السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا متزوجة من قبل 14 سنة تقريبا بزوج لديه زوجتان وأنا الثالثة، كل السنوات التي مرت علي كنت غير مرتاحة نفسيا، أواجه الناس الحمد لله، ولكن لم أكن مرتاحة، وقبل ست سنوات حدث بيني وبينه طلاق، وراجعنا المحكمة وقال لنا الشيخ تعتبر طلقة رجعية، ورجعت له، وكان بسبب غضب منه، ولم يكن يفكر إلا بالطلاق، ومن ذلك اليوم وأنا همي الوحيد أولادي.
كلما تحصل بيننا مشاكل أخاف من الطلاق والتفريق بيني وبين أولادي، وفي الأيام هذه أحس خوفي زاد، وأحس بضيقة في حياتي لا يعلمها إلا الله.
لا أثق في أحد كي أشرح له معاناتي، لكي يواسيني أو يعظني، وأطلب منكم سرعة الإجابة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هنا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج كربتك، وأن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يذهب عنك هذا الهم والغم والقلق، وأن يرزقك الأمن والأمان والاستقرار والسعادة، وأن يبارك لك في أولادك، ولا يفرق بينك وبين زوجك وأولادك حتى تلقوه، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فأحب أن أبين لك أننا هنا في هذا الموقع رهن إشارتك، وأي شيء تريدين أن تتحدثي فيه فمن الممكن أن تكتبي إلينا باستفاضة وتوسع، فنحن كلنا آذان صاغية، وكلنا قلوب واعية، وسنتعاون ونتفاعل مع أي كلام يأتي من قبلك حتى تستريحين - بإذن الله تعالى – وحتى تذهب عنك هذه المعاناة.
أما عن قضية الخوف والقلق الذي تعانين منه، فأرى أن ذلك من الشيطان، لأنه لا داعي للخوف أصلا، لأن الحياة الزوجية كما تعلمين - أختي الفاضلة هنا – تقوم على عنصرين كبيرين أساسيين، وهما: الأب والأم – أو الزوج والزوجة – وكما أنك حريصة على عدم التفريق بينك وبين أولادك، فثقي وتأكدي أيضا أن زوجك حريص على عدم التفريق بينه وبين أولاده، كل رجل عاقل هذا شأنه، والطلاق لا يقع بالمزاج، وإنما يقع لظروف ودوافع قوية.
لذلك جعل الله تبارك وتعالى عصمة النكاح في يد الرجل، لأن الرجل يتمتع بنوع من الأناة وعدم العجلة في قضية الطلاق، كذلك أيضا ينظر إلى عواقب الأمور، فهو لا يريد أبدا أن تربى ابنته في غير بيته، ولا يريد كذلك أن يتشتت أبناؤه، ولذلك لا يقبل على الطلاق إلا في أضيق الحدود، وهذا شأن الرجال جميعا أو شأن معظم الرجال على الأقل.
ثقي وتأكدي أن هذا الخوف لا أساس له من الصحة، وإنما الشيطان يريد أن يفسد عليك حياتك، وأن يدمر عليك استقرارك، فبدأ يلقي في قلبك هذا الخوف الذي لا مبرر له، ولا أساس له من الصحة، وكون الطلاق قد حدث مرة ليس معناه أنه سيحدث كل مرة، ما دمنا نحرص ألا تتواجد أو تتوافر أسبابه، خاصة وأن الحياة الزوجية الآن مر عليها أربعة عشر عاما، ولم يحدث الطلاق إلا مرة واحدة، فهذا في حد ذاته دليل على أن الطلاق غير وارد أصلا.
لأنه أمام هذه الأربعة عشر عاما شيء بسيط، حياة زوجية استمرت أربعة عشر عاما ورغم أنك لست الزوجة الأولى وإنما أنت الزوجة الثالثة إلا أن الحياة استمرت طيلة هذه الفترة.
كونك -ولله الحمد والمنة- مرت عليك الآن أربعة عشر عاما معنى ذلك أن زوجك من الرجال العقلاء، ومن الرجال الواعين المدركين لعواقب الأمور، وأنك سيدة فاضلة عاقلة أيضا.
لا أرى حقيقة أي داع لهذا الخوف، وإنما أقول: هذا كله من عمل الشيطان الذي يريد أن ينغص على المسلمين حياتهم، وأن يكدر خاطرهم وأن يعكر صفوهم، ولذا أقول: رجاء ألا تقفي طويلا أمام هذا، وكلما أراد الشيطان أن يقذف في قلبك بهذه الأفكار استعيذي بالله تعالى، واتفلي على يسارك ثلاث مرات، وحاولي أن تغيري الجلسة أو المكان الذي كنت فيه، فإذا كنت جالسة وحدك فحاولي أن تخرجي من الغرفة واجلسي مع الأولاد، وإذا كنت في الغرفة فحاولي أن تتكلمي مع أي أحد أو أن تشغلي نفسك بأي شيء، وحاولي باستمرار أن تدافعي هذه الأفكار ولا تعطيها الفرصة لتستقر في ذاكرتك، حتى لا يتمكن الشيطان منك.
كم أتمنى أيضا – إضافة لما ذكرت – أن تقومي بعمل رقية شرعية، لاحتمال أن يكون هناك شيء خارج عن إرادتك هو السبب في ذلك، وأنت تعلمين أن العين حق، وأن العين تقتل، كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم – ولذلك لا يوجد هناك أبدا أي مانع من أن يكون أحد قد نظر إليك نظرة سوء فأدت إلى هذه المشاكل النفسية التي تعانين منها.
أتمنى - بارك الله فيك – كما ذكرت لك في المرة الأولى: مطاردة هذه الأفكار وعدم شغل نفسك بها، ولا تستسلمي لها أبدا.
الأمر الثاني: عمل الرقية الشرعية.
والأمر الثالث: المحافظة على الصلوات في أوقاتها.
الأمر الرابع: المحافظة على أذكار الصباح والمساء خاصة: (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات صباحا وثلاث مرات مساء، كذلك أيضا: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات صباحا وثلاث مرات مساء، كذلك (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) مائة مرة صباحا ومثلها مساء، هذه - بارك الله فيك – كفيلة بأن تحفظك من كيد الشيطان.
أكثري كذلك من الصلاة على النبي المصطفى محمد - عليه الصلاة والسلام – بنية تفريج كربك وقضاء حاجتك وذهاب همك - بإذن الله تعالى - وأكثري من الاستغفار، وعليك بالدعاء أن يصلح الله ما بينك وبين زوجك، وألا يفرق بينك وبين أولادك، اجتهدي في الدعاء واعلمي أنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، كما بشر المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى.
أسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، وأن يجبر كسرك، وأن يستر عيبك، وألا يفرق بينك وبين زوجك أو أولادك، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.