السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أرجو منكم مساعدتي: حدث شجار بين أمي وأبي, ثم بعد مدة أمي تركت البيت ورحلت إلى ديارها, وفي تلك الأثناء لم تتصل بنا, والآن مضى على هذا الأمر نحو سنة تقريبا, ولم أر أمي, وأخشى إن قلت لأبي أريد الذهاب لرؤية أمي أن يغضب ويزمجر, وأبي لا يحب أهل أمي, فماذا أفعل؟ فأنا مشتاق لرؤية أمي, لكن لا أعرف, إذا قلت لوالدي أني ذاهب لرؤيتها فسوف يغضب علي, وربما يرفض, وإذا رفض هل أكسر كلامه وأذهب لرؤيتها؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا, والله إني محتاج مساعدتكم, مع العلم نحن 7 إخوة فما العمل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك ابننا الكريم في موقعك، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يجمع بين والديك على الحق والخير، هو ولي ذلك والقادر عليه.
أعتقد أنك -ولله الحمد- في سن تسمح لك أن تسعى في الإصلاح، وأن تخبر الوالد بضرورة أن يعيد الأمور إلى وضعها، وبين للوالد فضله، قل له (أنت والدنا، وأنت كريم، وأنت عزيز علينا، وهذه هي الوالدة، ماذا لو جمعت هذه الأسرة وجمعت هذا الشمل) وأرجو أن يتكلم هذا الكلام أيضا إخوانك، وأنتم ولله الحمد تستطيعوا أن تؤثروا على الوالد وتؤثروا على الوالدة.
واعلم أن شريعة الله تأمرك ببر الوالد وبالإحسان للوالدة، والشريعة تريد بر الوالد والإحسان للوالدة، تريد أن يحرص الإنسان على البر بأبويه، ولذلك أطع أباك ولا تعص أمك، واجتهد في صقل هذه المشاعر النبيلة واجعل سعيك أولا في محاولات الإصلاح، في محاولة الكلام مع الوالد وتهدئة الخواطر، (وأن الوالدة تعرف قدره وتعرف فضله، وأن الشيطان وجد فرصة) ونحو هذا من الكلام.
وحبذا لو اتفقتم على مثل هذه الخطة، بأن تجلس مع الوالد في هدوء, وتعرف قدره ومكانته وتقول: (أنت والدنا وصاحب فضل علينا وعلى الوالدة، لكن نحن في شهر فضيل، نتمنى أن يجتمع الشمل، وأن تعود الأمور إلى مجاريها وإلى وضعها الصحيح) ثم بعد ذلك لا مانع من أن تكلموا الوالدة في نفس الموضوع وتقولوا له (نحن أيضا سنناقش الوالدة ونطلب منها أن تعتذر عما حصل حتى تعود الأمور إلى وضعها الصحيح، لأننا نسعد بوجود الوالدة معنا ووجودك معنا، فأنتم عندنا قيمة عظيمة جدا، والشرع يأمرنا بالإحسان لكم جميعا وللطاعة لكم جميعا) ونحو هذا الكلام.
ثم بعد ذلك لا مانع من الاتصال على الولادة أيضا وملاطفة الوالدة، ودعوتها إلى التنازل وذكر المشاعر النبيلة، وتذكيرها بأن الشيطان هو الذي أفسد هذه العلاقة، وبأنكم في حاجة إليها, وبحاجة إلى رؤيتها والجلوس معها، وسعادتكم في أن تكون إلى جواركم، بنحو هذا الكلام الذي سيترك آثارا طيبة على الوالدة، وكذلك يترك آثارا طيبة على الوالد، لأن هذا سعي للإصلاح، والمصلح يقول خيرا وينمي خيرا ويزيد في الكلام، ويأخذ الكلمة الجميلة فينفخ فيها ويضخمها، حتى تترك آثارها الكبيرة على الطرف الآخر، حتى لا نتيح فرصة للشيطان ليفسد هذه العلاقة بين الوالد والوالدة، وطبعا الكل سيربح من خلال اقتراب الوالد من الوالدة ومن خلال عودة الأمور إلى وضعها الصحيح.
وستجد الوالد -إن شاء الله تعالى– مهيئا لسماع مثل هذا الكلام، قد يرفع صوته، قد يشتكي، قد يتكلم، لكن كل ذلك جزء من الحل، فهو بحاجة إلى أن يخرج ما في نفسه، ثم بعد ذلك يكون مهيئا للصلاح والإصلاح, ولقبول الآراء والمشاركات في هذا الموضوع الذي نحسب من الأهمية بمكان، والوالدة أيضا، لأن الشرع يأمركم ببر الوالد وبالإحسان إلى الوالدة.
إذا تيقنتم أنه يمكن أن يغضب فليس من الضروري أن يعلم أنكم اتصلتم على الوالدة، ولكن ينبغي أن يكون لكم تواصل مع الوالدة بأي طريقة من الطرق، حتى لو اشترطنا على الوالدة ألا يكون هذا الأمر معلنا, أو معلوما للأجل مصالح أخرى، لا مانع من ذلك، لكن أنتم تستطيعوا أن تتصلوا على الوالدة وتطلبوا منها أيضا الاعتذار وتطلبوا منها خطة رجعة، وتبينوا لها أنكم ما استفدتم بغيابها، وأنكم بحاجة إليها، ونحو هذا الكلام الذي سيؤثر عليها أو يؤثر على الوالد.
أنتم بحاجة في كل الأحوال إلى أن يتنازل أي طرف، فإذا لان الوالد, فهذه نعمة، وإذا قبلت الوالدة أن تصحح الأمر, وتفكر في العودة إلى بيتها, وإلى أولادها فيكون هذا أيضا بابا كبيرا من أبواب الخير يفتح عليكم في هذه الأيام المباركة.
وأرجو كذلك أن تعرفوا نقاط التأثير في الوالد والأوقات المناسبة، والكلمات التي تصلح معه، والشخصيات التي يمكن أن يستمع إليها، الدعاة الذين يمكن أن يقبل كلامهم، وتوجهوا قبل ذلك إلى رب الأرض والسموات.
ونحن حقيقة نشكر لك هذا الحرص، فأنت من بين إخوانك كتبت هذه الاستشارة، وهذا دليل على أن فيك الخير ومنك الخير ينتظر، فنسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يجعلك قرة عين لوالديك، وأن يثبتنا وإياك، وأن يقر عينك بصلاح أحوال أسرتك وأسر المسلمين، هو ولي ذلك والقادر عليه.