السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
بداية كل عام و أنتم بخير، وأسأل الله أن يجزيكم خير الجزاء عن هذا العمل المبارك، وهذه الخدمة الطيبة التي تقدمونها لرواد هذا الموقع.
دكتور: هذه هي المرة الأولى التي أبوح فيها بهمومي، فأتمنى أن تتقبلوا هذا البوح بصدر رحب، وأن ترشدوني إلى الطريق الصحيح الذي يجب أن أسلكه كي أخرج مما أعانيه.
أنا فتاة، عمري 25 سنة، أسكن مع والدي ووالدتي في مدينة صغيرة، وأعمل بها مدرسة، وأواصل في نفس الوقت دراستي الجامعية العليا، ملتزمة دينيا، وأرتدي الحجاب منذ أن كنت طفلة في العاشرة، وأحب ديني وأحاول أن أحفظ كتاب الله.
منذ أن كنت طفلة صغيرة وأنا إنسانة حساسة للغاية، ولا أستطيع كبح دموعي أمام أي موقف ولو كان تافها، كنت خجولة، وعندي نوع من الخوف الاجتماعي، وأحمل هم كل كبيرة وصغيرة، أضخم الأمور وأجعل من مشكلة بسيطة مثار تفكير وقلق طويل، قد يحرمني حتى النوم، وأتردد كثيرا في اتخاذ القرار، ولا أحس بثقة كبيرة في نفسي، كما أنني كتومة ولا أعبر عن ما بداخلي.
في السنتين الأخيرتين اضطرب نومي كثيرا، وأصبحت أجد صعوبة في النوم، وزادت حدة القلق داخلي، فأصبحت أخاف على صحتي من الأمراض، وأخشى على صحة والدي، وما زاد الطين بله، هو إصابة جدتي التي تقطن معنا في البيت بمرض معدي وهو السل، ورغم أنها تعالجت منه، إلا أنني منذ ذلك الوقت أصبحت في غاية التوتر من سكنها معنا في البيت، وأصبحت أحس إن الهواء الذي نتنفسه في بيتنا ملوث، وأتحسس من أي شيء تلمسه، ولا أستطيع الجلوس إلى جانبها، وفي المقابل أحس بتأنيب الضمير؛ لأنني أحبها وأدعو لها دائما بالشفاء.
بقيت على هذا الحال، ولم أعد أجد راحة لا في بيتي ولا في عملي، وليست لدي أي أنشطة بسبب صغر هذه المدينة، وليس عندي صداقات متينة، إلى أن حصل معي في أحد الليالي وقبل 5 أشهر من الآن أمر غريب، فقد قمت من النوم وأنا أختنق وقلبي يدق بقوة انتابني خوف شديد، وبردت أطرافي، وأصبحت أرتعد، عندها فسرت ما يحصل معي بأنه أعراض الموت، نقلني والدي إلى الطوارئ، وطوال الطريق وأنا أردد الشهادتين، وأنتظر رؤية ملك الموت، لكن عندما وصلت للطوارئ أكد الطبيب إن ضغطي جيد ودقات قلبي جيدة، وأن جهازي التنفسي جيد جدا، ورجح أن تكون الحالة ناتجة عن ضغط نفسي، وفي اليوم الموالي تكررت معي الحالة مجددا، وبقي أبي وأمي إلى جانبي حتى صباح اليوم التالي، حيث ذهبت لزيارة طبيب نفسي، ولم أحس براحة كبيرة عند لقاء الطبيب بل كانت دموعي تغلبني، ولم أستطع الحديث معه مطولا، لكنه أكد لي إن هذا قلق نفسي، وقليل من الأعصاب، ووصف لي دوائيين هما لوديوميل 25 ميلغرام و زاناكس نصف ميلغرام لمدة 3 أشهر.
عند تناولي الدواء أحسست فورا بالراحة، ولم تتكرر معي تلك الحالة مجددا، ولمدة أسبوعين أحسست أنني تعافيت تماما، لكن بعد ذلك بدأت أجد نوعا من الخوف، والكتمة بالليل، ولا أنام جيدا، وأصبحت أتوهم أنني مصابة بالأمراض، فمرة أخاف من إصابتي بمرض القلب، وأتحسس نبضات قلبي، وأحيانا أشعر بنغزات وضيق في صدري، وسرعة في دقات قلبي، وفشل في أطرافي.
ومرة أخرى أتخيل أنني يمكن أن أصاب بأمراض خطيرة، كما أنني أشعر بحزن شديد، كلما سمعت قصة مرض، أو وفاة أحد ما، وأصبحت أتجنب زيارة أي مريض أو سماع قصة عن أي مرض، لأنني أبدأ في توهم إصابتي بذلك المرض، إضافة إلى كل هذا صرت عصبية جدا، ولا أتحمل من يحدث صوتا أثناء الطعام، ولا أتحمل سماع دقات الساعة، ولا أتحمل جدالا من أحد وأحيانا أرد بحدة شديدة، وجارحة مع الآخرين.
مع ذلك لازلت إلى الآن مستمرة على دواء لوديوميل منذ 5 أشهر تقريبا، وغير لي الدكتور دواء زناكس الى ألبراز نصف ميلجرام على أن انقطع عنه بعد شهر.
عموما فأنا أشعر أن حياتي قد انقلبت في هذه الأشهر الخمسة، وأحس أحيانا أنني على حافة الانهيار، وأحس أنني متعبة ومرهقة نفسيا وجسديا.
أتمنى دكتور أن تشرح لي حالتي بالتفصيل، وكم من الوقت أحتاج لأشفى تماما ، وهل سأشفى منها؟ هل أحتاج لعمل تخطيط للقلب أو تحاليل للدم؟ هل الدواء الذي أتناوله مناسب لحالتي؟
ما هو العلاج السلوكي لمثل حالتي؟ وهل يحتاج إلى متابعة مع طبيب نفسي؟ وهل يمكن الاكتفاء به دون الدواء؟
هل من الممكن أن أغير شخصيتي إلى شخصية هادئة وواثقة وجريئة في اتخاذ القرارات وقادرة على التعبير عن مشاعري؟ وكيف؟
هل أستطيع الإقدام على الزواج، وأنا في مثل هذه الحالة، علما أنني رفضت عددا ممن تقدموا لخطبتي في هذه الفترة بحجة تعبي وعدم رغبتي وخوفي من دخول حياة جديدة.
تساؤلات كثيرة تدور في ذهني، وأحس أن عقلي قد أنهك من التفكير، وقلبي تعب من حمل الهموم، فأعتذر دكتور عن إطالتي وعن تشتت أفكاري، وأسأل الله أن يجزيكم عنا خير الجزاء.
أنتظر ردكم بشوق كبير.