هل أواصل حياتي مع هذا الخاطب مع أني لا أحبه، أم ماذا أفعل؟

0 644

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أرجو يا شيخنا أن تصلك رسالتي وأنت بأفضل حال.

أريد أن أسألك في مسألة، وأحتاج فيها صاحب دين ونظرة في الحياة، وطيب خلق مثلك.

أخشى أن أزعجك بتفاصيل مسألتي، ولكني أسألك أن تحتسب كلما سيترتب على إجابتك سيكون في ميزان حسناتك، وكل حسنة سأفعلها أنا وزوجي وأولادي إلى أن تقوم الساعة - إن شاء الله -.

أنا طبيبة امتياز ( في السنة الأخيرة من كلية الطب)، وكنت أعمل في العديد من المجالات التطوعية - والحمد لله -، ولكني بليت نفسي، أو ابتليت بشاب اسمه محمد، طيب الخلق والدين والعقل، وصارحني بحبه، وأنه يريد التقدم لي حين نبلغ هذه السنة.

حدث هذا منذ 3 سنوات، وأخذنا نتحادث في الهاتف منذ ذلك الحين للأسف، تتعبنا ضمائرنا، فنقطع الحديث في بعض الأوقات، ونرجع مرة أخرى، لأننا نتعامل مع بعضنا كثيرا خلال الدراسة وغيرها.

تقدم الشاب لخطبتي منذ أكثر من شهرين، ووافقنا عليه، وصليت صلاة الاستخارة، وكنت مرتاحة - والحمد لله –ولكن أمي لم تكن مرتاحة، ولا تعرف سببا معينا لذلك، فلم نعتد بحديثها، وتقدم لي بعده بأيام قليلة شاب آخر أيضا، وكان في نفس سني، ومعروف أيضا بالالتزام، والخلق، حتى أكثر من محمد.

وفي يوم كنا نتحدث عن محمد في البيت، فقلت: بأنه لا يجب أن أفكر في شخص آخر، ولا يجب أن أقارن بينهما احتراما له، وحتى لا يكون في ذلك ظلما له، وما إلى ذلك، وتذكرت سبب حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه )، مع أن الشاب الثاني لم يكن يعلم بتقدم الأول، وقلنا له بأنه إنسان ممتاز، ولكننا نفكر في موضوع آخر، فلا يصح أن نفكر في الاثنين معا، وما إلى ذلك.

فقال الشاب: بأنه على استعداد حتى وإن لم يتم موضوعي، فهو ينو التقدم مرة ثانية.

المهم: حين حددنا ميعاد قراءة الفاتحة (وهي اجتماع العائلتين بمعنى الموافقة)، وإذ بي أتضايق، ولا أريد أن يتم الحفل، وأتمنى أن يحدث لي حادث حتى لا يتم، فقلت ذلك لمحمد، فقال لي: إنه سيغضب كثيرا إن أجلنا هذا الحفل الصغير، وكنت أصلي استخارة، وأظل أشعر بهذا الشعور، ولكن الأمور كانت تتيسر، فقلت لا مشكلة، يمكن أن يكون شعورا عابرا، وخوف من المسئولية، وما إلى ذلك، ولكن تم الحفل، ولكني لازلت غير سعيدة.

ولقد مضى الآن50 يوما، وشعوري لم يتغير، ولازلت متضايقة، ولقد تيسرت لي العمرة - ولله الحمد -، ولكني أشعر بأني لا أحبه، وأشعر بانجذاب ناحية زميلي الآخر الذي تقدم لي في نفس الوقت، وقلنا له أننا في خضم الموضوع فلا يمكننا أن نفكر به.

حاولت مرارا أن لا أفكر في زميلي هذا، ولكني أيضا لست سعيدة مع محمد، ولا أشعر بأني أحبه، وصارحت محمدا بمشاعري، وأني لا أشعر بأني أحبه فقط، وحاول معي بالكثير من الطرق، مثل: الهدايا، وكلم أخي، واقترح علي بأن نبتعد فيشعر كل منا بالاشتياق للآخر، ولكني للأسف لم أشعر بالاشتياق له.

شيخي العزيز:

فكرت كثيرا، واستخرت كثيرا، واستشرت، وأدعو الله في كل سجدة أن يلهمني الصواب، ويريح قلبي وعقلي، ودعني أقول لك لك مخاوفي واستنتاجاتي، لعلي أجد عندك راحة قلبي وعقلي.

*هل سيعاقبني الله لأني فعلت حراما بأن تحادثت معه قبل أن تكون علاقتنا شرعية؟
*هل يحاول الشيطان صرفي لأنه يزين لي العلاقة الحرام، ويصرفني عن الحلال؟
*هل لو تركته وأنا أرضى دينه وخلقه، ولكني لا اشعر بانجذاب نحوهن ولا أنه يملأ عيني، هل يعتبر ذلك ظلم له؟ وبصراحة: أخشى كثيرا من هذه النقطة يا شيخي، فأنت أعلم مني بعاقبة الظلم في الدنيا والآخرة.
*هل يمكن أن يكون ما أشعر به حسدا؟ ولكن إن كان حسدا، فكم سيستمر؟ فإني أحاول - والحمد لله - الحفاظ على الأذكار، وأديت العمرة، - والحمد لله - أنا ملتزمة في صلواتي أكثر من الأول بكثير- ولله الفضل والمنة -.

* أشعر بأنك ستقول لي: أن أصبر، ولكن حتى متى أصبر؟ أليس الزواج سكنا؟ وأنا لا أشعر معه بالسكن.

*هل هذا من عدم غض البصر مثلا؟ لم أقصد والله عدم غض بصري، ولكن أليس المفروض أن أشعر بأن زوجي هو أفضل رجل؟ أعلم بعقلي من أنه ليس كذلك، ولكني يجب أن أشعر بها حتى أحصن نفسي، وأعتقد أنه من حقي وحقه أيضا أن أقوم بتدليله، وأن أشعره برجولته، وأنه الأفضل في عيني، وإن لم يكن هذا شعوري.

ونحن مازلنا على أعتاب الزواج، والتي يقولون عنها بأنها أجمل فترة، فماذا سأشعر لاحقا عند النزاع، وعند الملل، وما إلى ذلك؟

أشكرك جزيل الشكر، وأسألك بأن لا تبخل علي بفضل علم آتاه الله لك، وأسألك أن تجدد نيتك كما ذكرتها في أول رسالتي.

وجزاك الله خير الجزاء

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج كربك، وأن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يلهمك الصواب والسداد، وأن يأخذ بناصيتك إلى الحق، وأن يمن عليك بزوج صالح طيب مبارك، يكون عونا لك على طاعته ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك – أختي الكريمة الفاضلة – فالذي يبدو منها: أن الاستخارة التي قد تمت قد ألقت بظلالها على هذا الموضوع، وهو أن شعورك بعدم الراحة أصبح ملازما لك، حتى إنك بدأت تفكرين في ترك هذا الأخ الذي كانت بينك وبينه علاقة شكلية منذ فترة، وكنتما على توافق، وتقدم لخطبتك، وتمت الخطبة، وتمت الرؤية الشرعية في هذا الحفل الصغير، إلا أنك أخبرته بأنك غير مستريحة، وأن شعورك نحوه بدأ يتغير، وأن حبك له بدأ يتلاشى، إلا أن الرجل نظرا لما يعرفه عنك من حسن خلق وطاعة، ولما لك في قلبه من منزلة، حاول أن يخفف عنك، وحاول أن يسلك كل السبل الممكنة التي تعين على تغيير واقع قلبك، وتؤثر على قرارك، إلا أنك ما زلت تحملين نفس الشعور، ولم يتقدم هذا الشعور نحو الأحسن، وتقولين: هل هناك احتمال أن يكون حسنا؟

أقول: لا مانع، ولذلك أن أقترح رغم أنك تقرئين الأذكار، وتحافظين على الصلاة، إلا أنه لا يمنع أن يكون هناك شيء من هذا القبيل، فأنا أرى أن تستعينوا بالله تبارك وتعالى بأحد الرقاة الشرعيين الثقات ليقوم بعمل رقية شرعية لك، لاحتمال أن يكون هناك شيء من هذا الباب، ونحن سنكون أمام موقف من اثنين: إما أن يكون هذا من أثر العين أو الحسد، وسوف يزول بإذن الله تعالى، وعليه فيكون الأخ محمد أفضل من غيره – الخاطب الحالي -.

وإما أن تكون الحالة لن تتغير، وستظل هذه العاطفة السلبية تسيطر على قلبك وعقلك، وفي تلك الحال تعتذرين له، لأنه من حقك أن تعيشي مع إنسان تشعرين معه بنوع من العواطف والراحة الطيبة معه، والتي ستساعدك على قيامك بواجبك كزوجة، لأن الحياة الزوجية ليست شركة فيها موظف له علاقة بصاحب العمل، بقدر ما هي مؤسسة كبيرة قائمة في المقام الأول، وعلى الراحة المتبادلة، والتفاهم المتبادل بين الطرفين.

وقد يكون هناك نوع من التفاهم، ولكن لا توجد راحة قلبية خاصة في الحياة الزوجية، فتتحول الحياة إلى أشبه بعمل حكومي روتيني، موظف يرى أنه في حاجة إلى العمل، فيذهب إليه في كل صباح، ولكنه لو كان الأمر بيده ما ذهب إليه، يحترم عمله ويقدره، ولكنه لا يحبه.

هذا نوع من العلاقات هو موجود فعلا، وفي معظم الحياة الزوجية القائمة قد تتحول الحياة مع الزمن ومع طولها إلى حياة رتيبة روتينية، يشعر كل واحد من الطرفين أنه موظف في مؤسسة، وأن عليه أن يعمل حتى لا تفشل المؤسسة، أما إذا كان هناك نوع من الميل القلبي، والتعلق العاطفي، فإنه يعطي نوعا من الطاقة على البذل والتضحية والعطاء، حتى وإن كان الطرف الآخر مقصرا.

ومن هنا نرى ضرورة أن يكون هناك شيء من التوافق القلبي، لأن الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، والدليل على أثر الحب في نجاح الحياة الزوجية في بيت النبوة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخبرنا بأنه رزق حب عائشة من السماء، وكان يقول: (اللهم إن هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك).

فإذن ما دامت هناك هذه القضية الكبيرة وهي الشعور بعدم الراحة، أو الشعور بالكراهية، وانعدام المحبة التي هي أساس – خاصة ونحن ما زلنا على الباب ولم ندخل ولم نعش معا –، فأرى أن تقومي بعمل رقية الشرعية من باب قطع الشك باليقين، فإن تحسنت حالتك - فالحمد لله -، وهو أولى وأنفع من غيره وأفضل، وإن قدر الله وظلت الحالة على ما هي عليه، فأرى أن تعتذري له، وهذا ليس فيه أي نوع من الظلم، لأنك لم تأخذي منه شيئا حتى نقول بأنك ظلمته أو لم تظلميه، من حقك أن تقبلي بالزوج الذي تستريحين له، وهذا حقك شرعا، وهذا ليس فيه غضاضة أو نكران، وليس فيه أي تجني.

نعم هو سوف يتعرض لنوع من الضرر يقينا لأنه رتب أموره عليك، وتعلق بك، وبنى حياة وردية على حياة طيبة تجمعكما تحت سقف واحد، ولكن نحن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بقوله: (إن الله قدر المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة)، فالحب والتعلق الدنيوي الذي نعيشه نحن كبشر، هذا ليس معناه أن هذا هو قدر الله تعالى، فإن قدر الله قد يكون على خلاف ذلك تماما، وهذا ما قاله تبارك وتعالى: {فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا}، وقال: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

فإذن قد يكون الإنسان يحب شيئا ولكنه لا يعلم الحق، ولذلك ندع الأمر لله سبحانه وتعالى، وعليك كما ذكرت بعمل الرقية الشرعية، لأني أعتقد أنها ستكون فيصلا مهما في هذه العلاقة وفي خروجك من هذا التيه، ومن هذا التردد الذي تعانين أنت منه الآن، وبهذا ستضع النقاط على الحروف ما دام الوضع لم يتغير، ولا مانع من تكرار الرقية، ولا مانع من الاستعانة بأكثر من راق، وإلا من الممكن أن تقومي أنت بذلك بنفسك، أو يقوم به أحد أرحامك، ولكن أقول إنسانا متخصصا – وراق متخصص – حتى لا يكون هناك شيء من حظ النفس، فإن وجدت راحة فتوكلي على الله، وإن وجدت غير ذلك فاعتذري له، واقبلي بالأخ الآخر لعله هو الذي قدره الله لك، ولعله هو نصيبك من الرجال.

لأن الزواج رزق، كما أن الأموال من الأرزاق، والأولاد من الأرزاق، والصحة من الأرزاق، والجمال من الأرزاق، فكذلك الأزواج من الأرزاق، لأنه لولا الأزواج ما كان الأولاد.

فإذن علينا بالأخذ بالأسباب الممكنة والمتاحة، وتوجهي إلى الله بالدعاء أن يقضي الله لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات