السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,
أرجو النصح في أمر قد أنهكني التفكير فيه، أنا فتاه ملتزمة ومتدينة في ال23 من عمري، تقدم لخطبتي شاب من قبيلتي، وهو يريد المجيء لبيتنا للنظرة الشرعية مع العلم أنه في بلد قريب، وليس لديه مشكلة في القدوم.
أبي يعلم عنه أنه شاب خلوق ومجتهد وقد قابله أكثر من مرة، ويعرف أهله فقد نشأوا في نفس البلدة.
ولكن المتقدم على حد علمي لا أعلم عنه أنه متدين - بمعنى أنه يحافظ على صلاته، ويصوم ويؤدي فرائضه، ولكنه شخص عادي في دينه، فهو لا يمانع من استماع الموسيقى، وليس لديه ارتباط بالعلم الشرعي، وما شابه ذلك، بل ولا يمانع إن غطيت وجهي أم كشفته - ليس لأنه يعاند هذه الأمور، ولكنه لم ينشأ في بيئة علمته الدين الصحيح.
أبي مصر على أن أقابله فعسى بعد رؤيتي له، وحديثي معه أن أجد فيه شخصا مناسبا، ولكن أمي تقول أن شخصا بمثل مواصفاته الدينية لن يناسبني، لأننا لن ننسجم.
هل أوافق على النظرة الشرعية؟ وما هو الحد الأدنى لتدين المتقدم للموافقة عليه؟ وهل يمكن من أجل أن أعف نفسي التغاضي عن ما ينقصه من دين؟
أرجو الإرشاد.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شذى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نشكر لك التواصل مع الموقع، ونشكر لك الاهتمام بالسؤال، ونشكر لك هذا الحرص على الخير، ونسأل الله أن يديم عليك هذا الالتزام والتقيد بأحكام الشرع، وأن ييسر لك أيضا إصلاح هذا الخاطب والنجاح والتوافق معه طالما كان الوالد راضيا عنه، والرجال أعرف بالرجال، وفعلا النظرة الشرعية لها أثر كبير في هذا الوضع، وينبغي أثناء النظرة الشرعية أن يكون هناك أيضا نوع من الحوار، ونوع من النقاش، وإذا كان الأشياء الأساسية كالدين والخلق موجودة فيه فهي المطلوبة، محافظ على الصلاة، تعظيم القرآن، الأخلاق العالية، أن يكون أصدقائه طيبين، أن يكون عنده مفهوم صحيح عن الحياة الزوجية، أن يكون ممن يقدر المرأة، ويمكن أن تسألي مثل هذه الأسئلة: أهدافه من الزواج؟ رغبته في الزواج، يعني مثل هذه الأمور التي ربما تحدد شخصية الإنسان.
ونحن نعتقد أن مسألة وجود الخاطب بالمواصفات التي تريدها مائة بالمائة قد يصعب، وأنت أعلم بالأحوال، والشباب الملتزم أندر من النادر الملتزم مائة بالمائة، وينبغي أن توقني أن المرأة الملتزمة لها سلطان على الرجل طالما كان مصليا، يصوم، محافظا على صلواته وطاعاته لله تبارك وتعالى، فإنها تستطيع أن تنتقل به إلى الأمام.
وأيضا نحن ننصحك أن تنظري النظرة الشرعية، ثم تسألوا عنه ويسأل عنكم، وهذا من أهداف الخطبة، الأهداف الشرعية للخطبة أن تتاح لكل من الطرفين أن يسأل عن الآخر، لأن هذه العلاقة ليست يوما ولا يومين، هي علاقة طويلة ممتدة يترتب من ورائها مجيء ذرية وأطفال، لذلك الإسلام يريد لهذه العلاقة أن تكون محكمة.
فلا مانع من النظرة الشرعية، لأن النظرة الشرعية لها انطباع مهم جدا قد ينتج بعدها ارتياح، وقد يحصل بعدها نفور، فإذا حصل بعدها ارتياح فالأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.
ولا شك أن الوالد يريد لك الخير، ولا يريد أن يلحق بك الضرر والأذى، وهو أعرف بأخلاق هذا الشاب، ومع ذلك فمن حقك أن تتعرفي أنت عليه، ولا تجاملي في هذه المسألة، لكن مسألة النظرة الشرعية لها أثر كبير، أنه قد يحدث بعدها انشراح وارتياح وتفاهم، وهذا هو الذي نريده، فهذه من أهم قواعد النجاح للأسرة.
وقد يحدث لذلك نفور وليس هناك عيب، لكن لأن الأرواح كما قلنا جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.
فإذن نحن مع رأي الوالد أن تنظري النظرة الشرعية، وبعد ذلك ننصحك بألا تجاملي، إذا كان هناك ارتياح وتوافق، وحصل هذا فنقول عليك أن تمضي مع ضرورة أن تعلمي أنك لن تجدي شابا بلا عيوب، كما أنك لست خالية من نقائص ولا عيوب، ولكن طوبى لمن غمرت سيئاته في بحور حسناته، فمن الذي ما ساء قط، ومن له الحسنى فقط، إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث.
عليك أيضا أن تنظري في عواقب القبول وآثار الرفض، وأن تنظري إلى الأمام ما هي البدائل المتاحة، هل في الساحة من هو أفضل، هل هناك فرص كثيرة للزواج، أم لا توجد فرص، فالنظرة لا بد أن تكون بهذا الشمول وبهذا الوضوح.
ثم عليك بعد النظرة الشرعية أن تستخيري، ولا مانع أن تستخيري الآن، لأن الاستخارة مكانها عندما يحتار الإنسان، فعند ذلك يطلب الدلالة إلى الخير ممن بيده الخير، ولن تندمي بعد الاستخارة والاستشارة، فإنه ما ندم من استشار، ولا خاب من استخار.
ونسأل الله أن يقدر لك الخير وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يستخدمنا فيما يرضيه، ونشكر لك هذا التواصل مرة أخرى، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.