السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله والصلاة والسلام على سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
أشكركم لهذا الموقع الرائع وتعاطفكم الكبير مع الشباب، جزاكم الله الفردوس الأعلى.
أنا فتاة عمري 18 عاما، وقبل سنة بدأت علاقة لي مع شاب خلوق وجيد، وبدأت علاقتنا في التطور، تعرفت عليه من الإنترنت وهو أيضا زميل لأخي، ثم دخلت الجامعة وكان يدرس معي، وكنا نتقابل وكنا نتحدث يوميا بالرسائل وهكذا (أستغفر الله)!
وتبنا إلى الله أن لا نفعل شيئا محرما أبدا، ولكن بعد التفكير أدركت أن كلام الحب أيضا هو محرم، ومن تأثير سن المراهقة علي أحببت كل شيء يتعلق بالمراهقين.
ومنذ فترة عرفت أمي بعلاقتي معه، ولكني أقنعتها بعدم تكرارها، وسامحتني لأنها تعلم بمشاكل المراهقين؛
وكان هذا درسا لي، حيث كنت أقوم الليل وأصوم وأكثر من النوافل خوفا من الله، ثم وعدنا أنفسنا ألا نتكلم إلا كلاما عاديا، وفجأة أحسست بتأنيب ضمير كبير جدا، فوالله كنت أبكي خوفا من لقاء ربي، وخوفا من أن يعذبني ويفضحني، فأحسست بلذة عظيمة عند تقربي إليه، ولكن مشكلتي هي أني لا أستطيع أن أتركه لأنه مريض جدا، وأعطف عليه من شدة مرضه.
انصحوني أرجوكم ماذا أفعل؟ أخاف أن أتركه لأني أحبه، وهو مريض لا يستحمل، وأخاف أن يعذبني الله ولا يرضى عني .. حيث تأتي إلي لحظة ندم كبيرة، وفي اليوم التالي كأنه لم يحدث شيء، وكيف لي أن أقنعه بأن علاقتنا محرمة ويجب علينا أن نتوب؟ وكيف أعرف أن الله قد قبلني ولم يردني؟
سامحوني على الإطالة، وادعوا لي بالخير، فإني أسأل الله أن يجزيكم خير الجزاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ رزان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك ابنتنا الكريمة في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه، وأرجو أن يعلم هذا الشاب أن المريض أحوج الناس إلى رحمة الرحيم، وأن للمعاصي شؤمها وآثارها المدمرة، وأن عليه أن يبدأ طريق التصحيح بالتوبة النصوح إلى الله تبارك وتعالى، ومهما كان تأثر هذا الشاب في حال ابتعادك عنه إلا أن هذا هو الحل الناجح لك وله، لأن الأمر لا يرضي الله تبارك وتعالى، والصورة واضحة بالنسبة لك، فاحرصي على أن تحافظي على طاعة الله أولا، ثم احرصي على أن تحافظي على ثقة الوالدة التي صدقتك.
ونحن نشكر حقيقة هذه المشاعر النبيلة وهذه الروح الحية التي دفعتك بالسؤال والتواصل مع الموقع، فإن هذا السؤال يدل على أمرين: يدل على أنك تدركين أن الإثم هو ما حاك في الصدر وتلجلج فيه، والبر هو ما اطمأنت إليه النفس، والدلالة الثانية: أن فيك خير كثير، ولذلك أنت حريصة على أن تسألي وتتواصلي، فنتمنى أن تحولي هذه المشاعر النبيلة الصادقة إلى تطبيق عملي، واتخاذ قرار حاسم في الانقطاع عن هذا الشاب مهما كانت النتائج، ومهما كان الذي سيحدث، فإنه قد يتعب يوم أو يومين ويذهب إلى المستشفى، لكن هذا فيه مصلحة في الدين والدنيا والآخرة، له مصلحة حتى في صحته وعافيته، له مصلحة لك أيضا، والأمر في البداية من السهولة بمكان، لكن نحن نخشى أن تتعمق هذه المشاعر السالبة، والكلام يكون في مكانه، فإن الله تبارك وتعالى يستر على الإنسان ويستر عليه ويستر عليه، لكن إذا تمادى ولبس للمعصية لبوسها وبارز الله بالعصيان وأصر على المخالفة، فإن العظيم يفضحه ويهتك ستره ويخذله، فعند ذلك لا ينفع الندم ولا ساعة مندم، عند ذلك لا ينفع الندم، واعلمي أن الفتاة مثل الثوب الأبيض، والبياض قليل الحمل للدنس، فاحرصي على قطع هذه العلاقة الآن قبل الغد، وينبغي أن يعلم أن هذا ما يأمر به الله تبارك وتعالى، والحمد لله أنه يشعر بهذا، فلا تضعف، وتعوذي بالله تبارك وتعالى من الشيطان، وتذكري أن روح الإنسان – روحك أو روحه – قد تخرج في أي لحظة، فهل يرضيك أن تخرجي من الدنيا وأنت عاصية؟ هل يرضيك أن تخرجي من الدنيا وأنت متجاوزة حدود الله تبارك وتعالى؟ ألا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم.
لابد أن تعلمي أن للمعاصي شؤم، وللمعاصي آثارها المدمرة، ضيق في الصدر، وبغض في الخلق، وضيق في الرزق، وهي سبب من الأسباب بل هي السبب في السقوط في الامتحانات، وليس هنالك أي مصلحة في التمادي في هذه العلاقة بعد أن اتضح لك خطأها، بعد أن عرفت الوالدة وسامحتك، فحافظي على هذه المشاعر النبيلة، وحذار أن يأتي اليوم الذي تسقطين فيه من عين الوالدة، والأخطر من ذلك سقوطك من عين الله، لأنك تمارسين معصية، ولأنك من أصحاب ذنوب الخلوات الذين خلو بمحارم الله انتهكوها.
أنت ولله الحمد فيك خير كثير، وهذه الاستشارة تدل على أنك تتطلعين إلى التوبة والرجوع إلى الله، فهنيئا لك بهذه المشاعر التي نتمنى أن تتحول إلى واقع، وأبشري عند ذلك فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والتوبة تمحو ما قبلها، والله العظيم الرحيم يفرح بتوبة من يتوب إليه سبحانه وتعالى، فنسأل الله أن يتوب عليك لتتوبي، ونسأل الله أن يعينك على الرجوع إليه تبارك وتعالى، وأرجو أن تغيري أرقام الهاتف، وتبتعدي تماما عن ذلك الشاب، فإن في ذلك مصلحة لك وله في الدنيا والآخرة.
نسأل الله لك التوفيق والسداد، وأسأل الله أن يستر عليك، وأن يهيأ لك الزوج الصالح الذي تكملي معه مشوار الحياة، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.