السؤال
السلام عليكم
أختي مراهقة، عمرها 14عاما، دائما ما تسبب لنا العذاب، ودائما ما تكون هي سبب مشاكلنا، فأحيانا يتوتر البيت بسببها، هي تحب الموضة، وعالم الأزياء، ولديها من الاكسسوارات ما يكفي لأسرتين، وأبي هداه الله يضغط عليها، ولا يريدها أن تلفت الأنظار من حولها عندما نكون في السوق، أو في الأماكن العامة خوفا عليها من نظرات الشباب، هي لا تقصد أن تلفت الأنظار عليها، ولكنها تعشق الترتيب، والأناقة، وأنا لست مثلها.
أما أنا فعلى العكس تماما، أخاف ربي، وأحتشم في طلعتي، وهي عكسي، وعندما وصل الأمر حده، فرض عليها أبي لبس العباءة السوداء، التي ليس لها أي لون، حتى لا تلفت أنظار الشباب باعتقاده، ولم تتقبل الفكرة أبدا، وبدأت بالصراخ، والبكاء، والتمرد، وما كان منه إلا أنه كان يريد استخدام أداة للعنف والضرب، ولكن أمي منعته من ذلك.
هي عنيدة، وعصبية، ووقحة معنا بعض الشيء، وكثير من الأحيان تتمرد علينا، ولديها عادة سيئة، وهي عادة اللعب بشعر الآخرين، بل أيضا تشد وتقلع الشعر التالف من شعر الآخرين، وهي في البيت قد أزعجتنا جدا بتلك العادة البشعة.
الآن أختي تكره أبي، ولا أشك بأنها تدعو عليه بعد صلاتها، وهي مع العلم محافظة على جميع صلواتها، ولديها تقوى ودين.
كما أود أن أنوه بأن لديها رفيقة سوء تكلم الشباب، وعندما تريد أختي التحدث مع صديقتها فإنها تذهب بعيدا وتكلمها، وتخفض صوتها خشية أن نسمعها.
أمي في حيرة من أمرها، وليس لها طاقة بتلك الهموم، فما هو الحل لتلك المشكلة؟ ومع العلم أنا أعترف أحيانا أني عصبية معها، ولا أتحملها، وأخي الأكبر منها كذلك يعاملها معاملة سيئة جدا، وأحيانا نطلب منها الذهاب إلى غرفتها رغما عنها بعد أن تكون قد أزعجتنا، وهي أيضا مع أختي الصغيرة معاملتها ليست جيدة، تخوفها وترعبها بحركات وجهها، حتى لا تلمس أغراضها، فما هذه الحالة؟
بالله عليك يا دكتور أجبني وساعدني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وردة السلام . حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في موقعك، ونشكر لك وللأسرة هذا الاهتمام بالسؤال والتواصل مع الموقع، ونشكر لكم هذا الحرص أيضا على الفتاة، وعلى معاونتها على كل أمر يرضي الله تبارك وتعالى، وأسعدني وأعجبني أنك قلت للفتاة أنها تقية ومصلية ومحافظة على صلاتها، ولكن أيضا هي فعلا بحاجة للنصائح والتوجيهات.
أرجو أن تلاحظوا المرحلة العمرية التي تمر بها الفتاة، فإن الرغبة في لفت النظر في هذه المرحلة هو من طبيعة المرحلة، وليس معنى ذلك أننا نقبل ذلك أو نشجع ذلك، ولكن ينبغي أن ندرك أن هذه طبيعة هذه المرحلة، وعندما ندرك أن هذه طبيعة المرحلة التي بها، فإن التعامل الهادئ، وفهم طبيعة المرحلة، ووضع العلاج الناجع، هو الحل، والرفق هو المطلوب، وليس الشدة، فما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، لأنها في سن العناد، وفي سن التمرد، والقسوة معها والعناد لا يزيدها إلا عنادا وقسوة، ونحن لا نريد أن تسير في هذا الطريق.
أرجو أن تنتهج الأسرة أسلوب الحوار معها، واللقاء معها، والجلوس معها، والنقاش معها حول هذه الأمور، كما أرجو أن تكون لكم توجهات مختلفة، فإذا غضب منها الوالد، وغضبت منها الوالدة، فأنت باعتبار قريبة لها في السن، فكوني إلى جوارها، وحاولي أن تقتربي منها، وحاولي أن تلاطفيها وتعامليها بالحسنى، واجتهدوا في الثناء على جمالها، وما عندها من زينات، وما عندها من جمال، فهذا الجانب مهم جدا، ولابد أن تجد هذا الإشباع العاطفي، والثناء، وكلمات الحب التي لابد أن تسمعها في البيت، لأن الفتاة إذا سمعتها في البيت فهي ليس بحاجة إلى سماعها من الآخرين.
إذن كأننا نريد أن نقول: أن الأسرة أحسنت في هذا الحرص، ولكن أرجو أن نغير هذا الأسلوب إلى أسلوب الحوار، ودائما حتى إذا أردنا أن نفرض قرارا إداريا بمنعها، أو باشتراط لبس معين، فينبغي أن يسبقه حوار، ولابد أن نبين أن الوضع كذلك، وبأن في الشباب ذئاب، ولأن الفتاة يجب أن تحافظ على سمعتها، وأنت - ولله الحمد - مصلية، فلذلك ينبغي أن تفعلي هكذا، (وما رأيك يا فلانة؟ ماذا عندك؟)، وبعد ذلك نستمع إليها.
لا بد أن نكون مستمعين جيدين، ونحاول أن نتخذ القرار الصائب الذي يرضي الله تعالى، لأن القرار الذي يسبقه حوار يجعل الفتاة تشعر أن لها مكانة، وأن لها قيمة، وأن الأسرة تقدرها، حتى وإن كانت غير موافقة على القرار، بخلاف القرار حتى ولو كان صحيحا، ولكن الفتاة أجبرت على القرار، فإنها ترى أنها محرومة، وأنها أقل من الأخريات، وأن الأسرة لا تحبها، وأن الأسرة تعاملها معاملة قاسية، وأنها في سجن وحولها جلادون، إلى غير ذلك من الأشياء والنتائج السالبة التي لا نريد أن تظهر عندها.
كما أرجو ألا تكون الأسرة كلها شديدة القسوة عليها، وأرجو أن يكون هناك تبادل للأدوار، ونفتح لها نافذة من أجل أن تعبر عن نفسها، ولا يخفى عليكم أن القط – هذا الحيوان الأليف – إذا حوصر وضغط عليه، فإنه يتحول إلى حيوان مفترس وكاسر.
إذن نحن لا نريد أن نوصلها بشدة الضغط إلى هذه المراحل التي تجعلها تنحى منحى العناد والمعاندة، ويجب أن نقترب منها حتى نبعد عنها الصديقات السيئات، وأيضا نحاول أن نتفاهم مع الوالد بحيث تأخذ الأمور وضعها المناسب دون زيادة في القسوة ودون تهاون أيضا، وحبذا لو نجحتم في أن تجعلوها تتواصل مع الموقع، وتعبر لنا عما في نفسها، وعندها سيأتيها التوجيهات من طرف محايد، ومن طرف ستقبل منه بلا شك، لأنها الآن مع كل التعليمات حتى وإن كانت صحيحة، فإنها ستذكر العناد، والإهانة، والضرب الذي تعرضت له، فترفض لأجل العناد، وليس لأجل التعليمات، فكل ما فعلته الأسرة، وكل ما فعله الوالد، وكل ما فعلتموه - ولله الحمد - يدل على خير كثير، وهو من الصواب، ولكن لابد أن نعرض الصواب أيضا بطريقة جيدة، ونتدرج في هذا العرض.
خاصة كما قلنا: بأن هذه مرحلة عمرية تنتهي، يعني هذه طبيعة مرحلة عمرية، وليس معنى ذلك أن نتهاون، بل بالعكس ينبغي أن يكون عندنا حرص وحذر، وأيضا نشعرها أن كل ذلك من أجل مصلحتها، ومن أجل الرغبة في أن تسير بالسيرة التي تليق بها كفتاة ملتزمة من بيت طيب، وبيت ملتزم، والفتاة لا تملك بعد دينها أغلى من سمعتها.
نسأل الله لكم ولها التوفيق والسداد، وسنكون سعداء لو جاءتنا تفاصيل أكثر، ونسأل الله لكم كل خير.