السؤال
أنا تعبت كثيرا والله من إحساس الموت، كنت في البداية أحس به كل فترة، ممكن كل شهر مرتين، وأضل خائفة كثيرا حتى يصبح الصبح وأهدأ وأطمئن حين أرى الصباح، وبعدها أصبح يصاحبني بكثرة حين أنام كل يوم، وكنت لا أنام حين يطلع الصباح وأطمئن، وبعد ذلك أصبح في كل وقت وفي كل ساعة ولا ينفع معي أن أنتظر ولا أي شيء.
ظل بصفة مستمرة وأشعر بالموت في أي لحظة، وأتتني دوخة باستمرار واقع في الشارع، ولا أحس بأي شيء، وألم في قلبي كثيرا، وأحس بأن أحدا يخنقني، وأفضل أن أضع يدي على قلبي كثيرا، وأتوتر كثيرا حين أرى أو أسمع كلمة الموت، أو أحد يموت، أو أي شيء يخص هذا، أنا من كثرة تعبي والضغط الكبير في هذا الموضوع قطعت شرايين يدي وأدخلوني المستشفى.
أتمنى أن أذهب لدكتور نفسي، ولكن خائفة لأني بصراحة لا أرغب في تناول المهدئات أو منومات؛ لأني أخاف جدا منها، أنا جربت كل شيء .. أن أشغل وقتي بكل الطرق، ولكن دون فائدة، أعرف أن الموت بيد الله سبحانه وتعالى، وأعرف كل شيء، ولست خائفة من لقاء الله، كل الموضوع أن إحساسه فظيع ومفزع للغاية، أنا أدعو وأقول إذا تريدني فخذني ولكن لا تعذبني به، فماذا أفعل؟ والله تعبت، فكلما أرى أي أحد يقول لي: إن أحدا مات وهو صغيرا، وعندما أمشي في مكان ألاقي ورقة مكتوب عليها البقاء لله فلان مات، أعصابي تعبت.
أجد الناس تتكلم وتقول: بأن الشباب الصغير أصبح يموت، أنا تعبت كثيرا، وأريد أن يقول لي أحد ماذا أفعل؟ أذهب للدكتور أم لا؟ ماذا أفعل؟ أشعر عندما أتكلم مع أحد في هذا الموضوع الذي أشعر به أرتاح في الكلام، وعندما أتعب كثيرا منه أنام في حضن أمي وأرتاح، وأنام وأنا مطمئنة جدا، ولكن يبقى الإحساس به موجود، ولكن بنسبة قليلة مع أني لم أخبر أحدا بشعوري إلا لشخص واحد هو خطيبي، وأقترح علي دكتور ولكن أنا خائفة أن أذهب، وخائفة أن أفعل شيئا في نفسي، أنا تعبت من هذا الإحساس والله تعبت، لا أستطيع النوم أبدا، أتمنى أن أرتاح، والله تعبت قولوا لي، ماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دينا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، هذا الخوف الذي تتحدثين عنه هو خوف غير مبرر، والخوف الغير مبرر من هذا النوع قد يكون في الأصل هو نوع من الوساوس القلقية أو قائم على مفاهيم خاطئة حول الموت، الموت آت ولا شك في ذلك، والإنسان يتعامل معه كشيء مصيري ويعمل لآخرته، أي يعمل لما بعد الموت، ليس من الحكمة أن يظل تفكير الإنسان فقط محصورا في الموت، لكن يجب أن يزود نفسه لما بعد الموت، وهذا يسهل كثيرا على الإنسان تقبل حقيقة الموت، وأنت محتاجة لأن تغيري نظرتك حول الموت.
ليس بيد أحد الموت أو الحياة هذا بيد الله تعالى، والأمر الآخر هو ألا أقف فقط عند حد التفكير في الموت، إنما أفكر ماذا سيوف يكون بعد الموت .. هذا من ناحية،ومن ناحية أخرى أنت ذكرت أنك تعبت وتتعرضين لضغوط، وقد قطعت شرايين يديك! هذا تصرف حقيقة ليس بالصحيح، الإنسان أيضا لا بد أن يحاسب نفسه، وأنا أعرف كثيرا من الذين لا يودون أن يموتون عنوة لكنهم ماتوا قطعا، أي اقترفوا بعض الضرر وأوقعوه بأنفسهم مثل قطع الشرايين أو ابتلاع كميات من الحبوب، وهذا كان نوعا من المحاولات للخروج من ضغط أو مأزق نفسي معين، أو اتخاذ هذا الأسلوب كصرخة مساعدة.
هذا كله يأتي بنتائج وخيمة، أن تذهبي إلى الطبيب النفسي هذه فكرة جيدة وممتازة، وأنا حقيقة أؤيدها تماما، الطبيب النفسي محتاج أن يجلس معك كثيرا ويستبصر ويستقصي أكثر حول هذه الأفكار التي ربما تكون كما ذكرت لك قلقا وسواسيا، أو ربما تكون مرتبطة بشخصيتك، عدم الاستقرار النفسي العام، أن تكون الشخصية قلقة وهكذا، فالأمر يتطلب استفسار واستقصاء أكثر.
بعض الناس يأتيهم الخوف من الموت كجزء من حالة نفسية تسمى بنوبات الهلع أو نوبات الفزع، لكن هذا لا أراه ينطبق في حالتك، لتتضح الصورة أرجو أن تذهبي إلى الطبيب النفسي، وفي ذات الوقت اجعلي لحياتك معنى، وذلك من خلال تطوير مهاراتك الاجتماعية، الإكثار من الإطلاع والقراءة في ما هو مفيد، الالتزام بالصلاة في وقتها، وتلاوة القرآن والدعاء، أن تشاركي في أعمال المنزل، أن تكوني بارة بوالديك، علاقاتك الاجتماعية يجب أن تكون مؤصلة، وتكون لك صداقات كما ذكرت لك وصحبة الصالحات من الفتيات، هذه كلها دعائم ومعينات كبيرة جدا للإنسان لأن تتحسن صحته النفسية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.