السؤال
السلام عليكم ورحمة وبركاته.
والله ما كتبت هذه الرسالة إلا للضيق البالغ الذي أمر به، فأرجو من الله أن يكون الحل بيديكم من بعد الله سبحانه.
بداية أحب أن أذكر بأني شخصية حساسة جدا ودقيقة وغيورة.
أنا أحببت فتاة منذ 13 عاما منذ كنا بالمدرسة، وقد هجرتها عند دخولي الجامعة بعد 3 سنوات من علاقتي بها، والأسباب كانت هي:
1- في سفري إلى بلد آخر ولم أعلم متى ستكون عودتي.
2- لعلم إخوانها بالعلاقة.
3- والسبب الأقوى لعلمي بأنها كانت على معرفة بشخص غيري قبلي بطفولتها وكانت علاقة عابرة.
حاولت هي أن تعيد العلاقة معي، وأنا في سنوات الجامعة، ولم أجيب وذلك لأني لا أعلم ما هي ظروفي في الوقت الراهن، ولم أكن أرغب في أن أكون عائقا في مستقبلها.
وعند تخرجي من الجامعة وعودتي، بدأت بالعمل وبعد سنة قمت بخطبتها بشكل رسمي، لكنها لم توافق لأسباب أجلها، مع العلم أنها بدأت دراستها الجامعية في بلد آخر في تلك الفترة، وبعد سنة أخرى أيضا قمت مرة أخرى بخطبتها من أمها لكن أمها رفضت هذه المرة، مع العلم بأني والله لم أخطبها إلا لمشاعري، وحبي الطاهر لها، والعلاقة الشريفة بيننا، وتعويضا لها في حال كنت أن أخطأت بهجري لها.
وبعد 5 سنوات عادت هي إلى البلد الذي نعيش فيه، وبعد استقرارها لمدة عام أي الآن قامت بالاتصال بي، وأخبرتني بأنها ترغب بأن تعيد العلاقة بي وبإطار شرعي أي بالزواج، قمت بسؤالها عن سبب عودتها إلي وسبب رفضها في الـ5 سنوات الماضية كانت تعطيني أسبابا واهية، ولم أقتنع بها فمن أسبابها أنها أرادت الإنتقام.
استخرت كثيرا كثيرا، واستقر بي الأمر إلى أن أخطبها وذلك لسبب أني أحبها، وبالمقابل هي تحبني أي علاقة من الطرفين.
يوجد فروق بيننا في العادت والتقاليد، ولكني حسمت الأمر في نفسي بأنها ستتغير للأفضل، وأنا أيضا، كأي متزوجين جديدين، وأبلغتها بذلك، بعد 3 أشهر أقمنا الخطبة بشكل رسمي مع لبس الخواتم.
دائما يتردد في بالي ما السبب في رفضها لي في السنوات الماضية عندما خطبتها! فأصررت بالسؤال عليها مرارا وتكرارا وأنا طلبت منها الرقم السري بإيميلها بعد خطبتنا ب 3 أيام، وعند ذلك حدث ما لم يكن بالحسبان أبدا.
قرأت رسائل موجهة منها إلى شخص كانت على علاقة معه تحتوي على الكثير من الحب والمشاعر، وتلك الرسائل كانت قبل أقل من سنة، وبنفس توقيت رسائلها للشخص الآخر كانت ترسل لي أيضا لكن بشكل غير مباشر من (ايميل) مختلف.
ضاق بي الحال لدرجة أني لم أعد أشعر بشيء لم أعرف ماذا أفعل، حتى ذهبت لقسم الطوارئ بتلك الليلة، أصبحت الآن لا أثق بها، وأشعر بأنها خدعتني، وبأنها لم ترجع لي لأنها تحبني، بل لأن الشخص الآخر هجرها، مع العلم أني لم أعد لها إلا بسبب الحب الذي كان بيننا، وبدأت أفسر كل تصرف وكلمة قديمة لها، مع العلم أنها نوعا من الشخصية المستهترة نوعا ما، قمت بصب كامل غضبي عليها، وشتمها، وهي كانت تحاول أن تخبرني بأنها لم يكن لها ذنب، وطلبت مني فرصة أخيرة.
ذهبت إلى طبيب نفسي أشكو له الحال، فأخبرني بأنه لا يجوز الكلام عن الماضي، وأنت ابن الحاضر، اتفقت معها في النهاية على أن تنسى هي ما جرى، وأحاول أن أنسي، لكن من تلك اللحظة وأنا لا أرى إلا سلبياتها، ولم أعد أعرف ماذا أعمل من تلك اللحظة.
أفيدوني جزاكم الله كل خير، وأعتذر عن الإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ م ح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، كما نسأله تبارك وتعالى أن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يمن عليك بزوجة صالحة طيبة مباركة تكون عونا لك على طاعته ورضاه.
ونسأله تبارك وتعالى أن يعينك على تجاوز تلك المحنة على خير، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – فإني أحب أن أقول لك: إن التنقيب في الماضي مما لا شك فيه لا يأتي على الناس بخير، لأن معظم الدارسات الآن – أو الطالبات – خاصة مع توفر خدمة الإنترنت أصبحت لديهن – مع الأسف الشديد – علاقات مع كثير من الشباب، ولا يلزم أن تكون العلاقة محرمة بقدر ما تكون هناك أنواع متعددة من التواصل، والدليل على ذلك أنك دخلت فجأة على حساب هذه الأخت – خطيبتك – فوجدت أنه كان لها علاقة مع شخص آخر في وقت سابق.
ولذلك أقول لك: ما دمت تحبها فعلا، وما دمت حريصا على الإرتباط بها فأرى أن تستمع إلى كلامها، وأن تحاول أن تفهم وجهة نظرها، إن اقتنعت بها وعلمت أنها كانت علاقة عادية، رغم أنك تقول بأنها كانت كلمات حب وغير ذلك، وأنها لم تقترف إثما والأمر لم يعدو أن يكون مجرد كلام، وأنت تثق في صدقها وحبها لك، فأرى أن تغض الطرف عن ذلك، إن كنت من النوع الذي يستطيع أن يتغلب على تلك الذكريات، لأني لا أضمن لك حقيقة استقرارا نفسيا بعد هذا الموقف، فأنا شخصيا لا أعتقد أن هذا الأمر يمر بسهولة، وأعتقد أنه في غاية الصعوبة، لأني جربت كثيرا من الرجال الذين كانت لهم ملاحظات بسيطة جدا على زوجاتهم، ورغم ذلك لم ينسوها أبدا، وظلت محفورة في ذاكرتهم، وتكدر صفوهم وتكدر خاطرهم، وبالعكس هناك أناسا قلوبهم كبيرة وقدرتهم على التحمل عظيمة، ويحاولوا فعلا أن يميتوا هذه الذكرى تماما ولا يجعلونها تمر مجرد مرور عابر في مخيلتهم – وقليل ما هم – فإذا كنت أنت من النوع الأول حساس كما ذكرت في أول رسالتك، وأنك ترى من نفسك أنه من المتعذر عليك أن تنسى هذا، فأرى بارك الله فيك أن تنهي الأمر من الآن، لأنك ستعيش عذابا ما بعده عذاب، ودائما سوف تتخيل هذا الموقف، وتتخيل هذه الصورة، وكلما بدت لك لحظات السعادة جاءك الشيطان بهذه الذكريات الأليمة ليعكر عليك صفوك ويكدر عليك خاطرك.
ومن هنا فإني أقول: إذا كنت فعلا من هذا النوع فأرى بارك الله فيك أن تتوقف من الآن رحمة بك وبها، لأنك ستعكر حياتها وستجعل حياتها جحيما لا يطاق نتيجة الشك والتفكير الدائم بهذه المواقف السلبية.
أما إذا كنت - كما ذكرت لك - من النوع الثاني فأرى أن الأمر ما دام لم يعد أن يكون كلاما عبر الإنترنت ورسائل متبادلة أرى أن هذا لم يصل بعد إلى حد الجريمة التي تجعل الرجل يطعن في عرض امرأته أو يتهمها بالخيانة الحقيقية، وأرى أنه من الممكن تجاوز هذه المرحلة.
فالأمر لك، وأنت أعلم بنفسك، وأقدر على معرفة ظروفك وكيفية تعاملك مع هذه المواقف السلبية التي مرت بك.
وأنا أقول دائما بأن الخسارة القريبة أفضل من المكسب البعيد، بمعنى أننا حتى وإن كنت واثقا من أنك لن تستطيع أن تتغلب على هذه السلبيات – والدليل على ذلك أنك ذهبت إلى طبيب نفساني لتستشيره، والرجل قال لك: حاول أن تتخطى الماضي وأن تعيش في الحاضر، وهذا هو الحق – فإذا كنت قادرا على ذلك فبها ونعمت، وإن لم تكن قادرا على تجاوز تلك المرحلة التاريخية من عمرك وعمرها، فأنا أرى أن تتوقف، وأن تعتذر لها، وأن تغلق هذا الملف، وأن تبحث عن امرأة على الأقل لا تعرف لها ماض، عسى الله تبارك وتعالى أن يمن عليك بامرأة تسعدك وتسعدها، وتكون عونا لك على طاعته ورضاه، إنه جواد كريم. هذا وبالله التوفيق.