الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نادمة على تسرعي في القبول بالخاطب، فكيف أبلغ أهلي ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم على كل إرشاداتكم القيّمة، جزاكم الله خيرًا.

أنا فتاة في السادسة عشرة من عمري، أدرس، وعلاماتي جيدة –والحمد لله–، قبل خمسة أشهر، تقدَّم لخطبتي شاب، وهو بعمر 29 سنة، وهو أول من جاء إلى منزلنا لهذا الغرض، عمله الوظيفي محترم، ولكن يُفرض عليه حلق لحيته، وهذا الأمر لم يُعجبني؛ فقد كنت دائمًا أتمنى الزواج من شاب ملتزم بالسُّنة ويُطلق لحيته، فأنا فتاة محجبة، وأحاول أن ألتزم بديني –والحمد لله–.

أتمنى أن تدعوا لي أن أتشبث بصلاتي؛ فأنا كثيرًا ما أقطعها، وأن تدعوا لي أن أتوب من الأخطاء التي وقعت فيها.

لم أره في النظرة الشرعية بسبب خجلي الشديد، ولم أكن أعلم أن ذلك جائز شرعًا، كما لم يُمنح لي وقت كافٍ للتفكير؛ إذ جاؤوا في الليل، وطُلب مني الرد في اليوم التالي، ولم أجد من يرشدني أو يتحدث معي عن الزواج وتبعاته، أو عن ترك الدراسة، ولم أشعر بنفسي حتى وافقت.

بعد ذلك، أهداني هاتفًا بموافقة والدي، ومرّ بعض الوقت ثم شعرت بالندم، ولم أعد أرغب في ترك دراستي، خصوصًا أنه اشترط أن أُكمل فقط حتى البكالوريا.

طرحت عليه رغبتي في إكمال الدراسة، فأعطاني مهلة للتفكير، ولكن عائلتي –لأنهم أُعجبوا به– بدأوا يقنعونني بأن لا فائدة من الدراسة أو العمل، وأن العمل بالحجاب صعب، واستمروا على ذلك حتى بدأت أقتنع بكلامهم.

بدأت أتحدث معه، ولكنني لم أحب شخصيته، ولم أشعر بالراحة في التعامل معه، رغم مرور هذا الوقت كلّه، لم أعتد عليه، ولا أطيق الحديث معه، بخلافه هو، الذي يُظهر لي حبًّا كبيرًا.

أصبحت مضطربة نفسيًا بسبب التفكير في هذا الموضوع، ولا أستطيع النظر إلى صوره، ولا أتخيّل نفسي زوجةً له، لا من ناحية الشكل، ولا في الحديث، ولا في الطباع.

علماً أنني لا أعيبه، فهو مخلوق من خلق الله تعالى، وقد ترغب به كثير من الفتيات، ولكنني لا أشعر بأي انجذاب تجاهه، حتى حين أراه، أعتبره شخصًا عاديًا لا أكثر.

أشعر أنني أظلمه، ولا أستطيع اتخاذ قرار واضح، لأني لا أملك عذرًا قويًا لفسخ الخطبة، حتى عندما أخبرهم أنني لا أشعر بالراحة، يردّون: "الشكل ليس مهمًا"، وإن قلت: "لست منجذبة إليه"، يسألونني: "لماذا؟"، وأنا نفسي لا أعرف كيف أجيب!

من المفترض أن يأتوا في عيد الأضحى، ولا أدري بأي وجه سأقابلهم، حديثي معه قليل، وأحيانًا لا أجيب، وإن أجبت، فبمجرد الواجب فقط.

أتمنى أن ترشدوني، فقد ضعت! أريد إكمال دراستي، وأشعر أنني لا أزال صغيرة على اتخاذ قرار بهذا الحجم.

أتمنى لو كان بإمكاني العودة إلى الوراء لأرفض، فقد انقلبت حياتي رأسًا على عقب، وفي الوقت نفسه، لا أستطيع الرفض، لأني لا أملك حجة مقنعة.

أتمنى إجابة سريعة، جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ رميساء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، ونسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يثبتك على الطاعة، وأن يحببك في الصلاة، وان يجعلها قرة عينك، وبعد:

لا شك أن أمر الزواج مهم للفتيات، وليست كل فتاة تملك الجمال والتدين تجد زوجًا مناسبًا، بل أكثر الأسئلة التي تأتينا تشكوا أخواتنا فيها من عزوف الشباب عن الزواج، ومعاناة الفتاة من ذلك.

ابنتنا الكريمة: من حقك شرعًا أن توافقي أو ترفضي الشاب، ومن حقك شرعًا أن ترفضي بتلك المبررات، ولا حرج عليك في ذلك ولا إثم عليك، ولذا ننصحك بما يلي:

1- الجلوس مع نفسك أولاً، وسؤالها بوضوح: هل الرفض نتيجة ما مضى من أسباب، أم هو تهيب لمسألة الزواج فاختلقت بعض الأعذار، أم هو من تلبيس إبليس، أم من حديث بعض صديقاتك، أم قناعة داخلية بأن الرجل لا يصلح لك زوجًا؟

لماذا نسأل هذه الأسئلة؟
لأن العدول عن الخطبة أمر يسير، لكن الندم عليه، أو التراجع أمر غير مقبول لا للشاب المتقدم، ولا أهله ولا حتى أهلك، ولذا ينبغي أن يكون القرار مبنيًا على عقل واع لآثار القرار.

2- إن تأكدت من سلامة موقفك ابدئي بصلاة الاستخارة، ثم الحديث إلى أمك، حدثيها بوضوح تام، وأخبريها أنك لا تريدين الشاب زوجًا، وأنك مصرة على ذلك، واجعليها تتحدث مع والدك.

3- كوني واضحةً مع والديك، وأخبريهما بذلك، وأنك غير موافقة، وأنك لا ترين الشاب يصلح لك زوجًا.

4- إذا أصر الوالدان على الخطبة، فاستعيني بجدك، وجدتك، وإخوانك، وتحدثي معهم بكل وضوح في ذلك.

5- اجعلي الحوار هو وسيلة التخاطب بينك وبين عائلتك، وافهمي عنهم، وتحدثي في كل شيء معهم، وأعطي لنفسك فرصةً المراجعة إن وجدت قولًا أفضل من قول.

6- لا ترسلي أي رسائل سلبية للشاب ولا أهله، ولا تضعي أهلك في حرج، بل اجعلي الرفض منهم، وبطريقتهم.

أكثري من الدعاء لله أن يريك الحق، وأن يبصرك به، وثقي أن الاستشارة والاستخارة لا يعقبها إلا الخير، نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً