السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولا: أقدم جزيل الشكر والتقدير لكل القائمين والعاملين في موقع الاستشارات والساعين للخير، فجزاكم الله كل خير وأكرمكم في الداريين.
أنا فتاة متدينة، وأحافظ بفضل الله على صلواتي والذكر منذ كنت صغيرة.
أمر الآن بابتلاءات منها الوساوس القهرية الكفرية، متعلقة في الذات الإلهية، وكنت أحيانا لا أعرف من شدة الوساوس، كنت أتلفظ ببعض ما يخطر ببالي بسبب الضغط الشديد الذي كنت أتعرض له من الوساوس، وكنت دائما ما أدعوا الله، وكنت أخاف جدا من الوساوس، حتى أنني كنت أبكي طوال الليل وأستغفر، وبعد فترة عرفت حديثا -للرسول صلى الله عليه وسلم- بمعناه أن الله لا يحاسبنا عن ما حدثت به أنفسنا دون أن نعمل به أو نتلفظ باللسان، وتبت والحمد لله وعلمت أن رحمة الله واسعة، وبعدها تقريبا أشتد علي المرض عندما قررت أن أجاهد نفسي وأمنع نفسي وأبكي بكاء شديدا، حتى أن من حولي لاحظوا علي وكانوا لا يعلمون ما سبب ذلك لأنني لم أحدث أحدا عن حالتي.
ولكن عندما أصبح الأمر يزداد سوءا كنت أتمنى الموت كل يوم وكل لحظة، ولكن كنت أخسر الجنة، فكان دائما عندي أمل بالله أن أشفى، قلت لأمي ولأختي وأخي بعض ما يحدث معي من الوساوس، وذهبت للطبيب ووصف لي حبوب انيفرنال وتحسنت بفضل الله قليلا، وبقيت على مجاهدة النفس بتعب شديد، أمنع نفسي من التفكير فيما يوسوس لي، وأدعو الله أن يعينني، وحتى الآن مازلت أعاني من شيء بسيط.
والآن ما زالت أعاني من بعض المشاكل، منها اكتئاب وتأخر في الزواج وتقلب بالمزاج - والحمد لله- على كل حال، هذا كله أدى بي إلى أن أزداد قربا وحبا لله.
عندما كنت أتصفح النت، قرأت قصص بعض الذين كانوا يعانون من مشكلات، وبعض الفتيات اللاتي تأخرن في الزواج، وقرأن سورة البقرة وحصل لهن ما تمنين.
ولما علمت من فضلها عزمت على أن أقرأها، ولي الآن أربعة أيام متتالية أقرأها كاملة، ولاحظت شيئا غريبا أثناء قراءتي، وهي أني عندما انتهيت من قراءتها في اليوم الأول أصابني أثناء القراءة نعاس، وقاومت ذلك النعاس حتى انتهيت من قراءتها، وأصبت بإرهاق وتعب شديد وثقل بيدي اليمنى وكل مرة أقرأها أشعر بالثقل يحدث في أثناء القراءة، وبعدها يبقى فترة قليلة ثم يذهب الوجع والثقل.
أريد أن أعرف تفسير ذلك أخواني، وهل يدل ذلك على وجود سحر أو مس، وهل هناك علاقة بتأخير الزواج ووجود الوساوس؟
أريد حلولا شافية، وجزاكم الله كل خير ورضي الله عنكم.
وأعتذر لكم على الإطالة، بارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صفا الروح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يرد عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن يمن عليك بالأمن والأمان والسعادة والاستقرار، وأن يرزقك زوجا صالحا طيبا مباركا يكون عونا لك على طاعته ورضاه.
وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فإني أحمد الله تعالى أن الله تبارك وتعالى تفضل عليك بهذا القدر الطيب من الإيمان والصبر على هذا البلاء والحرص على طاعته سبحانه وتعالى والرغبة فيما لديه من خير وفضل وبر وإحسان، فهذه نعم عظيمة بل وعظيمة جدا، لأن أعظم نعمة إنما هي نعمة الإيمان، حيث إن النبي - صلى الله عليه وسلم – مر يوما على رجل فسمعه يقول: (الحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة) فقال: (لقد حمدت الله على أعظم نعمة) وكما قال سفيان ابن عيينة - رحمة الله تعالى عليه ورضوانه - : (ما أنعم الله على عبد من العباد نعمة أفضل من أن عرفه لا إله إلا الله).
فلقد تفضل الله تبارك وتعالى عليك بنعم عظيمة جدا، وعلى رأسها كما ذكرت هذه النعمة الكبرى، نعمة حبه سبحانه وتعالى والحرص على طاعته والاجتهاد في عبادته والصبر على هذا الابتلاء العظيم طمعا فيما عنده من الجنة، ومحاولة مقاومة هذه الأفكار السلبية التي تكدر خاطرك، وتنغص العلاقة بينك وبين سيدك ومولاك.
ولعلك في آخر رسالتك أشرت إلى أنك قرأت سورة البقرة بناء على تجارب بعض الأخوات، وشعرت بعد قراءتها أو في أثنائها بشيء من التغير ذكرته في رسالتك.
أقول لك - أختي الكريمة الفاضلة صفاء الروح - : إن هذا الذي ذكرته في رسالتك يدل على أن هناك شيء غير طبيعي في الجسد، وأنا لا أستبعد أبدا أن تكون تلك الوساوس بسبب هذا الجني الذي يسكن في جسدك الآن ويحاول أن يفسد علاقتك مع الله تبارك وتعالى، ويفسد كذلك علاقتك مع نفسك وعلاقتك مع الناس، لأنك تعلمين أن عداوة الشيطان للإنسان لا حد لها ولا نهاية، وأنه هو العدو الأكبر الذي ينبغي على الإنسان أن ينتبه له، وما ذكرنا وما حذرنا الله تبارك وتعالى من عدو كما حذرنا من الشيطان، ورغم ذلك – مع الأسف الشديد – نجد أن السواد الأعظم من المسلمين منصرفين عن مقاومة الشيطان ويقيمون فيما بينهم خلافات ومشاكل وعداوات على أمور تافهة.
فعدونا الأكبر إنما هو الشيطان الذي يجتهد في إفساد الإنسان بكل وسائل الإفساد، ويستعمل كل الأسلحة سواء كانت أسلحة تقليدية أو خسيسة وقذرة، يشن حربا على قلب الإنسان عن طريق تلك الوساوس - مثل التي تعانين منها - ليفسد علاقة العبد بربه، ويجعل الإنسان يتصور مولاه على خلاف ما ينبغي له سبحانه وتعالى.
كذلك يفسد علاقة الإنسان بأن يشن حربا على أعضائه الظاهرة عن طريق تحبيبه وترغيبه في الشهوات المحرمة، حتى يفسد أيضا علاقته مع الله تعالى، ويشوفه صورته أمام الناس، فإن الناس لا يحبون الكاذبين ولا المخادعين ولا الغشاشين ولا الماكرين ولا الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ولا الذين يهتكون أعراض الناس، فهو يشوه صورة الإنسان أمام ربه ويشوه صورته كذلك أمام إخوانه المسلمين الذين يعيشون بينه، وهذه حرب لم ولن تتوقف أبدا، لأن الشيطان يركز كل قواه وكل جهوده، ويوجه جميع أسلحته لعباد الله المؤمنين الصادقين، أما العصاة والفجرة فهم جنوده، ولذلك لا يعبأ بهم ولا يفكر في إضلالهم، فهم في ضلال من تلقاء أنفسهم.
لذلك - أختي الكريمة الفاضلة – بما أنك على هذا القدر الطيب من الطاعة ومحبة الله تبارك وتعالى فإن الشيطان لم ولن يتوقف عنك. ومن هنا أنصحك ضرورة بعمل رقية شرعية - ضرورية جدا – والرقية الشرعية أمر سهل وبها فوائد عظيمة، وهي قطعا إن لم تنفع فيقينا لن تضر، لأنها مجموعة من كلام الله تبارك وتعالى وكلام النبي - صلى الله عليه وسلم – وهي متوفرة ولله الحمد والمنة في مطويات وفي كتب وكتيبات وأشرطة، وعلى الإنترنت أيضا تستطيعين أن تكتبي (الرقية الشرعية) فيأتيك خير كثير - بإذن الله تعالى –.
وأنصح بارك الله فيك إن كانت لديك القدرة أن تقومي برقية نفسك، وقد قمت فعلا بذلك، لأن سورة البقرة من أقوى السور التي تستعمل في طرد الشيطان ومقاومته، مصداقا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اقرءوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة – أي السحرة -) وأوصانا بقراءتها، وبين أن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يقربه شيطان ثلاث ليال، أي أنك مع مواصلة قراءة سورة البقرة يوميا لا يستطيع أي ساحر في الأرض مهما كانت قوته أن ينال منك شيئا، وبإذن الله تعالى ستكون سببا في القضاء على كل هذه المظاهر الشيطانية التي في جسدك.
فعليك بارك الله فيك بقراءة أي كتاب أو مطوية من كتب الرقية الشرعية أو معرفة الآيات والأحاديث والبدء برقية نفسك كما تفعلين أنت الآن، وإذا لم تري في نفسك القدرة فلا مانع من الاستعانة بأحد أقاربك كالوالد أو الوالدة أو غير ذلك، وإذا لم يتيسر ذلك فلا مانع أيضا من الاستعانة بأحد الرقاة الشرعيين الثقات المعروف عنهم سلامة المعتقد وصحة المنهج والطريقة، وبإذن الله تعالى أبشرك من أنك خلال فترة بسيطة جدا ستكونين في أحسن حال، وحتى هذه الوساوس سوف تذهب بإذن الله، وإن ذهبت إلى أحد الرقاة ولم تتحسن حالتك بالقدر المطلوب لا مانع أن تذهبي إلى ثان وثالث ورابع، لأن هؤلاء كالأطباء منهم من يوفقه الله تبارك وتعالى ويشرح صدره، ومنهم من يحبس الله عنه الخير لحكمة يعلمها جل جلاله، وعليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى، وأكثري من الصلاة على النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم – وأكثري من الاستغفار، وحافظي على أذكار الصباح والمساء، وابشري بفرج من الله قريب، هذا وبالله التوفيق.