السؤال
السلام عليكم
أنا فتاة عاطلة، وغير متزوجة، وأبلغ من العمر 25 سنة، لدي مشكلة مستمرة لأكثر من 15 سنة، وهي الخجل والانطوائية، واحمرار الوجه والتعرق الشديد، والرعشة في اليدين، وتحصل معي بمجرد الحديث مع أشخاص قريبين مني مثل أخواتي أو أمي أو أبي، أو صديقاتي والغرباء.
حاولت أن أعالج نفسي أكثر من مرة لكن ليس عندي وسيلة للعلاج.
مع العلم أني أعيش وسط جو عائلي مليء بالمشاكل، وبسبب المشاكل المستمرة كانت تسول لي نفسي بالانتحار كفكرة فقط، لم أصل لمرحلة التطبيق مع أنني أفكر في الانتحار منذ أن كنت في العاشرة من عمري.
بالنسبة لي انغمس في الدراسة، وأنجح فيها، لكني في وسط المجتمع أشعر بالملل، ولا رغبة لي في الحديث الطويل، وأفضل الانطوائية.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ماري الصغيرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإن رسالتك واضحة ومن خلالها نستطيع أن نقول أنه لديك درجة بسيطة مما يسمى بالخوف أو الرهاب الاجتماعي، ويظهر أن دائرة تواصلك الاجتماعي محصورة بعض الشيء مما يجعلك تحسين بهذا الخجل حتى أمام من تعرفين من أشخاص، ومن القريبين إليك، أضف إلى ذلك الغرباء.
أنا أرى أن توجسك الشديد حول المشاكل الأسرية؛ قد يكون أضاف درجة للقلق والإحباط لديك.
المشاكل الأسرية والمنزلية ينظر إليها الإنسان كأمر حتمي في بعض الأحيان، وهذا لا يعني الاستسلام لها، على العكس تماما: الإنسان يسعى ليساهم في حلها، وهذا من خلال الروية، وأن يكون منصفا مع نفسه، ومع من حوله، وأن يعمل دائما على عدم تصعيد الأمور حين تحدث مشكلة، إن لم يستطع الإنسان أن يحلها يسعى لعدم تصعيدها، وهذا يعتبر نوعا من الحل الجيد جدا، وهنا تكون الاستفادة الشخصية لك بأنك قد أنجزت فعلا ممتازا وإيجابيا يصب في مصلحة أسرتك، وفي ذات الوقت سوف يصب في مصلحتك، لأنك سوف تحسين بالرضا حيث إنك قمت بدور إيجابي مهم.
وحين تكون هناك مشاكل وصعوبات في داخل الأسرة يجب أن ننظر أيضا إلى الإيجابيات، لأن التركيز فقط والانكباب حول السلبيات ليس أمرا جيدا، لا يساعد على الحلول، على العكس تماما يجعل جميع من يريد أن يساهم في الحلول يفقد الطريق تماما ويصاب بالسأم واليأس.
انظري إلى ما هو إيجابي في داخل أسرتك، وحاولي أن تنمي هذه الإيجابيات، كوني أنت حمامة السلام، وهذا - إن شاء الله تعالى – يساعدك كثيرا، ويساعد أسرتك.
الأمر الآخر: ليس هنالك ما يدعو للتفكير في الانتحار، التفكير بالانتحار أصلا هو أمر مرفوض، لكنه في بعض الأحيان قد يفرض نفسه، ليس هنالك ما يدعوك حقيقة لهذا التفكير حتى وإن وصلت هذه المشاكل لمستويات عالية وكبيرة، ليس هذا حلا، ولا يمكن للإنسان أن يحل مشكلة بمشكلة، وأنت أقوى من ذلك، ونحن الآن في شهر رمضان الفضيل وأيام الرحمة هذه يجب أن تستغل من أجل أن نصلح أخطائنا، ومن أجل أن نسعى لأن نكون في هدوء وتراحم فيما بيننا، وانظري حكم الانتحار أو التفكير فيه: ( 262983 - 110695 - 262353 - 230518 ).
ومن أهمه شيء وكان في غم وكرب فليلجأ إلى الله تعالى، بصلاة ركعتين، بذكره سبحانه وتعالى وشكره، بقراءة القرآن، بالدعاء بقوله: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال)، أو بدعاء: (اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربي قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي) أو بدعاء: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) أو بدعاء: (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين) وغيرها من الأدعية الجميلة المأثورة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
الخوف الاجتماعي يعالج حقيقة من خلال مساهماتك في شؤون أسرتك، هذا أمر مهم جدا، والتغيرات الفسيولوجية التي تشاهدينها وهي احمرار الوجه والتعرق الشديد والرعشة، هذه تحدث كنتيجة لنشاط الجهاز العصبي اللاإرادي، لكن هنالك حقيقة علمية مؤكدة، وهي أن الذين يصابون بهذه التغيرات الفسيولوجية يستشعرونها أكبر من حجمها، يعني هنالك مبالغة في الإحساس بها، يعني أن الآخرين لا يحسون أو لا يشاهدون ولا ينظرون إلى هذا الاحمرار أو التعرق بنفس الحجم الذي تنظرين إليه أنت، وهذا يجب أن يشجعك للتغاضي عنه وعدم التركيز عليه.
تواصلك وأنشطتك يجب أن تشمل أيضا صديقاتك، والانخراط في تواصل اجتماعي مفيد على مستوى الأسرة والأرحام والنشاط الاجتماعي، هذا فيه خير كثير لك.
هنالك أدوية ممتازة جدا تعالج هذه الحالة، تشاوري مع من تريدين في أسرتك، وإن وافقوا على ذلك فهذا أمر جيد، وإن لم يوافقوا فمن الأفضل أن تعرضي نفسك على الطبيب النفسي من خلالهم.
الدواء الجيد والممتاز والذي يساعد في علاج هذه الحالة يعرف تجاريا باسم (زيروكسات) ويعرف علميا باسم (باروكستين) وأنت محتاجة أن تبدئي في تناوله بجرعة عشرة مليجرام – أي نصف حبة – يتم تناولها ليلا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة، يتم تناولها أيضا يوميا ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض إلى عشرة مليجرام ليلا لمدة شهر، ثم عشرة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم يتوقف عن تناول الدواء.
هو دواء سليم وفاعل، وهذه الجرعة التي وصفت لك هي جرعة صغيرة جدا.
هنالك دواء آخر مساعد يعرف باسم (إندرال) واسمه العلمي (بروبرلانول) أرجو أن يتم تناوله بجرعة عشرة مليجرام يوميا لمدة شهرين، هذا دواء طيب جدا لمنع الآثار الفسيولوجية مثل التعرق، والرعشة، وتسارع ضربات القلب – إن كان يحدث لك - .
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.