الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أصلح بين أبي وأمي حين يقوم الخصام بينهما؟

السؤال

أريد أن أسأل سؤالاً، ما ذنبي؟ لماذا ولدت في عائلة لا تصمد دقيقة واحدة من دون مشاكل؟ ما ذنبنا نحن الأطفال لتحمل مشاكل الأب والأم القديمة التي حدثت قبل قرن؟!

أحياناً أفكر في الاختيار بينهما، لكنني أحبهما جميعاً، ولا أستطيع العيش بدونهما، وما زلت في الرابعة عشر من عمري، وما زال أمامي ما أعيشه.

هل سأبقى هكذا مع المشاكل النفسية طول حياتي؟ أنظر إلى آباء صديقاتي وأصدقائي، وأشعر أحياناً بالغيرة منهم.

ما الذي يدفع الأهل لعمل المشاكل؟! بالرغم من أن حالتنا المادية ممتازة، وكل شيء ممتاز، أريد أن أن أصلح بينهم، ولكن كلما حاولت أعود إلى غرفتي وأبكي، وكأني لم أحاول الإصلاح بينهم! أنا لا أفهم شيئاً حقاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مايا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك –بنتنا الفاضلة– في الموقع، ونشكر لك هذا السؤال الكبير من بنتنا الصغيرة في عمرها لكن كبيرة بعقلها ونضجها، ونسأل الله أن يُسعدك بصلاح ما بين والديك، وأن يلهمهم السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

نحب أن نؤكد أنك -ولله الحمد- بهذا الوعي وبهذا العقل الذي دفعك للكتابة إلينا، تستطيعين أن تُلطفي الأجواء، وتستطيعين أن تفعلي الكثير، فإذا كنت مع الوالدة فشجعيها وذكّريها، واذكري لها فضائلها، واذكري لها أحسن ما ذكره الوالد عنها، وإذا كنت مع الوالد فعظّميه واحترميه، وانقلي له أطيب المشاعر، وبيِّني للطرفين أنك تحبينهم، وكل طرف تقولين له: (أنا أحبك، وأحب أن تكونوا هادئين، وأحب أن يحصل كذا وكذا).

هذا هو دورنا، أن نقول خيرًا وننمي خيرًا، فإذا سمعت كلمة جميلة من الوالد عن الوالدة فضخميها وعظّميها وانقليها لها، وإذا سمعت كلمة سيئة فادفنيها مكانها، وإذا سمعت أيضًا من الوالدة كلمة واحدة عن الوالد عظّميها وانقليها له واحتفي بها، وإذا سمعت كلمة قبيحة فادفنيها، ولا تحاولي أن تردي على مَن يتكلّم، حتى لا يشعر أنك تقفين مع الطرف الثاني، بل قفي مع الطرفين، ومن طريف ما جاء في هذا أن الإمام مالك جاءه مَن يقول: (أبي يأمرني وأمي تنهاني) أحيانًا التعليمات متصادمة، فقال: (أطع أباك ولا تعص أمك) معنى هذا كما نقول: (دبّر حالك).

ونقول: عليك بالمداراة، عليك بعدم الجدال والنقاش معهم، عليك بحسن الاستماع، تستمعين لكن تفعلين ما يُرضي الله، تفعلين ما هو صواب وخير، ونحن نؤكد أن المسألة ليست سهلة، لكن لا نريد أن تنسحبي بالبكاء، ولكن عليك بالدعاء، وعليك باللجوء إلى الله تبارك وتعالى، وعليك بأي عملٍ إيجابي، عليك أن تُدركي أن الحياة لا تخلو من الصعاب، ولا تخلو من المشاكل، لكن الإنسان يستطيع أن يتعايش، يستطيع أن يحوّل الأزمات إلى فرص، يستطيع أن يحول المشاكل أيضًا إلى ذكريات جميلة.

لذلك نسأل الله تعالى أن يُعينك على الصبر، وأن يُعينك على النجاح، ونحن نسعد بتواصلك مع الموقع، ونتمنّى في المرات القادمة أن ترصدي نوع المشاكل، وترصدي نماذج منها، لأن هذا يُساعدنا في تحليل شخصية الوالد والوالدة، وهذا بالتالي يُساعدنا في وضع النقاط على الحروف، لنكون عونًا لك، فأنت المصلحة الصغيرة، لكنك الكبيرة بهذا العقل وبهذا النضج.

نكرر الترحيب بك -بنتنا- ونسأل الله الاستقرار في بيتكم وفي بيوت المسلمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً