السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تأخرت في الزواج؛ لأني لا أؤيد أن أكرر أخطاء قريباتي وأخواتي في الزواج, وقلت في نفسي: لن أتزوج إلا بعد أن أتأكد تماما أنه زوج مناسب لي.
وكان أكثر ما يأتي لخطبتي المدخنون, وكنت أرفض بسبب معاناة أختي مع زوجها المدخن, ولأني كنت أحلم بأن أتزوج بشخص ملتزم دينيا مثلي, إلا أن بعض صديقاتي أقنعنني بعدم الرفض والسؤال عنهم, ثم بعد ذلك أقرر, ولأني بلغت سن 35 أصبحت أفكر في كلامهن, وقبلت بمدخن, وليتني لم أقبل به؛ فقد صدمت به جدا جدا - وإنا لله وإنا إليه راجعون - فقد مضى على زواجي به ثلاثة أشهر.
1- فهو ليس لديه أي مسؤولية – وكسول وخامل - وينام مدة طويلة جدا، تصل أحيانا إلى 30 ساعة, وأحيانا وبدون مبالغة 40 ساعة, تتخللها ساعة أو ساعتين فقط للتدخين, ولا يأكل في هذه الفترة.
2- وأعاني أيضا من كثرة حضور أصحابه إلى البيت وفي وقت غير مناسب ( الساعة الواحدة صباحا وحتى الساعة الثامنة صباحا), ومرات يأتون إلى المنزل ولا أعلم عن وجودهم فيه.
3- غيابه المتكرر عن العمل والتأخير.
4- يكذب بكثرة بحاجة وبدون حاجة.
5- المصيبة التي دائما ما أبكي منها ولم أستطع أن أتحملها هي تركه للصلاة, فهو لا يصلي إلا في العمل أمام الناس, واكتشفت ذلك في ثالث يوم من زواجي, وعندما قلت له: لماذا لا تصلي؟ قال: أنا إذا كنت غضبان أو تعبان فإني لا أصلي!
وقال مرة: أنا أتعمد عدم الصلاة؛ لأني في الجنة, والله غفور رحيم.
6- وغير ذلك كله كنت أشك أنه يتعاطى شيئا غير التدخين, وبعد ذلك كان شكي في محله فقرأت عن الحشيش في النت, فتأكدت أنه يتعاطى الحشيش, فهو يغلق على نفسه الغرفة لمدة طويلة, ثم يخرج وهو في حالة غير طبيعية, فمثلا: يكون في حالة نعاس شديدة, ويقول كلاما غير مفهوم.
وغير ذلك فمنذ زواجي به, وفي الشهر الأول كان يأتيني مرتين في الأسبوع, وفي الشهر الثاني, والثالث أتاني مرتين فقط, وهذا ما قرأته عن الحشيش أن يكون في حالة ضعف جنسي ونعاس وخمول, ولكن الذي تفاجأت به أني دخلت عليه الغرفة فجأة, ونسي أن يغلق الباب, ورأيت معه حقنة يضرب بها يده مليئة بالدم, فخاف وقالي لي: إن هذا علاج لأنه مريض بالسكر, فأنا خائفة أن يكون نوعا من أنواع المخدرات.
أرجو أن توضحوا لي, وفوق هذا كله هو فقير جدا, ولا يأتي بمستلزمات البيت, ولا يملك سيارة.
سؤالي: هل مع وجود هذه الأمور من الممكن أن يتغير هذا الزوج إلى الأفضل, أم الانفصال عنه هو الحل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الصدق منجاة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه، وأسأل الله أن يقر عينك بصلاح هذا الرجل، والأمر بيد الله تبارك وتعالى، فإن قلب هذا الزوج وقلوب العباد بين أصابع الرحمن يقلبها، فاجتهدي له في الدعاء، ونسأل الله أن يرده إلى الحق والصواب، وكم تمنينا أن نستشار عن مثل هذه الأحوال في بدايات الأمور، ولست أدري أين دور الآباء والإخوان والمحارم في السؤال عن أمثال هؤلاء!؟
إن هذه العلامات: (تناول المخدرات أو غيرها) هي من العلامات التي تظهر للناس إذا سألوا عنه وعرفوا رفقته، يسألوا عنه في العمل، يسألوا عنه في مكان السكن، يسألوا عن أصحابه، يسألوا عن تحمله للمسؤولية، ولكننا لا نريد أن نرجع إلى الوراء, ولا نقول: لو كان كذا لكان كذا، ولكن نقول: (قدر الله وما شاء فعل) فإن لو تفتح عمل الشيطان.
ونتمنى أن يكون لك دور في العلاج والإصلاح، وكنا نتمنى كذلك أن نسمع شيئا من إيجابيات هذا الرجل, وإن كانت قليلة، فإن هناك حسنات موجودة أيضا، ونسأل الله أن يعينك على الخير، وكما سمعنا عن الجانب السالب، فما هي الإيجابيات؟ هل هو يتأثر عندما يكون في وعيه؟ ما مدى علاقته بك؟ هل يهتم بأسرته؟ فأنت قلت: إنه فقير، ما رأيه في العمل؟ كيف صبر أهلك عليه هذه المدة الطويلة؟ ماذا يكون الرد عندما تناقشيه في هذه الأمور التي تحدث؟
أسئلة كثيرة تحتاج إلى أن تنظري فيها على الأقل، وحبذا لو أتتنا إجابات عنها، ولكن النظر في هذه الأمور وبهذا الشمول هو الذي يعطي الإجابة الصحيحة، خاصة رغبته في أن يصلح نفسه، كونه يصلي أمام الناس, وكونه يصلي أحيانا, ويترك الصلاة أحيانا، هذه العبارات التي صدرت منه بعضها خطير, وبعضها لا تقبل من الناحية الشرعية، ولا من الناحية الأدبية، ثم ما هو رأي أسرتك، ما هي الفرص المتاحة لك في حالة تركك لهذا الزوج؟
فهذه أمور نتمنى أن تصلنا فيها أمور واضحة، أو نتمنى أن تتخذيها وتضعيها أمامك قبل أن تتخذي الإجراء النهائي حول هذه العلاقة التي لا نفضل الاستعجال بإنهائها، ولكن نفضل استخدام وسائل النصح والابتعاد والضغط, ومحاولة مصادرة الأموال منه، ومحاولة الحيلولة بينه وبين هذا المنكر، ومحاولة دعوة الأخيار الصالحين ليقدموا النصح له، والرجوع إلى أهلك ومعرفة وجهة نظرهم، كذلك أيضا الاستعانة بالله قبل ذلك وبعده، واستخدام لحظات الضعف, واللحظات التي هو بحاجة إليها, واستغلال وجوده بالبيت في أن تذكريه بالله تبارك وتعالى، وتبيني له خطورة هذه الأمور التي تحدث، وتبيني له الآمال التي تنتظرينها في حياتك مع هذا الرجل.
ولا شك أن الإنسان يبتلى بمثل هذه الأمور، ولكننا لا نريد أن تتخذي قرار المفارقة إلا بعد أن نصل إلى اليأس، ولا أظن أننا سنيأس؛ لأن هناك حالات أصعب من هذا تعود إلى الله تبارك وتعالى وإلى الصواب وإلى الخير، وتستطيعين أن تستفيدي من خبرات الصالحين والمحارم، وكذلك بيئة العمل إذا كان فيها مدراء طيبين، فيمكن أن يكونوا عونا لك في الإصلاح، وعندنا تجارب نجحت في أن نتواصل مع المسئول؛ لأن المسؤول إذا كلمه فإن هذا الموظف يحترم المسؤول دائما، فيبين له أن هذه الطريق الذي يمشي فيه طريق مظلم، وأنه بهذا يضيع نفسه وأسرته، وأن قضية العمل ينبغي أن يكون فيها الموظف ملتزما وواضحا ونشيطا، فبعض الناس لا يخاف من الله, ولكن يخاف من الناس – عياذا بالله – والأمر كما قال الحسن البصري: (المؤمن يخوف بالله، والمنافق يخوف بالناس) خاصة إذا كان هذا الإنسان مسؤولا، المهم أننا نحن نريد أن نعذر إلى الله تبارك وتعالى، واستخدام وسائل وطرائق من أجل نصحه وإرشاده، فإن أجاب فبها ونعمت، وأرجو ألا نعجز بعد ذلك، ويمكن أن يكون عند ذلك لنا عذر بعد أن نؤدي ما علينا.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، ونتمنى ألا تستعجلي، ونتمنى ألا تصلنا توضيحات حول هذه الأسئلة حتى نجاوب عن علم ومعرفة ونظر، وننظر للأمر بطريقة شاملة، ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد، وأن يقر عينك بصلاح هذا الرجل، هو ولي ذلك والقادر عليه.