السؤال
السلام عليكم ورحمة الله بركاته ..
كانت تجمعني بفتاة علاقة، وكان الحب بيننا وصل إلى درجة كبيرة، وكنت أريدها بالحلال، وفي نفس الوقت كنت قد نويت أكثر من مرة أن أتركها لله، على أمل أن يجمعنا الله بالحلال، ولكن لشدة حبي لها لم أستطع ذلك.
مرت الأيام، وكنت أدعو أن يجمعني الله بها على رضاه، وفي يوم من الأيام صار سوء تفاهم بيننا، وتفرقنا، ولكن إلى الآن كل منا يحب الآخر، علما أنها تصغرني بعامين، وأنا شاب لا أستطيع أن أتقدم لخطبتها، لأني صغير في السن (19) سنة.
أنا أصبحت -بحمد من الله- أكثر تقربا إلى الله من قبل، وأصبحت أقوم الليل، وفي كل دعاء أدعو به أدعو أن يجمعني الله بها بالحلال، وبإذن الله لن أمل حتى يستجيب الله لدعائي، وأكون له شاكرا، وراضيا بأمره، فهل من الممكن أن أدعو الله بهذا النوع من الدعاء؟ وما الأعمال المستحبة والأدعية التي تنفع في حالتي؟ أرجو أن تعطوني ملخصا عن كيف يكون دعائي مستجابا؟ بالشروط والآداب، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك -ابننا الكريم- في موقعك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكر لك هذا التوقف عن الأمر الذي يغضب الله تبارك وتعالى، ونبشرك بأن من ترك أمرا لله عوضه الله تبارك وتعالى خيرا منه، فنسأل الله أن يجمع بينكما في الحلال، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
أرجو كذلك أيضا أن يظل ما حصل سرا، وأن تجدد التوبة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى؛ لأن ما حصل لم يكن له غطاء شرعي، ولم يكن له مبرر شرعي، والحمد لله أنك نجحت في التوقف، ووفقك الله تبارك وتعالى، وأرجو أن يكون هذا من دلائل قبول توبتك أنك أصبحت صواما قواما مطيعا لله تبارك وتعالى، فإن الحسنات بعد التوبة دليل على قبولها، أو من أدلة قبول التوبة عند الله تبارك وتعالى، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك ولها الخير، وأن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
أكرر: لابد أن يكون ما حصل سرا، لأن معرفة الأهل والناس بتلك العلاقة التي كانت في الخفاء قد تكون سببا وعائقا من عوائق العودة لهذه العلاقة والقبول بها زوجة لك، خاصة من قبل أسرتك، فإننا كمجتمعات مسلمة لا نعترف بهذه العلاقات، وفعلا هي علاقات لا يرضاها الله تبارك وتعالى، ولا يرضاها المجتمع الفاضل، هذه العلاقات التي تنشأ في الخفاء، فالعلاقة بين الشاب والفتاة ينبغي أن تكون منضبطة بالضوابط الشرعية، وتبدأ بالمجيء إلى البيوت من أبوابها، ثم بالخطبة الرسمية، وأن يكون هدف العلاقة هو الرباط الشرعي والزواج، وليس تمشية للوقت وتضييعه، كما يحصل من الشباب من تضييع للأوقات ووقوع فيما يغضب رب الأرض والسموات.
لا مانع من أن تدعو الله تبارك وتعالى بما تحب من الدعاء، ونحن في شهر الصيام أيضا وفرص الإجابة كبيرة جدا، فللصائم دعوة حتى يفطر، وكذلك عند الفطر تجتهد في الدعاء، وعند الصلوات وبعد الصلوات تجتهد في التوجه إلى رب الأرض والسموات.
أما شروط الدعاء فهي أولا: أن يبدأ الداعي بالثناء على الله، ثم بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم – ثم يرفع حاجته، ثم يختم بالصلاة على النبي - عليه الصلاة والسلام - .
من آداب الدعاء كذلك أن يلح الإنسان في دعائه، ويكرر اللجوء إلى الله تبارك وتعالى، ومن آداب الدعاء أن يكون الإنسان موقنا بالإجابة من الله تبارك وتعالى، كذلك أن يكون الإنسان حاضر القلب عندما يدعو الله تبارك وتعالى، كذلك أن يتجنب الإنسان أكل الحرام، وأن يكون آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر، وحريصا على مرضاة الله تبارك وتعالى.
من آداب الدعاء كذلك أن يكثر من الدعاء فلا يتوقف، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل) قيل: وما الاستعجال يا رسول الله؟ قال: (يقول قد دعوت وقد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجب لي، فيستحسر عند ذلك ويترك الدعاء).
كذلك ينبغي أن تدرك أن إجابة الدعاء تتنوع، فلا تعجل، فإنه ما من مسلم يدعو الله بدعوة إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يستجيب الله دعوته، وإما أن يدخر له من الأجر والثواب بمثلها، وإما أن يرفع عنه من الشر والبلاء مثلها، فإذن أنت رابح في كل الأحوال، ومن الذي توجه للعظيم سبحانه فلم يجبه؟!
المؤمن حاله مع الدعاء أنه يتوجه إلى الله تبارك وتعالى، فإن أعطي رضي، وإن لم يعط رجع بالملامة على نفسه ويقول (مثلك لا يجاب) أو (لعل المصلحة في ألا أجاب) ويراجع نفسه بالتوبة والإنابة إلى الله تبارك وتعالى، فالدعاء سلاح لا يخيب، لكن السلاح بحامله والسيف بضاربه، فالإنسان لابد قبل الدعاء من أن يتوجه إلى الله تبارك وتعالى بصنوف الطاعات، وهو يتوجه إلى رب الأرض والسموات الذي يجيب المضطر إذا دعاه سبحانه وتعالى، والذي دعاه وقال: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} والذي قال: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون}.
نسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يستخدمك في الخير، ونتمنى أيضا أن تكون الفتاة قد عادت إلى الله تبارك وتعالى، وتشتغل كذلك بالدعاء والطاعة لله تبارك وتعالى، وننصحك بأن تتوقف عن هذه العلاقة حتى تصحح الوضع، حتى لو أردت أن ترجع للفتاة فلابد أن يكون المجيء للبيوت من أبوابها، وأرجو قبل ذلك أن تمهد لأسرتك حتى لا يقفوا عقبة في طريق هذا الارتباط.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عباده، وعلى الصيام والقيام، هو ولي ذلك والقادر عليه.