الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشاعري تجاه خاطبي تتردد بين القبول والرفض، فكيف أحسم اختياري؟

السؤال

تقدّم لي خاطب ليس به صفة سلبية واحدة، إنسان متدين، خلوق، مهذّب، يحمل شهادة عليا، متواضع، بسيط، طيب، لديه بيت وسيارة، ووضعه المادي جيد جداً، وهو من عائلة ذات نسب معروف.

يكبرني بعشرة أعوام، وهو لديه تجربتا طلاق مع نسائه الاثنتين (كل واحدة في زمن مختلف) وإحدى هذه التجارب نتج عنها طفل عمره ثلاث سنوات، الطفل حالياً مع والدته، لا يزور والده إلا 3 أيام كل شهر في بيت والده.

جلستُ مع الخاطب وشرح لي الظروف التي مر بها، وسبب طلاقه المتكرر، وقد صدقته بأنه مظلوم، هو أخبرني أنه لا يريد إلا حياة مستقرة مريحة تكون سكناً له بعد كل هذه الظروف السيئة التي خاضها، في أول جلسة بيننا أخبرني بأنه يشعر بارتياح نحوي، وأنه يتمنى أن يحصل بيننا نصيب، أنا أجبته بأن ذلك معلق على الخيرية؛ فإن كان في ذلك خير سيوفق الله بيننا.

أصارحكم بأنني لم أكن أشعر بارتياح نحوه في الجلسة الأولى، وخفت أن أرفضه؛ لأن مواصفاته تعجبني، بنفس الوقت ترددت في القبول به، لأنني لم أشعر بميل أو انجذاب نحوه، صليت الاستخارة كثيراً، ودعوت الله أن ييسر لي الخير، ثم بعد يومين من الجلسة الأولى ومن التفكير الطويل، طلبت من والدي أنني أريد جلسة ثانية معه حتى أستطيع أن أقرر، وفعلاً جاء الخاطب وحده لمقابلتي، قابلته وشعرت بألفة معه، وأخبرته أنني موافقة، في اليوم التالي عندما قَدِمَ الخاطب إلينا وقابلته مرة ثالثة، شعرت بانقباض في قلبي، وعدم ارتياح شديد، تقريباً نفس شعور الجلسة الأولى.

هل هذا يعني عدم قبول؟ وهل يتحسن القبول بعد العقد؟ كيف أحسم قراري معه؟

لا أريد ظلمه!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولًا: نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يُقدّر لك الخير ويرزقك الزوج الصالح.

ثانيًا: نصيحتنا لك - ابنتنا الكريمة - ألَّا تتعجلي برفض هذا الخاطب لمجرد هذه الأمور التي ذكرتِها عنه؛ من كونه سبقت له تجارب زواج وانتهت بالطلاق، ما دام موصوفًا بالصفات التي تفضلت بذكرها.

وينبغي أن تجتهدي أنت وأقاربك في البحث والسؤال عن هذا الإنسان، ومعرفة أخلاقه، ومدى استقامة أحواله، وإذا تمكنتم من معرفة الأسباب الحقيقية وراء الطلاق فيكون شيئًا حسنًا، ولكن ليس بالضرورة أن ينتهي زواجه بك بالطلاق كما انتهى زواجه بمن سبق، فربما كان سبب الطلاق هو إخفاق الزوجات السابقات في القيام بالواجبات، التي تجب عليهن تجاه الزوج، فليس بالضرورة أن يكون الطلاق مُؤشِّرًا على سوء الزوج.

لهذا لا ننصحك أبدًا بأن تتعجلي بالرفض لمجرد هذا السبب، وقد ذكرتِ في هذا الشخص أوصافًا جميلة تدعو إلى قبوله، فينبغي أن تتمهّلي كثيرًا، وأن تستعيني بكل مَن يمكن أن يُعينك في البحث عن حقيقة هذا الشخص، وأوصافه التي لم تظهر لك إلى الآن، واستخيري الله -سبحانه وتعالى- واعلمي أن البيوت الزوجية لا تُبنى فقط على الحب الكامل.

ولذلك يُروى عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: (ليس كل البيوت تُبنى على الحب، فأين الرعاية والتذمُّم؟!) يعني أن هناك جوانب أخرى يمكن أن تجبر ما قد ينقص من الميول والحب، وهي جوانب الرعاية والوفاء بالذمم، فإذا كان كل من الزوجين يخاف الله تعالى، ويمنعه خوفه من الله من التقصير في حقِّ الآخر؛ فإن هذا كفيلٌ - بإذن الله تعالى - باستمرار الحياة الزوجية، وأن تكون حياةً مستقرَّةً هادئةً.

ولا تعوّلي على ما تشعرين به من الانقباض لمجرد جلسة واحدة أو نحو ذلك، فالجئي إلى الله -سبحانه وتعالى- واسأليه أن يختار لك، وأكثري وكرّري صلاة الاستخارة، وخذي بالأسباب، وابحثي بحثًا جادًّا عن هذا الإنسان وعن صفاته، ثم بعد ذلك استشيري العقلاء من أهلك، وقارني بين الحال التي أنت فيها وفرص الزواج في المستقبل فيما لو رفضت هذا الإنسان.

وبهذا النوع من الدراسة والمقارنة، مع التمهُّل وعدم التعجُّل ستصلين - بإذن الله تعالى - إلى قرارٍ صائب.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يُقدّر لك الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً