السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أنا امرأة متزوجة، ولي طفل يبلغ من العمر 10 أشهر، زوجي رجل ملتزم، وكان يعمل بإحدى الشركات، يتقاضى أجرة شهرية قدرها 1700 درهم، وأخوه يرسل له مبلغ 1000 درهم شهريا لأداء واجب كراء السكن الذي نسكنه.
وحيث أنني أعمل عملا بسيطا جدا ساعدت الزوج في مجموعة من الأشياء بحيث أنني قمت بإحضار جميع أثات المنزل من مالي الخاص.
الآن طلب مني الزوج أن آخذ حوائجي كلها أي الأثات إلى منزل والدي؛ لأنه أصبح غير قادر على أداء واجب الكراء رغم أنه يتوفر على المال، وإلا أن أقوم بتسديد الكراء عنهم؛ لأن أثاث البيت لي وليس له، فتركني في حالة يرثى لها، وذهب لحال سبيله، وأنا بدوري أخذت كل شيء لمنزل والدي رحمه الله كما طلب مني الزوج.
وحيث أن الزوج تركني بمنزل والدي منذ شهر إبريل 2012 إلى الآن بدون نفقة ولا يسأل عني إطلاقا، ويقول لي: لن أنفق عليك فأنت مع أسرتك، فأمك تنفق عليك.
أرجوكم أفيدوني في قضيتي هذه ماذا أفعل؟ وما هو الطريق الذي أسلكه؟
جزاكم الله عنا خيرا.
والسلام عليكم ورحمة الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نهى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك ابنتنا الفاضلة في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يرد هذا الزوج إلى الحق، هو ولي ذلك والقادر عليه.
لا شك أن ما يحصل من الزوج أمر غريب، فالنفقة واجبة على الزوج، ولكنا ندعوك إلى التعامل مع الوضع بمنتهى الحكمة وبمنتهى اللطف، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسهل الأمور، وأن يلهمه السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
وكم تمنينا لو أن كل أخت، ومنذ بداية الطريق تعود زوجها تحمل المسؤوليات، فإن كثيرا من الأزواج بكل أسف إذا تحملت الزوجة بعض الأتعاب وبعض الواجبات، فإنه يعتاد على ذلك، ويظن أن هذا من واجبات المرأة، والنفقة الكاملة هي على الرجل، عليه أن ينفق على زوجته، ليست أمك ولا والدك بعد الزواج مسئول عن الإنفاق، ولكن أرجو أن نكون أكبر من هذه الأمور، وتعاملي مع الوضع بمنتهى الحكمة، ونسأل الله أن يرد هذا الزوج إلى وعيه وصوابه.
ولست أدري لو حاولنا أن نسأل: ما هي الأسباب من وجهة نظرك؟ هل نستطيع أن نقول أن الرجل يمر بأزمة مالية؟ هل نستطيع أن نقول هذا الرجل لا يعرف حدود الواجبات؟ هل نستطيع أن نقول هذا الرجل هناك من يحرضه؟ فلابد أن ننظر للمسألة من جذورها، لأنه إذا عرف السبب بطل العجب، وسهل علينا بحول الله وقوته وفضله إصلاح الخلل والعطب.
فالمسألة تحتاج إلى وقفة هادئة، وإلى تعامل لطيف مع هذا الزوج حتى تعود الأمور إلى نصابها.
ثم إننا نريد أن نسأل: إذا كان هذا الزوج لا يريد أن ينفق فمن الذي ينفق على الطفل الصغير؟ فهو المسؤول عنه بين يدي الله تبارك وتعالى، ومسؤول عنك في الإنفاق عليك ما دامت الزوجية باقية بينكما، وحتى لو حصل فراق فإنه مطالب أن يدفع حضانة ويدفع ما يخص هذا الطفل الصغير، ولكننا لا نريد أن نتعامل بهذا المنطق، فالذي بينكما أكبر من الدراهم وأكبر من الدينار، وأرجو أن تتحملي هذه الظروف، ونتمنى أن تكون سحابة صيف، وأرجو أن تستفيد كذلك من فرصة الصيام، فتذكريه بالله تبارك وتعالى، وتذكريه بأن الذي فرض الصيام هو الذي فرض عليه أن ينفق على زوجه وعلى أسرته، وكفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول، هذه من واجبات هذا الشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى بها.
وكذلك أيضا ينبغي أن تجتهدي في ألا تتسع دائرة المشكلة، فلا تدخلي أهلك في الموضوع، وإذا عرفوا بالموضوع فالتمسوا له الأعذار، لأن هذا يعقد المسألة جدا. إذا كان في أهل الزوج من العقلاء والفضلاء من يصلح الكلام معهم فلا مانع من أن يشاركوا في حل هذه المشكلة، شريطة أن تكوني على علم بنمط شخصية الزوج، وهل هو من النوع الذي يقبل التدخل ويقبل النصيحة؟ أم هو من النوع الذي لا يريد تدخل الآخرين، إلا عنادا وتمردا وبعدا وتقصيرا.
وهل هذا الزوج مواظب على صلاته وعبادته وطاعته لله تبارك وتعالى؟ أم هو ذلك المقصر في حق الله وفي حقك أيضا؟ .. إذا كان هناك تقصير في حق الله فلتكن البداية بأن نذكره بواجباته الشرعية التي يسأله الله تبارك وتعالى عنها، ثم بعد ذلك نسأل عن واجباتنا، فإن الإنسان إذا قدم حق الله وحرص على أن يعين الشريك على طاعة الله تبارك وتعالى فإن الخير يأتيه، وإذا أصلح الإنسان ما بينه وبين العظيم سبحانه فإن الله يصلح له ما بينه وبين الخلق.
عموما هذا الوضع غير طبيعي، وهذا الكلام الذي يقوله لا يقتنع به أحد، ولذلك أرجو أن نتعرف سويا على الأسباب الفعلية، وأرجو أن يعطي فرصة، أرجو كذلك أن نحاول أن نتعامل مع الوضع بهدوء، فإن هذا الوضع سوف يتغير بحول الله وقوته، ولا مانع من أن تصرفي على نفسك، فإذا تيسرت الظروف فعند ذلك من واجبه أن يسدد هذا الذي أنفقته الوالدة أو هذه الدراهم التي دفعتموها في غياب تقصيره، وهكذا ينبغي أن يكون الرجل، فإن القوامة التي جعلها للرجل من أكبر أسبابها ومؤهلاتها {الرجال قوامون على النساء} بماذا؟ {بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} فالنفقة على الرجل من كمالات هذه القوامة، ولأنه منفق ولأن للرجل خصائص خاصة جعل الله القوامة بيده، لكن الذي يريد ألا ينفق فكيف يكون قيما وكيف يقود هذه الأسرة، وماذا لو عرفت هذه الصغيرة مستقبلا أن والدها تخلى عن الإنفاق عنها؟
نسأل الله أن يرده للحق والصواب، هو ولي ذلك والقادر عليه.