السؤال
السلام عليكم
أنا عندي مشكلة مع أختي الصغيرة, فهي دائما تضربني, وتعاملني بقسوة, وتسبني إذا لم أنفذ لها رغبتها, أنا أحاول الآن أن لا أنفذ لها ما تريده, لكن تحصل مشاكل كثيرة معها ومع الأهل, بماذا تنصحني, وما أسباب هذا الشيء الذي تفعله؟
والله العالم أني أقدرها, لكنها لا تشكر ربها على النعمة, مللت من هذا الحال.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك - ابنتنا الكريمة - في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخروج من هذه الأزمة، وأن يصلح حال هذه الشقيقة، وأن يردها إلى الحق ردا جميلا.
حقيقة نحن نستغرب لماذا الصغيرة تضرب الكبيرة! وديننا يأمرنا بأن نحترم الكبير، وأن يشفق الكبير على الصغير، فليس منا من لم يرحم صغيرنا, ويوقر كبيرنا, ويعرف لعالمنا حقه, ونحب أن نسأل: هل هذه الشقيقة تفعل هذا مع آخرين وأخريات داخل البيت أو مع زميلات؟ أم يا ترى هذه الحالة معك أنت وحدك؟ ثم ما هو ترتيب هذه الأخت في الأسرة؟ وما هي أسباب هذا الذي يحدث من وجهة نظرك؟ هل هي مريضة؟ هل هي تغار منك؟ هل تجدين مكانة في البيت لا تجدها؟ هل تعرضت لأزمات في صغرها؟ هل تجد تشجيعا من والديها؟ ثم ما هو رأي الأب ورأي الأم ورأي من حولها في هذا الذي يحدث؟
فأنت تجتهدين في مساعدتها، وهي تحاول أن تقسو عليك، وأن تمد يدها عليك، وأن تسيء إليك، رغم أنك كبيرة, ورغم أنك محسنة لها، وطبعا نحن لا نستطيع أن ننصح دون أن نعرف إجابات عن تلك الأسئلة، فإذا كانت مريضة حقا – وهذا الذي يعرف عند الناس وعند الأسرة – فندعوك إلى أن تصبري عليها؛ لأنه ليس على المريض حرج، ندعوك إلى أن تسامحيها, وتحسني إليها، وترفقي بها.
أما إذا كان هذا الذي يحدث مجرد دلال ومجرد تعال منها؛ لأنها وجدت فرصة تشجيع من أخريات وآخرين, ومن داخل البيت أو خارجه فليس من مصلحتها أن تسكتي لها بهذه الطريقة، وأن تنحني لعاصفتها ولها بهذه الطريقة، لأنها غدا لن تجد من يستجيب لرغباتها، وأرجو أن يكون للوالدين دور في التصحيح والنصح، وفي إرشادها، وفي إيقافها عند حدها، وهذا أفضل من أن تتولي أنت هذه المهمة، وحبذا لو وجد طرف ثالث من الإخوة والأخوات، ويفضل الأم أو الأب أو الخال أو العم، ويكون لهم تدخل ووضع للأمور في نصابها وعند حدها.
ومع ذلك فنحن ندعوك ألا تقصري في مساعدتها متى ما شعرت أنها بحاجة إلى مساعدة، ومتى ما شعرت أنها بحاجة إلى من يقف بجوارها، فكوني أنت دائما على الإحسان والخير، وادفعي بالتي هي أحسن، فإن الإحسان إلى من يسيء إلينا تقلب عداوته إلى ولاية وحميمية، قال تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} هذا إذا كان بين الأعداء، فما بالك إذا كان بين أختين شقيقتين!
وتذكري أنها أخت لك، ونشكر لك هذا التقدير لها، وأرجو أن تذكريها بطاعة الله تبارك وتعالى، وكم تمنينا أن نسأل عن صلاتها أيضا ودينها وطاعتها لله تبارك وتعالى، وسوف نكون سعداء إذا تواصلت مع الموقع لنعرف الأسباب؛ لأنه إذا عرف السبب بطل العجب, وسهل علينا بحول الله وقوته إصلاح الخلل والعطب.
لتقصي لنا موقفا واحدا غضبت فيه، لتبيني لنا هل هناك أطراف تشجعها، هل تعتقدين أنها فعلا حالة مرضية؟ ومرضها يحتاج إلى علاج، أم هو نوع من الدلال, ونوع من الغيرة الزائدة, ونوع من الاستغلال لضعفك وتهاونك والاستفادة من سكوت الآخرين؟ فإن كل إجابة وكل حالة لها سؤال, وإجابة مختلفة، فاسألي نفسك هذه الأسئلة، وتواصلي مع موقعك لمزيد من التوضيح في هذه المسألة.
وحتى ذلك ندعوك إلى الصبر والإحسان ولا تقصري في تقديم المساعدة لها، ما دمت تستطيعين ذلك، ولكن إذا كان الأمر فوق طاقتك فإن الله تبارك وتعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، لا يكلف نفسا إلا ما آتاها، واعلمي أنك بإحسانك إليها على الدوام سوف يأتي اليوم الذي تحبك, وتكونين أقرب الناس إليها – وهو كذلك – وسيجعل الله بعد العسر يسرا.
فاتقي الله واصبري، وواظبي على الصلاة، وحرضيها على الطاعة، واطلبي مساعدة الوالدين والعقلاء والفضلاء من محارمك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يردها إلى الحق والصواب، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونشكر لك هذا التواصل مرة أخرى، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة تجاه هذه الأخت الشقيقة رغم إساءتها، ونبشرك بأنك ستجدين الأجر والثواب عند الله تبارك وتعالى ما دمت على هذا الصبر، وما دمت على هذا الإحسان، ونذكرك بقوله تعالى: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين}, وبقوله: {فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين}.
ونوصيك بطاعة العظيم والتوجه إليه، فإن قلب هذه الأخت وقلوب العباد بين أصابع الرحمن يقلبها سبحانه، فنسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.