السؤال
السلام عليكم.
حياكم الله, لدي مشكلة من جانبين:
الأول: تعرفت على فتاة, وأحببنا بعضنا, وقررت الارتباط بها, لكنها صارحتني في يوم من الأيام أنها كانت متزوجة من شخص - بعد قصة حب بينهما - وانفصلا بعد 3 أشهر من زواجهما. وأضف إلى ذلك أنها بعد طلاقها أجبرها أبوها على الخطبة والعقد من شخص آخر مع عدم موافقتها على الآخر, فحصلت بينهما مشاكل وانفصلا, وأنا لا أخفي أحدا أنه رغم ما حصل معها إلا أني أحبها جدا, ومتعلق بها بغض النظر عن ما حصل لها, ولم أصرف النظر عن فكرة الزواج منها, وهي أيضا تحبني بشكل جنوني, لكن المشكلة أني متأكد أن أهلي لن يقبلوا بزواجي هذا؛ لأنها مطلقة مرتين, والمجتمع المحيط أيضا أشعر أنه سينظر لي ولها نظرة قاصرة؛ لأنه ليس من عادتنا أن يرتبط شاب عمره 27 سنة - مثلي – في زواجه الأول بفتاة مطلقة.
الثاني: من شدة تعلقي بالبنت وتعلقها بي خرجنا أنا وهي أكثر من مرة, ولا أنكر أنه حصلت بيننا بعض الممارسات السطحية مثل: التقبيل, وما إلى ذلك, مع إصرارها وحلفها أن هذا الشي يحدث بسبب حبها لي فقط.
أخيرا: بم تنصحوني بشأن حبي للبنت حبا جما, وحبي للارتباط بها.
أفيدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ اليماني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية: نرحب بك - ابننا الكريم - في موقعك، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، ويسعدنا أن نرحب بك وبسؤالك، ونشكر لك التواصل مع الموقع، ونشكر لك هذه الثقة، ولأن الدين النصيحة فإنا ننصحك بداية بأن تتوقف عن هذا العمل، فأنت تقع في مخالفة كبرى بهذه العلاقة التي ليس لها غطاء شرعي، وليس لها ما يبررها؛ لأن الإسلام لا يجيز هذا النوع من العلاقات، فسواء قبل الأهل أم رفضوا, فأنتم الآن بحاجة إلى توبة نصوح من كل ما حصل من ممارسات خاطئة، ولن يكون في مصلحتكم أبدا الاستمرار في هذا الطريق: طريق المعصية، فالبداية الصحيحة هي أن تتوبوا إلى الله تبارك وتعالى، وأن تتوقفوا فورا عن هذه الممارسة التي لا ترضي الله تبارك وتعالى، مهما كانت الأسباب, ومهما كانت الدوافع, فإن ما يحصل جريمة كبرى، وهو مقدمات للفاحشة - والعياذ بالله - وهذا أمر يغضب الله تبارك وتعالى، ونحن نخوف كل من يتجاوز الحدود بقول الله تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.
واعلم أن الشيطان الذي جمعك بها على المعصية، هو الشيطان الذي سيأتي غدا ليخرب عليكم: ليهدم جوانب الثقة - إن كانت هناك ثقة - فالإنسان لا يمكن أن يثق في زوجته بعد الزواج وحصول مثل هذه العلاقات التي كانت خارج الأطر الشرعية، وهناك دراسات - حتى في البلاد الغربية - من أن العلاقات العاطفية خارج الأطر وقبل العلاقة الرسمية هي المسؤولة عن نسبة خمسة وثمانين بالمائة من الفشل، والباقي الذي هو خمسة عشر بالمائة يظل في جحيم وخصام وشكوك بعد الزواج، ونفس النسبة طبقت في بلد عربي عندما عمل أحدهم دراسة، فقد جلس أمام بعض الدوائر المحاكم الشرعية، وكان يسأل الذين يخرجون وقد طلق بعضهم، فيسأل هل كانت لكم علاقات خارج الأطر الشرعية؟ فثمانين بالمائة منهم أجابوا بنعم، فيثبت من هذا أن أي علاقة خارج الأطر الشرعية، أي علاقة غير معلنة، أي علاقة ليست تحت علم الناس وسمعهم وبصرهم، أي علاقة ليس لأهل أي دخل فيها أو معرفة، فهذه لا يمكن أن يقبلها هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
لذلك نحن نتمنى أن تفعل الآتي:
أولا: التوبة النصوح، والابتعاد عنها، وابتعادها عنك، بعد ذلك عليك أن تأتي البيوت من أبوابها، ولا مانع بعد ذلك من أن تطلب مساعدة العلماء والفضلاء والعقلاء؛ لأنه من الناحية الشرعية ليس هناك عيب في المرأة المطلقة، وليس هناك عيب في الرجل الذي طلق وله تجارب زواج قبل ذلك، وهذا وجد في عصر الصحابة، فهناك من يطلق، والطلاق جزء من هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تبارك وتعالى، وليس معنى حصول الطلاق سوء من أي الطرفين، فقد يكون الرجل طيبا والمرأة طيبة، لكن الحياة لا تستمر بينهما؛ لذلك الإسلام جعل هذا الطلاق حلا وعلاجا للمشكلات داخل البيوت، ولا أعتقد أن هذه هي المشكلة، ولكن المشكلة الكبرى بالنسبة لنا هي في هذا الذي يحدث من مخالفات.
فتوقفوا أولا، وتوبوا إلى الله توبة نصوحا، ثم بعد ذلك عليك أن تستعين بالله، واعلم أن قلوب الأهل وقلوب الناس بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها، وإن كان عندك أخوات فعليهم أن يقتربوا من الفتاة ويتعرفوا عليها، وإن كان عندك خالة أو عمة عاقلة فعليك أن تفاتحها في الأمر، فإذا عرفت الفتاة وتواصلت معها وارتاحت إليها، فعند ذلك تكون نصيرك داخل العائلة، وتستطيع أن تقنع أحد الوالدين حتى يقبلوا بهذه الزيجة, وبهذا المشروع، الذي نتمنى أن يبدأ بطاعة، ولا تكون البدايات فيها معصية ومخالفات، فإن البدايات الخاطئة لا توصل إلى نتائج صحيحة، والمعصية لها شؤمها, ولها آثارها المدمرة والخطيرة على الأسرة، فكم من بيوت خربت, وكان سبب خرابها هو التهاون في هذه الأمور, والتوسع في دائرة المعاصي والأمور التي تغضب الله تبارك وتعالى.
فنسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقك للخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، وندعوك فورا إلى إيقاف هذه العلاقة والنصح لنفسك أولا، والبعد عن هذه الفتاة، ثم بعد ذلك إذا كنت مصرا فعليك أن تأتي البيوت من أبوابها - كما يفعل الناس - وتحول هذه العلاقة إلى علاقة شرعية، وتدخل الأسرة في أمرك، ويكون لهم دور، وتتقدم الأسرة معك، ويتعرفوا على أسرة الفتاة، وتسأل عنك، وتسأل عنها، ثم بعد ذلك يكون إكمال هذا المشوار في طاعة الله تبارك وتعالى، أما غير هذه الطريقة فإن هذا لا يرضي الله تبارك وتعالى، فانتبه لنفسك، وعد إلى صوابك، واعلم أن المشكلة ليست في إرضاء الأهل، ولكن المهم هو إرضاء الله تبارك وتعالى الذي هو سبب الفلاح والخير، نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونسأل الله لك الهدى والرشاد، ونسأل الله أن يجمع بينكما بالحلال على الخير، هو ولي ذلك والقادر عليه.