الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خلاف حول أثاث المنزل...هل يستحق كل هذا العناء؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا مخطوبة بعقد زواج، أغضبتُ زوجي دون قصد مني في موضوع يخص أثاث المنزل، طلب مني اختيار الأثاث، وأكد أنه لن يعترض على اختياراتي وسينفذها، ولكن، حدثت عدة أمور دون علمي، وتم استبدال اختياراتي. علمتُ بالأمر صدفةً، وتجاوزته لتجنُّب المشاكل، وأقنعتُ نفسي: "لا بأس"، واعتبرتُ أن له الحق كونه مَن دفع ثمن الأثاث، لكنني طلبتُ منه فقط أن يُخبرني إذا حدث أي تغيير آخر، ووعدني مجددًا بأن يترك لي حرية الاختيار.

بعد ذلك، عندما أرسلتُ له اختياراتي للأشكال، صُدمتُ باعتراضه، وصُدمتُ أكثر عندما شارك أخواته اختياراتي ولم تعجبهم، حاولتُ ألَّا أظهر صدمتي، ووافقتُ وأرسلتُ اختيارات أخرى، لكنه استمر في رفضها أو الاستهزاء بذوقي أمامهم.

أرسل أخواته صورًا اخترنا منها ما وافقنا عليها جميعًا، أي أن الاختيار تم بمشاركة أخواته وبيني وبينه، وافقتُ على اختيارهم بنية إرضاء زوجي وأهله، وأخفيتُ عدم رضائي عن شكل الأثاث وعن الموقف برمته، معتبرةً أن هذه الأمور شكلية.

أحزنني عدم وفائه بوعده لي، لكنني صُدمتُ أكثر عندما قال لاحقًا إن الأثاث هو من اختياري، فقلتُ له إنه لم يكن كذلك، فغضب مني بشدة، حاولتُ توضيح قصدي، لكنه ابتعد عني.

اعتذرتُ منه كثيرًا إن كان كلامي قد أغضبه، لكنه لم يسامحني، وقال: "لن أسامحك لا في الدنيا ولا في الآخرة، لقد أحزنتني، ولا أريد التحدث إليكِ".

حاولتُ الاتصال به، لكنه كان يقول: "لا أطيق التحدث إليكِ، وإن أردتِ الطلاق فأخبري أهلكِ، لن أسامحكِ".

مرت ثلاثة أيام، حاولتُ خلال يومين منها مصالحته، حتى أنني أُصبتُ ببرد شديد وأخبرته بذلك، لكنه لم يلن ولم يشفق علي، ولم يرض عن محاولاتي لإرضائه أو على حالتي.

لا يزال لا يتحدث معي، أرسلتُ رسالة عادية إلى أخواته عبر الواتساب أسألهنَّ عن رأيهنَّ في شيء ما، لكن لم يُجبنَّ على رسائلي، وظهر عندي أنهنَّ قرأن الرسائل، ولا أعلم إن كان هو أخبرهنَّ بمحادثتي معه أم لا.

أخبرته أكثر من مرة ألَّا ينقل أخبارنا للغير، فهذا أفضل لنا، لكنني الآن أشك في أنه ينقل لهنَّ كل شيء، لأنه دائمًا ينفي ذلك، وعدم ردهنَّ زاد من شكوكي، خاصةً أنه لا يخفي عن أخواته شيئًا، بينما يخفي عني كل شيء، حتى ما يخصني، ويقول: "نسيتُ" أو يقول: "اسألي"، لكنني عندما أسأل، أشعر بعدم صدق إجابته أو أشعر بأنها ناقصة، لذا أتجنب السؤال، فماذا أفعل؟ وما حكمي؟ لا أعلم ما خطئي، سألته، فقال: "أنتِ من اختار، هنَّ فقط ساعدوكِ".

حاولتُ أن أوضح له أنني اخترتُ في البداية، ثم تم استبدال اختياري باختيارهم، وأنهنَّ هنَّ مَن لم يعجبهنَّ الأثاث، لكنه رفض المحادثة وغضب مني أكثر، هل عليَّ إثم لإغضابه؟ وما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ... حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، ونحن نسأل الله أن يرطب الحال بينك وبين زوجك، وأن يجعل السكينة والمودة هي أساس التعامل معكم.

من الطبيعي -أختنا- أن يكون لأهل الزوج -وخاصةً والدته وأخواته- مشاركة واختيار، ومن الطبيعي أن يستشير الشاب أهله في ذلك، وقد ذكرتِ أنك لم تعترضي في البداية، ولكن من خلال الأسطر القليلة بدا لنا أنك كنت متضايقةً جدًّا من تدخلاتهنَّ، نعلم أن هذا قد يضايق بعض بناتنا، لكن الفتاة العاقلة هي التي لا تظهر لزوجها ما عكر صفوها، وخاصةً إذا كان مع أهله.

لكن يبدو -أختنا- بطريقة أو بأخرى قد وصلت تلك الرسالة -نعني الضيقة بسبب تدخلات أهله- إليه، ويبدو كذلك أن هذا أزعجه.

الأمر الثاني: كان يمكنك أن تتجنبي الحديث مع زوجك، وأن تشاركي بالهدوء أخواته، وخاصةً الأقرب إليك في ذلك، فإن تعذر عليك فإنه كان ينبغي أن تقولي عند كل سؤاله عن الأثاث الذي لا يرضيك: "ما دام هذا يعجبك، فأنا موافقة"، وبهذا تأخذين الموقف المعتدل؛ لأنه سيسألك ساعتها ما هو الأفضل، وستبدين رأيك بكل هدوء، فكما قلت أنت: "هذه أمور شكلية".

ثم لما سألك عن أن الأثاث اختيارك بناءً على موافقتك كل مرة، وإخفاء رأيك الحقيقي، ذكرتِ له أنه ليس اختياريًا، وهذه رسالة له أن الأثاث غير جيِّد، وأن المال الذي دفعه ذهب هدرًا، وكان يمكن أن تقولي: "اختيارنا جميعًا، وهو جيد"، وبهذا تصل الرسالة كما أردتها.

أختنا: الحديث الآن عن المخطئ ليس جيدًا؛ لأنه سيفجر المشاكل، ويباعد بين الإصلاح، لذا نرجو أن يكون الحديث بينك وبين نفسك عن أمرين:
- كيفية التعامل بعد ذلك، والاستفادة من الحدث هذا.
- كيفية إرضاء الزوج بهدوء، وتجاوز هذه المشكلة.

أختنا الكريمة: إننا نود منك الهدوء الآن، وإرسال رسائل إيجابية عبر أخواته، وتبيان رأيك، وأن الأثاث جيد، وتعاملي مع المشكلة بهدوء، وأشركي والدتك، أو صاحب الرأي الحكيم من محارمك، لتأخذي منه النصيحة.

بهذا -إن شاء الله- تتجاوزين المشكلة، ونحن نسأل الله أن يوفقكم لكل خير، وأن يسعدكم في الدراين، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً