السؤال
السلام عليكم.
تقدم لي شاب قبل سنة، ووافقت عليه، لأن أمي كانت مرتاحة، ولكني كنت غير مرتاحة له، ولم أتقبله، وليس معه الشهادة الجامعية، وتدينه ليس كما كنت أتمنى، فلديه بعض المخالفات الشرعية، التي ربما تكون عن جهل، والآن قرب وقت العقد، وأنا الآن في ضيق، وأتمنى فسخ الخطبة، ولكنني أقول أحيانا: بأن الحب يكون بعد الزواج، وأخاف أن يكون فعلي هذا - أقصد فسخ الخطوبة- الآن بعد أن رتب أموره، وتعلق بي غير مرض لله، وفي نفس الوقت أخاف من أن أظلمه إن تزوجته، وأنا لا أحبه، ودائما ما أصلي الاستخارة، وأنا الآن في توتر، والحمد لله على كل حال.
فرج الله همومكم، وجزيتم خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ متفائله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نشكر لك ابنتنا هذا التواصل مع موقعك، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة، وهذا الحرص على الخير، ونشكر لك السؤال، وإنما شفاء العي السؤال، وقد أحسنت من سألت، ثم استجابت للكلام الذي يأتيها من أهل العلم، ونسأل الله أن يعيننا على الوصول إلى الحق والصواب، فهو ولي ذلك والقادر عليه.
لا شك أن مسألة الزواج مسألة لا يصح فيها المجاملات، وما ينبغي للإنسان أن يجامل في هذه المسائل، لأن مشوار الحياة الزوجية ليس يوما أو يومين، ولكنه مشوار طويل، وفيه عيال، وفيه مسؤوليات، وفيه علاقات، وفيه التزامات، لذلك نحن نتمنى أن تكون الأمور واضحة بالنسبة لشبابنا وفتياتنا، أما إذا كنت وافقت الوالدة طلبا لإرضائها، فنرجو أن يصيبك الخير من هذه الطاعة المباركة، والوالدة لا تقبل لك إلا بشاب فيه خير، تراه مناسبا، وهي أعلى وأعلم منك خبرة ومعرفة بالرجال.
وأنت تشكرين على استجابتك لرغبة الوالدة إذ كنت أصبت في هذا، وينبغي أن تأخذي بهذا، لأن طاعة الوالدين من العبادات العظيمة، وهي من أسباب توفيق الإنسان في حياته الزوجية، وفي حياته المالية، وفي حياته الأسرية، ومن أهمها أنها تعين على التوفيق والنجاح والسداد بعد توفيق الله.
وتحصل مثل هذه الموافقة بأن تتزوج الفتاة من شاب يرضاه الوالد، وترضاه الوالدة، وتقبل به الأسرة، أو يتزوج الشاب كذلك من فتاة تقبلها أمه، وتقبلها أسرته، فهذه من علامات ودلائل مبشرات النجاح في الزواج، وهذا النوع من الارتباطات.
والآن نحن ندعوك فعلا إلى الاجتهاد في تقبل هذا الشاب الذي انتظرك طويلا وتعلق بك طويلا، وبنى الآمال، ولم يكن يعرف بأنك غير راغبة فيه، وكل هذه الأمور ينبغي أن تنتبهي لها، فتحرصين على أن تتوافقي معه، وأرجو أن نعرف هل لهذا النفور منك أسباب، فإذا كانت هناك أسباب معينة ومحددة يمكن أن نناقشها، أما إذا كان هذا النفور مجرد نفور، فعليك أن تتعوذي بالله تبارك وتعالى من الشيطان.
وقد أحسنت، فما من فتاة إلا وتتمنى صاحب الدين والأخلاق، ولكن نحن نريد أن نقول: إذا كان الحد الأدنى موجود، كأن يواظب على الصلاة، وحريص على الخير، ويتواجد في مواطن الخير، فإن في هذا أمل كبير، وخير كثير، وتستطيعين أن تؤثري عليه، لأن الفتاة إذا طلبت شابا بلا عيوب، فإن هذا قد يصعب، بل إن هذا قد يكون من المستحيلات، لأنه من الذي ما ساء قط، ومن الذي له الحسنى فقط؟ ولذلك فهذه كلها أمور ينبغي أن يلاحظها الإنسان.
وإذا كان هذا التوتر وليد هذه اللحظات، فمن المتوقع أن يشتد التوتر كلما اقتربت المناسبة، ولكن هذا كله ينسى ويتلاشى في أول ليلة يعيشها الزوج مع زوجته، وعندها ما من زوج أو زوجة إلا ويندم على تأخره للدخول إلى هذه الحياة الجميلة التي فيها نعم من الله تبارك وتعالى، فللنساء خلق الرجال، وللرجال خلقن النساء.
إذن أرجو أن تراجعي نفسك، وتجتهدي في تضخيم المحاسن الموجودة في الشاب، والنظر إليه بعين الرضى وبعين الإعجاب في الصفات الجميلة الموجودة فيه، أما الصفات السلبية الناقصة، فينبغي أن تعلمي بأنه لا يوجد رجل بلا أخطاء ولا نقائص، وكذلك النساء توجد فيهن النقائص والعيوب، ولكن طوبى لمن غمرت سيئاته في بحور حسناته، وإذا بلغ الماء القلتين لم يحمل الخبث.
فإذن نحن ندعوك لأن تصطحبي هذه المعاني، كما ندعوك إلى أن تنظري في عواقب الأمور، ماذا يمكن أن يحدث للوالدة؟ وماذا يمكن أن يحدث للشاب؟ وهل يمكن أن ترضي بمثل هذا الموقف لأخ شقيق لك، كأن يخطب فتاة تخدعه ويظل ينتظر وينتظر، ثم يتفاجأ في الأخير بأنها لا تقبل به، ولا تريده، ولا تحبه، وأنها كانت مجرد مجاملة، ولم تبادله المشاعر، ولم تبادله الصدق بالصدق، وتبين له حقائق الأمور.
إن الأمر إذن يحتاج منك إلى وقفة مع النفس، ونحن نريد أن نقول: أرجو أن تحتسبي النية، وتجتهدي في إصلاح جوانب النقص، وتصطحبي نيتك، وتكون فيها إرضاء والديك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك وله الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
واعلمي أن التوتر طبيعي قبل الزواج، لأن الإنسان يتهيأ لمسؤولية جديدة، ولحياة جديدة، والتوتر قد يكون عند الطرفين، فهذه أمور لا ينبغي أن تزعجك، ولكن المهم هو أن تحاولي أن تتقبلي هذا الشاب، وأن تقبلي عليه، وتذكري ما عنده من إيجابيات، وتذكري أنه ترك جميع النساء وجاءك، وأنك وافقت عليه، وأن الأسرة سعيدة به، وأن الأسرة لا تريد لك إلا الخير.
فنسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يستخدم الجميع في طاعته، وأستغفر الله لي ولك، ونسأل الله أن يقدر لك وله الخير حيث كان ثم يرضيكما به.