السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب كنت بعيدا عن الله، وكنت في حالة جهاد مع النفس، وبفضل الله ربنا أكرمني وهداني إلى طاعته، وإلى الالتزام، وربنا يكرمنا إلى الخير.
بعد هذا كنت أبحث عن زوجة صالحة تساعدني على طاعة الله، وتكون عونا لي لمزيد من الالتزام والتقرب من الله.
اشتركت في إحدى المواقع الإسلامية للزواج، وبعد التوافق من الموقع تم التوافق مع أخت فاضلة منتقبة، أنهت دراستها وتدرس في معهد للشريعة، ومستمرة في حفظ كتاب الله، وهي مسجلة على الموقع بعلم أهلها ومعرفتهم.
بعد تبادل الأسئلة مع الأخت من خلال الموقع عن الأسرتين وطبيعة العمل وأمور الدين، تم أخذ هاتف والد الفتاة للاتصال به لتحديد ميعاد للرؤية الشرعية.
حتى الآن لم أخبر أسرتي، والتخوف أن أسرتي بعيدة جدا عن النت والكمبيوتر وما شابه ذلك، رغم مكانتهم العملية المرموقة، وأخشى أن أسلوب التعارف يقابل رفضا منهم.
هل أطلب من أهل الأخت الفاضلة لو تم القبول بعد الرؤية الشرعية أن نبلغ الناس عموما أن التعارف تم بأي طريقة أخرى؟ وهل هذا الطلب من الممكن أن يسبب لأهلها الضيق؟ بحيث أنهم يقبلون وأهلي سوف يعترضون على أسلوب التعارف؟ هل يعتبر مفيدا إخفاء الحقيقة عن أهلي؟ مع ملاحظة أن الأخت الفاضلة من محافظة أخرى غير محافظتي.
وأشكر لكم سعة صدركم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ب . ع حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بك - ابننا الفاضل - في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونشكر لك هذه الثقة وهذا الحرص على التواصل مع الموقع، ونسأل الله أن يجمع بينكما على الخير.
لا شك أن الإنسان ينبغي أن يبحث عن صاحبة الدين، كما هي وصية رسولنا الأمين، وقد أحسنت في بحثك عن صاحبة الدين، ولكن أيضا الإنسان في بحثه ينبغي أن يراعي عرف الناس، ويراعي الوضع الذي يعيش عليه الناس، فإن عالم النت – بكل أسف – يأخذ انطباعا سيئا، والناس معذورون في هذا، لأن هذا الغالب عليه هو السوء، والناس يجهلون هذه المواقع التي فيها خير، ونحن نشكر لك هذا التواصل مع موقعك، ونشكر لك هذه الثقة، ونعتقد أنكم فعلا في حاجة إلى الحكمة في مسألة الإخراج وفي مسألة التعارف، فكم تمنينا لو أنك تجد وسيلة لا يكون فيها غير الصدق، وذلك بأن تسافر إلى ذلك البلد وتحاول أيضا أن تتعرف على أسرة الفتاة، ثم تقول لأهلك (إننا تعارفنا على الطبيعة، رأيتها في الجامعة، رأيتها في مكان، كلمتني عنها أخت فاضلة من محارمك) المهم أن تبحث عن وسيلة مناسبة، لأن الناس يسيئون الظن فيمن يتعارفون بهذه الطريقة.
أرجو كذلك أن تتدرج في إخبارهم، ومن المهم جدا قبل الإقدام على أي خطوة أن يكون الأهل على علم ومعرفة، وأن يكون عندك معلومات عن الفتاة، وتستطيع أن تسأل عنها، ثم تنسب هذه المعرفة إلى الشخص الذي سألته، حبذا لو كان من العلماء في تلك البلدة الذي تدرس عليه، تتواصل معه، تسأله عنها، وتقول: (هذه رشحها الشيخ فلان) أو (عرفتها عن طريق الشيخ فلان أحد العلماء الفضلاء).
نحن فعلا لسنا مطالبين أن نكشف الأسرار ونتكلم عما دار، وعن الطريقة التي تواصلنا بها، لأن هذا لا يعني أحدا، هذا لا يخص أحدا، لكن من المهم أن تبحث عن وسيلة يكون فيها شيء من الصدق، والناس غير مطالبين وغير معنيين بهذه التفاصيل، لأن هذا الزواج قسمة ونصيب وشيء قدره الله تبارك وتعالى، والإنسان قد يعيش في بلد ويتزوج من بلد آخر، وهناك عجائب في هذا، لأنه تلاقيا بالأرواح، والأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.
نحن إذن نؤيد الفكرة بعدم إخبار الأهل بطريقة التعارف، إذا كان ذلك سيؤدي إلى نتائج عكسية، وسيجعلهم يسيئون الظن بك وبها، وسيجعلهم ينفرون منها، ويحسبون أنها فتاة قدمت تنازلات وأن هذا عيب وأن هذا لا يقبل، وأنت في غنى عن هذا كله.
لذلك اتخاذ الأسلوب الحكيم والطريقة المناسبة هذا من الأمور التي تقتضيها الحكمة، والإنسان غير مطالب بأن يفضح نفسه، وغير مطالب بأن يذكر مثل هذه القضايا والخفايا في مثل هذه الأمور.
نعتقد أيضا أن هذه المعرفة غير كافية، لذلك لابد من معرفة على الطبيعة، فالكلام الجميل والالتزام فهذا قد يدعيه كل إنسان، وأنت بحاجة إلى معرفة أكثر، تتعرف على أسرتها، على بيئتها، وهي أيضا بحاجة إلى أن تتعرف عليك بطريقة أحسن وبطريقة أفضل.
لذلك الزواج والتواصل بهذه الطريقة لا يصلح أن نؤسس عليه إلا إذا عدنا إلى السطح، إلا إذا خرجنا إلى اتخاذ الوسائل الفعلية الشرعية المقبولة، فلو أنك سافرت زاعما أن عندك عملا أو سافرت هكذا للسياحة والزيارة، ثم بعد رجوعك تعلن هذا الأمر، تعلن أنك رأيت فتاة وسمعت عنها ورشحها لك الفضلاء وأن فيها كذا وفيها كذا، وأنك ترغب في الارتباط بها، وتخفي هذا الجانب، فليس من الداعي أن تكذب، ولكن إذا عملت سفرة أو سافرت لتلك المحافظة فإن هذا غطاء ممتاز وجيد جدا وإخراج ممتاز.
هذا نحن أيضا نحرص عليه، بل نوصي الشباب دائما إذا بدأت المعرفة بهذه الطريقة: أولا ألا يبنوا عليها، لأن الشريعة لا تبني على مثل هذه الأشياء، لأنه - كما قلنا - عالم النت عالم فيه أوهام، عالم فيه خديعة، تتكلم الفتاة بلسان رجل، والرجل يتكلم بلسان فتاة، وقد تبدوا عبر النت الكبيرة شابة، وقد تبدوا القبيحة جميلة، وكذلك الرجل الدجال الكاذب يبدو واعظا في ثياب الواعظين، لأجل هذا نحن دائما نؤسس على الأمور الواضحة، على المعرفة التي تكون بعلم الأسرة، وهذا الإسلام يتيح هذا التعارف، لأن العلاقة بين الرجل والمرأة مشوار طويل ليست سفرة، بل هو مشوار حياة، بل ارتباط بين عائلتين، بين قبيلتين، بل ربما ما هو أكبر من ذلك.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.