم المفاهيم.
الإمام الذي يحس بأنه يتلعثم حين يؤم الناس نقول له: (هذا ليس صحيحا، قراءتك جيدة وممتازة، نعم قد يأتيك الشعور بشيء من التردد في بداية القراءة) الشخص الذي يقابل المسؤول، ويعتقد أنه سوف يسقط أرضا، هذا نؤكد له أن ذلك ليس صحيحا، وهكذا.
حالتك مقترنة بالتبول اللاإرادي، والتبول اللاإرادي هو أحد مؤشرات وجود المخاوف، وافتقاد الأمان النفسي في مرحلة الطفولة، هذا ربما يكون عاملا لهذه المخاوف.
دراسات كثيرة جدا أشارت أن حوالي أربعين بالمائة من الذين يعانون من التبول اللاإرادي لديهم مشاكل في قبول التواصل الاجتماعي على المستوى الدراسي، وبعضهم يصاب بالخوف الاجتماعي.
الحالة يمكن علاجها والشرح الذي ذكرناه لك مهم جدا، لأن إلمام الإنسان ما به، وما يعاني منه وتفهمه هو علاج في حد ذاته، هذا أولا.
ثانيا: من المهم جدا تحقير مبدأ الخوف هذا، وكما ذكرت لك أن احمرار الوجه والشعور الغريب الذي يأتيك حين المواجهات فيه مبالغة، وهو ليس بالحجم الذي تتصوره.
ثالثا: يجب أن تتجاهل تجاهلا تاما هذه المشاعر.
رابعا: أكثر من المواجهات، وهذه المواجهات يمكن أن تكون تدريجية، ابدأ بمن تألف وبمن تحب من الأخوة، والأصدقاء، والجيران، والمصلين، وسوف تجد نفسك وسعت من شبكتك الاجتماعية، ومن ثم بدأ الخوف يتلاشى.
دراسات كثيرة جدا أشارت أن التواصل الاجتماعي الجمعي – بمعنى أن يكون الإنسان مع آخرين من خلال أنشطة معينة مثل حضور صلاة الجماعة والانخراط في الأعمال الخيرية والاجتماعية والثقافية، وممارسة الرياضة الجماعية – هذا فيه إضافة قوية جدا للتخلص من الخوف الاجتماعي.
خامسا: هنالك نقطة مهمة جدا، وهي أنك وصفت نفسك بضعف الشخصية، وقلة الثقة في النفس.
أرجو أن تصحح هذه المفاهيم، هذه المفاهيم مفاهيم خاطئة، فأنت لست بأقل من الآخرين، ومجرد القلق هو الذي جعلك تشعر بذلك، وأنا أؤكد لك أنك في نظر الآخرين لست بضعيف الشخصية، فإذن حكمك على نفسك من الأولى أن يكون إيجابيا قبل حكم الآخرين عليك، فاحكم على نفسك بأفعالك وليس بهذه المشاعر السالبة.
أخيرا: العلاج الدوائي مفيد جدا، وممتاز جدا، ومتوفر جدا، وهو سليم جدا، وعقار مثل سيرترالين – وهذا اسمه العلمي، واسمه التجاري هو زولفت أو لسترال، وربما يسمى بمسميات تجارية أخرى في فلسطين – أرجو أن تتحصل عليه وتبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما – تناولها ليلا بعد الأكل، استمر عليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة ليلا بعد الأكل، واستمر عليها لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين ليلا، وهذه هي الجرعة العلاجية - أي مائة مليجرام – تستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة ليلا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذا دواء ممتاز، ودواء سليم، وغير إدماني، وسوف يفيدك كثيرا ويسهل عليك كثيرا الانخراط في الإرشادات السلوكية التي ذكرناها لك.
تطوير المهارات الاجتماعية بسيطة ومهمة، بأن تنظر إلى الناس في وجوههم، وتذكر أن تبسمك في وجوه إخوانك صدقة كبيرة، وأن تحيي الناس بشيء من البشاشة، وأن تكون دائما في الصفوف الأولى، هذه كلها جيدة، وفيها خير كثير جدا.
هنالك أيضا تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، وإليك بعض الاستشارات التي تشير إلى ذلك وأرقامها كالتالي (2136015) ، فأرجو أن تكون حريصا على اتباع التعليمات والإرشادات الخاصة بهذه التمارين، حيث إن فائدتها لعلاج القلق – خاصة قلق المخاوف – أثبت تماما عمليا وبحثيا.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.