السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة تقدم لخطبتي ابن خالتي، وهو شاب مقتدر مكافح عمل كثيرا، لديه من الطيبة وحسن المعشر ما يكفي، لكن مشكلته أنه كان على علاقة مع فتيات، ولما تعرف إلي حدثته أكثر من مرة ونصحته وحذرته من هذه العلاقات.
المهم أن الشاب قطع علاقاته، وبعدها تقدم لخطبتي، إخوتي ولمشاكل حدثت بين العائلتين رفضوا، كوني أبلغ 19 عاما فقط، ودراستي ستحتم علي إن خطبت الآن أن يكون الزواج بعد إنهائها -يعني الخطبة ستكون 3 سنين-.
إخوتي بعدما حدث من مشاكل، وبعد أن وافق أبي وأمي وقرؤوا الفاتحة مع أهل الشاب رفضوا، وبالمناسبة أهلي مسافرون، هم في بلد وأنا أعيش مع إخوتي، قال إخوتي إنهم غير معترفين بالخطبة لحجج كثيرة.
سؤالي كيف أرد عليهم؟ إضافة إلى أنهم يقولون لي إن أمه سيئة الطبع، وأنا أعرف ذلك هي صعبة الطباع، فهل أرفض شابا خوفا من تأثره بأمه كما يزعمون؟
السؤال الثاني: الآن الشاب بعد أن قطع عادته، وهم يعيرونه بذنب اقترفه، هل يرفض الشاب لذنب سبق؟ وإذا كان بإمكاني اختباره هل أفعل؟ وبعدها إن ثبت على التزامه ووفائه لا يحق لهم أن يعيروه بذنبه.
أرجوكم أريد الجواب بدلائل شرعية لأني صليت صلاة استخارة ومحتارة فيما أرى، أنا كنت رافضة قطعا لموضوع الزواج، ولأجل ما تحمله هذا الشاب لأجلي، وما وجدت فيه من طيبة وإرادة اقتنعت.
هل فعلا أرفضه لذنب سابق؟ وبعد أن عرفت أن أمه سيئة المعشر هل يؤخذ هو بذنبها؟ وهل يحق لإخوتي رفضه؟ وما حكم ما فعلوه من عدم الانصياع لخطبتي منه أو عدم موافقتهم لأهلي؟ وماذا أفعل؟
شكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ lail حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك في موقعك، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، ونحب أن نؤكد لك أنه ليس لإخوانك ولا لغيرهم أن يقفوا في طريقك إذا كان الشاب الآن صالحا ويخاف الله تبارك وتعالى.
ذكرت أنه طموح وأن له مجهودات وأن له رغبة فعلية في التواصل معك، فإذا كان فيه دين وفيه أخلاق وتاب إلى الله توبة نصوحا ووجدت في نفسك ميلا إليه، ونلت موافقة الوالدين، فلا يستطيع إنسان أن يقف في طريقك الآن، ولكن نتمنى أن تديري الوضع مع إخوانك بحكمة وبمنتهى الهدوء، وأرجو أن يكون الوالدان هما اللذان يتكلمان بلسانك، ويحددا أمر هذه العلاقة.
الإنسان لا يحاسب بجريرة أمه، ولو أردنا أن نجد إنسانا أمه طيبة وخالته طيبة وجارته طيبة وجدته طيبة، هذا قد يصعب علينا، قد يصعب على أي إنسان، والإنسان ليس مسؤولا عن أخلاق الآخرين، وأنت لن تتزوجي بأمه، إنما ستتزوجين بالشاب، ولذلك هذه الأمور ينبغي أن تكون واضحة، وإذا كان في الشاب دين وأخلاق ورضيت به الفتاة فإنه لا يستطيع أحد – حتى الوالد – أن يقف في طريقها، ولا يستطيع الوالد – ولا أحد غيره - أن يجبر الفتاة على من تكره، أو يمنعها من شاب تريده، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم – عندما خطب رجلان (موسر وفقير) امرأة، وهي تريد الفقير، وأهلها يريدون الغني، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (زوجوها بمن تحب، فإنه لم ير للمتحابين مثل النكاح).
نتمنى أن تكرري الاستخارة، وأن تحسني التعامل مع إخوانك، وأن تتركي هذا الأمر لوالديك ليقوموا بدورهم بالنصح وتوجيه الكلام لإخوانك، وأرجو أيضا ألا تخسري إخوانك، لكن نحن نتمنى أن يأتي الكلام من غيرك، أو يمكن أن تجعليهم يتواصلون مع هذا الموقع ليسألوه، وعندها سيجدون الإجابة التي ترضي الله، فلا يحق لهم أن يقفوا في طريقك، لأنهم لن يدوموا لك، ولأنهم غدا سيكون لكل واحدة زوجة قد ترفضك ولا تجدي بعد ذلك مكانا، ومستقبلك أن تكوني مع زوج صالح يتقي الله تبارك وتعالى ويخافه.
لا نؤيد فكرة اختبار الشاب، ولكن من حقك أن تفعلي، ومن حقهم أن يسألوا، من حقكم أن تتعرفوا وتسألوا حوله، لأن الخطبة أصلا ما هي إلا وعد بالزواج، ومن حق الخاطب أن يسأل عن مخطوبته، ومن حق المخطوبة خلالها – أي الخطبة – أن تسأل عن خاطبها، أما ما تفعله بعض الفتيات من الاتصال وتغيير صوتها، أو تكلف صديقة لها بأن تمضي معه وتحاول أن تغازله وتداعبه لترى بعد ذلك ماذا يفعل، هذه وسيلة غير شرعية، والغاية لا تبرر الوسيلة بهذه الطريقة.
لكن من حقك أن تسألي، أن تبحثي، أن يبحث أهلك، أن تسألي حوله، أصدقاءه، جيرانه، زملاءه، الذين في بلدته، الذين معه في الملعب، الذين معه في المسجد، كل هذا من حقنا أن نصل إليه، ونسأل ونتعرف، ونعتقد أنه عندك الفرصة كافية، وأنت في بلد وهو في بلد، عندك الآن فرصة في أن تفكري في هذا الموضوع بهدوء، ونتمنى كذلك من الإخوان أن يكونوا عقلاء، فلا يحكموا عواطفهم، ولا يحكموا مصالحهم، ولا يقفوا في طريقك أنت عندما تريدين أن تتزوجي بهذا القريب، ولعل في الزواج به نوعا من إعادة العلاقات للأسرة.
الأسر التي قطع الشيطان بينها محتاجة إلى عقلاء وعاقلات يعيدوا بناء الثقة وبناء الجسور، وطبعا كبار السن كان الأمر عندهم جهلا وكانت المشاكل تتعقد وتستمر سنوات طويلة، وهذا لا يرضي الله تبارك وتعالى، فإنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، كيف إذا كان هذا الأخ صاحب منزلة رفيعة، كيف إذا كان هذا الأخ من الأرحام، ولذلك ينبغي أن تنتبهي لهذا.
نحن نرى أولا بأنه لا يعاتب على ذنب تاب منه، ولا يعاتب إنسان بسوء في أمه أو في أخته ولا في والده، لأن الله يقول: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}، وليس للإخوان ولا لغيرهم أن يقفوا في طريقك إذا كان الشاب الآن حاله الصلاح والخير والهداية، وليس لهم أن يحكموا عواطفهم ومشاعرهم، كذلك أيضا أن يكون للوالدين دور في إقناع إخوانك، وهذا ما نتمناه، يعني لا تدخلي أنت في احتكاكات معهم، ولا تصادمي رغبتهم مصادمة مباشرة، ولكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح، وفي النهاية عندما تتهيئين لهذا الأمر ويثبت لك صلاح هذا الشاب وصدق توبته فعند ذلك من حقك أن تتخذي هذا القرار وسيؤيدك الوالد والوالدة، وهما أهم ما ينبغي أن تستمعي لكلامهما ولنصحهما.
نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.