مشاكلي العائلية أثرت على نفسيتي، فما العمل؟

0 558

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاكر كل القائمين بالموقع على الجهد الذي يتم بذله.

أنا شاب عمري 18 عاما، منذ أن كان عمري 6 سنوات وأنا أرى المشاكل بين أبي وأمي حتى هذه اللحظة، تتطور في بعض الأحيان إلى أن يضربها، كرهت الحياة، وتمنيت لو أن أمي لم تنجبني؛ نظرا إلى أن مشاكلهما تؤثر على نفسيتي كثيرا، فالوضع أشبه بالحرب!

المشاكل تأتي في أغلب الأوقات عند الساعة 2 ليلا، أكون نائما، فأصحو خائفا على سماع أصواتهما المرتفعة، تنتهي بخروج أمي باكية من الغرفة، مضروبة! بالإضافة إلى أن أبي يتحدث معي أحيانا بطريقة فيها سب ولعن وتشبيه بالحيوانات، وعلاوة على أنه يعطي أخي الأصغر بعض الأشياء، مثل جوال قيمته عالية، أما أنا فلا يشتري لي، وأيضا أشترى لأخي الصغير في العيد مستلزماته، أما أنا فلم يشتر لي أي شيء!

كل الأشياء التي ذكرتها أثرت على نفسيتي كثيرا، وجعلتني أحب الجلوس وحدي في الغرفة في الظلام، أو مع أمي عندما تكون وحدها، وقد حاولت الجلوس معها عندما يكون أبي وإخوتي موجودين، إلا أنني لم أستطع إلا نصف ساعة؛ حيث أني لا أرتاح من الناحية النفسية.

عندما أجلس في الغرفة أبكي كثيرا؛ لدرجة أني تمنيت من الله الموت إذا كنت من الذين سيدخلون الجنة، مشاكل أبي مع أمي تسببت في نزول مستواي الدراسي، نظرا لذهابي إلى المدرسة وأنا متخوف هل أبي سيضرب أمي أم لا ؟ بالإضافة لمشاكلهما في أوقات كالاختبارات.

مشاكل أبي وأمي جعلت بالي دائما منشغلا، متى سيأتي اليوم الذي أتزوج فيه لكي أخرج من بيت أبي؟ متى سيأتي اليوم الذي أتزوج فيه لكي أحصل على الحنان؟ مشاكل أمي وأبي جعلتني أتعرف إلى فتاة عن طريق الإنترنت، ولكنني لم أستطع مواصلة الحديث معها نظرا لتأنيب الضمير مما فعلته؛ حيث إني عاهدت الله بألا أتحدث مع فتاة؛ حيث أردد دائما في نفسي بأن الله سيعوضني بزوجة صالحة تحبني وأحبها.

أنا تعبت! وغير قادر على أن أتحمل الحياة أكثر من هذا، أريد حلا يريحني من الناحية النفسية، وآسف على الإطالة، وسامحوني على الكلام غير المرتب، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، وعلى اهتمامك بأسرتك وما يدور بين والديك.

أنت -والحمد لله تعالى- الآن داخل على مرحلة عمرية مهمة جدا، أنت رجل مكلف مدرك مستبصر، لك طاقات نفسية وجسدية كبيرة جدا وممتازة جدا، أن تتفاعل مع محيطك المنزلي هذا أمر لا بد منه، لكن يجب ألا تكون تفاعلاتك كلها سلبية، فلا شك أن ما يدور بين والديك هو أمر مؤسف، لكن صدقني – أيها الابن الفاضل فهد – المشكلة ليست بهذا الحجم الذي تتصوره، هذه الخلافات توجد بين الآباء والأمهات والأزواج بكثرة، وأنا متأكد أن والدتك وأباك لديهما أيضا لحظات توافق وصفاء كثيرة جدا في حياتهما، ربما لا تلاحظون هذا، لأن الإنسان بطبيعته أحيانا يتخير ما هو سلبي، ويلتقط التصرفات غير المواتية من جانب الآخرين، ويجعلها تسيطر على تفكيره، خاصة حين تكون العلاقة هي علاقة أبوة وأمومة وبنوة.

فأنا أقدر مشاعرك جدا، لكني أريدك أن تخفف من هذه الهموم التي على نفسك، فوالداك بخير، هذا يجب أن تتذكره، ومع معاملة والدك لوالدتك -وأنا لا أقرها بالطبع-، لكن أعتقد أن والدتك لديها القدرة والحصافة على أن تعرف كيف تحافظ على زواجها، ولذا استمرت في الزواج بالرغم مما تواجه من بعض المصاعب -كما ذكرت أنت-، فالذي أخلص إليه أن المشكلة ليست بالحجم الذي تتصوره أنت.

ثانيا: أنا أريدك الآن أن تعزم وتقول: (أنا سوف أتقرب لوالدي، وأتقرب إلى أبي على وجه الخصوص، لن أحكم عليه بهذه الأحكام السلبية السابقة، والتي نتجت من معاملته لوالدتي غير الجيدة) لا، كن فطنا، كن ذكيا، وتقرب لوالدك، حاول أن ترضيه، حاول أن تكون بارا به، وأنا متأكد أنك حريص على بر والدتك أيضا، لكن أريد أن أغفل هذه الثغرة النفسية التي بينك وبين والدك، والأمر يتطلب منك الصبر، كن دائما بالقرب منه، تحاور معه، كن لطيفا، كن مطيعا، سلم عليه صباحا ومساء، اسأله عن أحواله، أنت هنا تكون قد قمت بدور ممتاز، وهنا سوف يرد والدك لك هذا الجميل ردا جميلا، وذلك من خلال حسن معاملتك وكذلك حسن معاملة والدتك.

فأنت يمكن أن تلعب دورا ممتازا في حل هذه الصعوبات، وحين تقوم بهذه الإنجازات سوف تنتهي تماما حالة الكدر والتوتر والنظرات السلبية، لأنك بالفعل تكون قد أنجزت عملا ممتازا وعظيما.

فإذا هذه هي المبادئ السلوكية التي ينبغي أن تنطلق منها، أن الأمور بين والديك ليست بالصورة التي تتصورها، والدتك حريصة جدا على الحفاظ على زواجها، ولا بد أن يكون لوالديك لحظات صفاء قد لا تأتي إلى انتباهك، والنقطة الأخيرة والمهمة جدا هي أن تقوم أنت بأخذ مبادرات إيجابية جدا نحو والدك، وذلك لبناء علاقة جديدة فيما بينكما، وهذا سوف ينعكس إيجابيا عليك وعلى والدتك.

لا تنظر للحياة بتشاؤم، هذه الأمور التي تحدث عابرة، لا تكن حساسا حيالها، الحياة جميلة، و-إن شاء الله تعالى- المستقبل لكم، أنتم الشباب، زود نفسك بسلاح العلم والدين، و-إن شاء الله تعالى- تتقلد أفضل الوظائف وتتزوج أصلح زوجة، لا تكن متشائما، الحياة طيبة وجميلة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأرجو أن يريحك هذا الكلام، وهو كلام حقيقة لم نقصد به المجاملة، أو التهدئة الفارغة، لا، هذه أسس سلوكية ذكرناها لك بكل تواضع، نرجو أن تتبعها، نرجو أن تعيد التفكير في نمط حياتك، ونوعية تفكيرك السلبي الذي يسيطر عليك.

أنا -إن شاء الله تعالى- كلي أمل في أنك سوف تتغير بصورة إيجابية كبيرة جدا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات