الخجل والهدوء وعدم الكلام خارج المنزل.. ما تفسيره؟

0 638

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا إنسانة خجولة جدا وهادئة عندما أكون خارج المنزل, لا أتكلم كثيرا ولا أحب أن أبدأ بالكلام مع أحد، أشعر كأني شخص آخر خصوصا عندما أرى كيف أتصرف وأنا في المنزل، لا أتصرف على طبيعتي، وأفكر في الشيء قبل أن أقوله.

لست كذلك مع الجميع، فعندما أكون مع بعض صديقاتي أتصرف بحرية معهم وأحادثهم بصوت عال إذا أردت، ولا أبالي في الناس الذين حولي، لكن مع الآخرين لا أجد موضوعا أتكلم فيه معهم، وأقول في نفسي: لقد ملوا مني، يجب أن أقول شيئا، فأبحث عن موضوع مناسب لكن لا أجد!

هناك أناس يجعلونني أتكلم لأنهم اجتماعيون عكسي، لذلك فهم يعرفون كيف يجعلوني أتكلم معهم، لكن إذا قابلتهم في اليوم الآخر لا أدري لماذ لا نتكلم! أنا أنتظرهم أن يبدؤوا بالسلام وهم لا أدري لماذا أشعر أنهم يتجاهلونني! اعتقدت أن ملامحي توحي لهم أني لا أريد التحدث أو شيئا كهذا، لا أدري!

لقد قال الكثيرون أنني صامتة، واستغربوا هدوئي الغريب, لقد سئلت مرارا: لم أنا صامتة ولا أحدثهم؟ والكثير منهم أرى ذلك في وجوههم، فأنا أستطيع أن أجلس في مكان واحد دون أن أنطق بشيء مهما يحدث حولي، ولا أبين أي ردة فعل حتى لو التفاتة، لم أكن كذلك في صغري، فقد كنت جريئة وأتصرف بعفوية، لكن الآن فأنا أحسب لكل حركة وأحللها وأفسر تصرفات الناس من حولي، وأصبح هذا الشيء شغلي الشاغل، فلا أفكر إلا بمشكلتي هذه، ولماذا لا يحدثني الناس الذين من حولي؟

فكرت كثيرا، وقرأت، واستشرت أناسا قريبين مني، و لم أتوصل إلا لسبب واحد هو تفكيري؛ لأني عندما أرى شخصا أعرفه أفكر إذا يجب علي السلام أولا أو لا، وبهذا قد يكون الشخص قد ذهب. وأيضا أنا تفكيري منطقي لدرجة كبيرة، وهذا يزعجني ويضعني في مواقف محرجة، فأنا دائما أظن أنني على صواب، وأجادل الناس على موضوع ما ، وفي الأخير أصبح أنا المخطئة، وإذا أردت البدء بالحديث مع شخص ما أقول لنفسي: لم أحدثهم بالأمس فلماذا أحدثهم اليوم؟ و أشياء أخرى كهذه ، مع العلم أنني أعيش في بريطانيا، وقضيت طفولتي في الإمارات ولم يحدث لي شيء أثر بي حينها.

أنا لست مكتئبة أو لدي مرض نفسي، فأنا والحمد لله مؤمنة بربي ومتفائلة للحياة، ولا شيء يعكر حياتي أو يشغل بالي، لكني أريد تفسيرا لهذه الحالة الغريبة.

أنا لا ألوم الناس، فأنا أستغرب من نفسي ومن تصرفاتي، أحيانا كثيرة أريد أن أفعل أو أقول شيئا فأشعر أن هناك شيئا ما يمنعني، وكأني أصبح شخصا آخر لا يبالي لكني أندم بعدها.

أشعر بالإحباط عندما أرى الجميع منسجمين مع بعضهم وأنا أجلس لوحدي بصمت.
أفيدوني أرجوكم، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ كوثر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، وأشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.

لا شك أن المواجهات مع الناس أيا كان مستواها وظروفها تتطلب شيئا من التحضير والتحفز النفسي والجسدي، وهذا يرتبط بتغيرات بيولوجية وكيميائية داخل الجسم، ودرجة التحفز لمواجهة المواقف تعتمد على كم وكيف هذا الموقف، فأنت من الواضح أن المواجهات التي يكون قد حدث لك فيها شيء من التعود والتطبع لا تواجهك أية مشكلة، ولكن المتغيرات أو المواقف التي تكون خارج المنزل مثلا أو تحت ظرف معين قد تجدي صعوبة في التعبير عما هو بذاتك، وهذا يجعلك –حقيقة- تعيشين في شيء من القلق والتردد، وشيء من التناقض أيضا، وأعتقد أن هذا نوع من الخوف الوسواسي، والخوف البسيط معروف، وقد يأخذ الصور التي ذكرتيها، ولكن بما أنك أصبحت تحللين الأمور بدقة، وفرضت رقابة صارمة على ذاتك ولا يخلو تفكيرك أيضا من شيء مما نسميه بجلد الذات وعقابها، فهذا ناتج عن الوسوسة البسيطة التي تعانين منها .

أنا أعتقد أنه ليس لديك مشكلة، فأنت بالفعل لست مريضة، هذه مجرد ظاهرة بسيطة، والذي أنصحك به هو أن تقللي من فرط الرقابة الصارمة على نفسك من حيث الأداء عند المواجهات الاجتماعية، وعليك بالتجاهل فهو علاج أساسي جدا، والتوقف عن التفكير التحليلي أيضا مطلوب، هذه مواقف عادية جدا، ويجب أن تعامل هكذا، أعتقد أن الأمر لا يحتاج لأكثر من ذلك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات