السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا متزوجة منذ 32 سنة، وأنجبت ولدين وبنتين -والحمد لله-، لم أختر شبكتي ولا ملابسي ولا عفشي، لم أعرف لزوجي مرتبا ولا أدري أين أوراقه.
كبرنا وكبر أبناؤنا ونسمع من الناس أنه رهن المنزل، وعمل مشروعا في القاهرة، وضاع المنزل وفشل المشروع، ومصر على أننا ليس لنا إلا الطعام والكساء، وأما المال فماله وهو حر فيه.
تعبت منه، وأريد ألا أستمر معه في مسلسل التضييع، جاءه ورث ولا نعرف عنه شيئا، لذلك قررت ألا أعيش خادمة، فإما زوجة أو مطلقة، فماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنا نرحب بك -أختنا الفاضلة- في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونشكر لك الاهتمام بهذا الموضوع، ونتمنى أن تتعاملي مع الوضع بهدوء، وأن تحاولي أن تتعرفي على أسباب غموض هذا الرجل، فإن الرجل يصبح غامضا ويخفي كثيرا من الأشياء إذا لم يجد تشجيعا أو تجاوبا، أو شعر أن أسراره تخرج إلى الخارج، فعليك أن تغيري طريقة التعامل مع هذا الرجل، ونحن نتمنى من صبرت هذه السنوات الطويلة أن تواصل مشوار الصبر، خاصة وقد اتضح لنا أنه يوفر الأشياء الأساسية، فشجعوه واشكروه على ما يقوم به، وحاولوا التفاهم معه بمنتهى الهدوء، حتى نعاونه على النجاح في هذه الحياة.
ولست أدري إذا كبر الأولاد كيف علاقته بأبنائه؟ وكيف اهتمامه بهم؟ ولماذا لا يدخلوا إلى حياته ويقتربوا منه حتى يتعرفوا على الأماكن التي توجد فيها أموال هذا الوالد، والأشياء التي يصرف فيها هذه الأموال -إن كانت له أموال-؟ ونتمنى ألا تأخذي المسألة بهذه الطريقة وبهذا العناد، أن تصري على الطلاق مثلا دون مقدمات وبعد هذا الصبر الطويل ودون أن يكون هناك نقاش مثمر (أخذ وعطاء) هذا لن يكون فيه مصلحة، وإن كنا نؤيد أنه ينبغي أن يكون مع أسرته واضحا، وأن يتفاهم معكم، وأن يجلس معكم، وأن يصل معكم إلى حلول في هذه المسائل، ولكن كما نقول دائما: الرجل يستطيع أن يتجاوب مع الأسرة إذا وجد منهم التشجيع، وإذا وجد منهم الاهتمام، وإذا وجد منهم المؤازرة، خاصة عندما يخسر في تجارة، والمرأة التي تقول (أنت ما تعرف، ضيعت فلوسك) سيخفي عنها بقية الأسرار، لكن من الصواب أن تقول: (الله يعوضك خيرا، وهكذا الدنيا، والرزق سيأتيك، عليك أن تصبر)، مثل هذه يستطيع الرجل أن يتعامل معها، لكن التي تعيب عليه: (أنت ما فعلت وما سويت شيء، وأنت دائما الناس يخدعوك ودائما فاشل، وكذا) من الطبيعي أن يغيب وأن يهرب وأن يصبح رجلا غامضا في حياته.
فلذلك أرجو أن تنتبهوا من هذه الناحية، وأن تقفوا معه، وتشعروه أنكم معه، وأنكم ستصبرون معه، وأنكم حريصون على مصلحته، وتثنوا على الإيجابيات التي فيه، فإذا جاء بالشيء القليل تشكريه حتى يأتيك الكثير، وهكذا ينبغي أن تكون المرأة المؤمنة.
وأيضا نحن نريد أن نعرف هل هو فعلا كانت له أموال أم هذه مجرد تخيلات ومجرد كلام لا يدرى مدى الصحة فيه؟ فإذا كانت له أموال معروفة وضاعت هذه الأموال وستأتيه أموال جديدة فعليك أن تجلسي معه بهدوء، وتطالبي بالأشياء الأساسية، وتشعريه أنه لم يقصر في الطعام والشراب، ولكن له أولاد لهم مستقبل، وبهذه الطريقة.
ودائما بكل أسف هذا الملل يحدث في العلاقات الطويلة التي يستمر فيها الناس على نمط معين، يتركوا علاج المشكلات الصغيرة فتصبح قنابل موقوتة في الطريق، ويأخذ كل واحد انطباعات سالبة قبل الحوار، هي تقول (هذا ما يفهم ولا يمكن أن ينجح لأنه فاشل، ولا ينجح معه الحوار، ولا فائدة، ولا يسمع الكلام) وهو أيضا يقول (هي لا تسمع، ولا فائدة، وكلمناها مليون مرة)، مثل هذه الانطباعات السالبة والقناعات المعلبة لا تعين على إصلاح الوضع.
وأعتقد أن هذا الرجل إذا كان متزوجا ويهمل أولاده بهذه الطريقة فماذا تنتظري منه بعد الطلاق؟! ثم أنت في العمر هذا وعندك أبناء أين سيذهب هؤلاء الأبناء؟ ولذلك نتمنى أن تحافظي على هذه العلاقة، واجتهدوا في ترميمها، ونحن نريد أن نسأل أسئلة ونتمنى أن تصلنا إجابة عليها:
1- منذ متى تغير هذا الرجل؟
2- كيف دين هذا الرجل ومحافظته على الصلاة؟
3- ماذا يقول عندما تناقشوه وتسألوه عن هذه الأموال؟
4- هل هناك من يؤثر عليه من أصدقاء أو نحوهم؟
5- ما هي إيجابيات هذا الرجل؟ أنت ذكرت سلبيات، نريد أن نسمع الإيجابيات.
نحن نريد أن تطرح المشكلة بهذه الطريقة، ونتمنى أن تصلنا إجابات على هذه التساؤلات حتى نستطيع أن نوجه التوجيه الصحيح بعد أن تصبح الرؤيا عندنا كاملة، وبعد أن نرى الرجل وننظر إلى حياته من كل الزوايا.
نسأل الله أن يسهل الأمور، وأن يغفر الذنوب، وأن يلهمكم السداد والرشاد، وندعوك إلى قليل من الصبر حتى نستطيع أن نتفاهم للوصول إلى الحلول المناسبة، ومن حق كل زوجة أن تعيش كريمة مع زوجها، وهذا هو الذي تريده شريعة الله {إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} {وعاشروهن بالمعروف} لكن حتى نصل لهذه القناعة نحتاج إلى أن نسمع الكثير، ونحتاج كلاما مفسرا عن هذا الرجل، وهذه المسيرة التي امتدت أكثر من ثلاثين سنة بحلوها ومرها، ومنذ متى بدأ هذا الخروج من حياة الأسرة؟ ومنذ متى بدأ هذا الغموض؟ هذه أمور نحتاج أن نعرفها حتى تكون الإجابة -إن شاء الله تعالى- صحيحة بحول الله وقوته.
نسأل الله أن يقدر لكم الخير، وأن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.