السؤال
أريد منكم استشارة اجتماعية تعاني منها الكثير من الفتيات، أنا عمرى 27 سنة، لم أتزوج حتى الآن، جميلة جدا، وتعليمي جامعي -والحمد لله- ولكني أتعرض من الناس لسماع كلمة أنت الآن عانس، ولا أحد الآن يرضى أن يتزوجك، وجميع الشباب لا يرضون أن يتزوجوا إلا الصغيرة.
كيف أرد على مثل هذه العبارات بطريقة أخلاقية ومثقفة ودبلوماسية؟ وبالوقت ذاته تعاتب من كلمني بهذه الطريقة السخيفة، وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -ابنتنا- في موقعك، ونشكر لك التواصل معنا، ونشكر لك هذا السؤال الذي يدل على وعيك، وهنيئا لك بنعم الله -تبارك وتعالى- عليك، ولا تلتفتي لكلام الناس، فإن رضاهم غاية لا تدرك، والزواج من النعم لها أجل ولها وقت محدد، وسوف يأتيك ما قدره لك القدير في الوقت المناسب، واعلمي أن سعادة المؤمنة ليس بالضروري في زواجها أو في جمالها أو في وظيفتها أو في مالها، لكن السعادة هي نبع النفوس المؤمنة بالله -تبارك وتعالى-، الراضية بقضاء الله وقدره، الحريصة على كل أمر يرضيه، ونعم الله -تبارك وتعالى- مقسمة، فأنت -ولله الحمد- أعطاك الله الجمال والشهادات والمؤهلات، وأخرى أعطاها الله العافية وحرمها من الجمال، وثالثة أعطيت المال وحرمت من الجمال، ورابعة أعطيت وظيفة ولم تعط الجمال أو الزواج، فنعم الله -تبارك وتعالى- مقسمة.
فالإنسان ينبغي أن -يحمد الله- على النعم التي عنده، وبالشكر والحمد ننال المزيد، لأن الله هو القائل: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم} فاحرصي على شكر النعم التي أنت فيها والتي منها الشهادات الجميلة والشكل الجميل الذي وهبك الوهاب -سبحانه وتعالى-، ولا تلتفتي لكلام الناس؛ لأن الزواج كما قلنا له وقت محدد، سوف يأتي في الوقت المحدد في الوقت الذي قدره الله تعالى، واحرصي على أن تكوني دائما مع النساء الفاضلات في أماكن القرآن وأماكن المحاضرات ومواطن الخير، واعلمي أن لكل واحدة منهن محرم من أخ أو ابن أو قريب يطلب من أمثالك من الجميلات المتعلمات وسوف يأتيك ما قدره لك القدير.
أما بالنسبة للناس فلا تردي على كلامهم ولا تهتمي لكلامهم، وقابلي كلامهم بالسكوت والهدوء، فإن الإنسان كما قالوا: لو ألقم كل فم بحجر لكان الصخر بدينار كما قال الشاعر، ولكن الإنسان ينبغي أن يحتمل من الناس، ومهما كلام الناس فكل إناء بالذي فيه ينضح، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، فلا تردي عليهم بالرد السيء، ويكفي السكوت، فإنه أبلغ رد على ما يتطفل ويتدخل في مثل هذه الأمور، وقولي لهم: (الأمر بيد الله -تبارك وتعالى- وليس بأيديكم) كما قال تعالى: {قل لو كنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق} ولكن الأمر بيد الرحيم الغفور الذي يقدر الأمور -سبحانه وتعالى-.
وأشغلي نفسك بإصلاح ما بينك وبين الله، ثم بكثرة التوجه إليه -سبحانه وتعالى-، واحرصي على بر الوالدين، وكوني عونا لمحتاجين ليكون العظيم في حاجتك -سبحانه وتعالى-، وكوني راضية بما يقدره الله -تبارك وتعالى-، وإذا طرق بابك خاطب فانظري إلى دينه وأخلاقه قبل أن تنظري إلى أمواله ووظيفته، فإن الأساس هو الدين والأخلاق، وليس العبرة متى تتزوج الفتاة، ولكن العبرة بمن ستتزوج، لأن بعض الفتيات قد تستعجل وتتزوج في وقت مبكر لكنها تأخذ رجلا لا وزن له، ولا دين له ولا أخلاق له.
نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يهيأ لك الرجل العاقل الناضج المتدين، حتى يسعدك في الحياة، وأن يعينك على الخير، ولا تهتمي بكلام الناس، وادفعي بالتي هي أحسن، ولا تعاملي الناس بما يصدر منهم، واعلمي أن رضا الناس غاية لا تدرك، والعاقلة تجتهد في إرضاء الله -تبارك وتعالى-، فإذا رضي العظيم أرضى عنا عباده -سبحانه وتعالى-، ولكن رضا الناس غاية لا تدرك، وكلام الناس لا يمكن أن ينتهي في كل الأحوال، ولست وحدك من يعاني، ولكن طبعا أنت لا تشعري بمعاناة الآخرين من كلام الناس، والسعيد العاقل الذي يشغل نفسه بما في نفسه ويترك الناس وشأنهم.
نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يرزقك الزوج الصالح عاجلا غير آجل، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، هو ولي ذلك والقادر عليه.