كيف أكسب محبة الآخرين وأتخلص من خجلي ورهبتي الزائدة؟

0 509

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد.

أنا فتاة خجولة جدا، وعمري 18 سنة، وفي السنة الثانية في الجامعة، وجامعتي بها شباب، لكني لا أستطيع النظر أو التكلم حتى مع الفتيات إلا قليلا أصبحوا وكأنهم لا يحبونني، فأنا غير جريئة، لا أرفع صوتي في الحديث، أو أثناء المحاضرات، ولا أستطيع المشاركة في السمنارات؛ لأنني لا أعرف أن أتكلم أمام الجميع، وهم يروني.

أعرف أتكلم من خلال الرسائل وهكذا، لكن أمام الشخص لا أعرف ماذا أقول! وكلما تحدثت لشاب في حكم السلام والدراسة يدي تتصبب عرقا، وقلبي ينبض بسرعة شديدة، أخجل عند دخولي للقاعة؛ لأن الناس كلهم ينظرون إلي وأحس وكأنهم يتحدثون عني!

أنا غير منعزلة تماما، فلدي صديقات، ولكن لا أتحدث كثيرا، كيف أكسب محبة الآخرين؟ وأتخلص من خجلي الزائد، وعدم قدرتي على تكوين علاقات جيده؟

علما أني والله أتعامل مع الناس كلهم بحس نية، وبكل طيبة، والكلام الحسن، وكأنهم إخواني لا أفرق بينهم، ولكنهم أيضا لا ينجذبون لي مما زاد كرهي للجامعة، وعدم الانضباط في الدراسة بكثرة التفكير في هذا الموضوع، وحتى مع أهلي هكذا لا أتعامل بطبيعتي إلا مع أهل بيتي حتى السلام أسلم، وكلي رجفة من الخجل.

وبسبب تعاملي هكذا مع الناس أصبح الشباب يريدون التواصل معي لكي يعرفوا من أنا، ولماذا لست مثل بقية الفتيات؟ لماذا أنا صامتة وكتومة فيأتوا ليحكوا لي مشاكلهم، أو مما يعانون من الفتيات بسبب طيبة كلامي، والمجاملة والتقرب مني، ولا أستطيع أن أبعدهم عني أو أحرجهم، والله كلامي معهم بحدود، فهم يعرفون أني خجولة، ولا أستطيع الكلام بكثرة فيأتون لي، ويتكلمون معي، ماذا أفعل كي أبعدهم عني؟ وأتخلص من الخجل وأكسب الناس ولا أجعلهم يستغنون عني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رزان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإن حالة الخجل التي تعيشينها ليست معضلة وليست مشكلة وليست كلها سيئة، أرجو - أيتها الكريمة الفاضلة – أن تركزي وتثبتي هذه المبادئ في تفكيرك.

ما وصفته بالخجل يمكن أن تستبدليه بمفاهيم أخرى، وهي أنك فتاة محترمة تلبسين ثوب الوقار والحياء والذوق والأدب.

الذي أريد أن أجعلك تقتنعين به أن الإنسان يمكن أن يغير مفاهيمه، وهنا أريدك ألا تعتبري نفسك خجولة، إنما سماتك هي الصفات التي ذكرتها لك، هذا من ناحية مبدئية، وهذا سوف يخفف عليك كثيرا، لأن الفتاة التي تعتقد أنها خجولة وهي حقيقة ليست مشكلتها الخجل والانطوائية المطبقة، إنما مشكلتها هي الحياء، ومن ثم تبدأ تقلص في تقديرها لذاتها ولمقدراتها، وأعتقد أن هذا هو الذي ينطبق عليك، فصححي مفهومك عن نفسك، هذا أمر مهم.

ثانيا: أعتقد أن ثوب الوقار الذي تلبسينه يجعل شخصيتك تنعكس كشخصية محترمة وذوقية ومؤدبة، لا تعتقدي أبدا أن ما تقومين به من سلوك هو أمر سيئ، على العكس تماما هي محمدة، ولكن حدث لك نوع من عدم التوافق الداخلي مع نفسك، أصبحت في مقارنات ما بينك وما بين بعض الآخرين، وهذا هو سبب الإشكالية.

ربما يكون بالفعل لديك شيء من الخجل، لكنه ليس نوع الخجل الانطوائي أو الإحباطي المطبق.

إذن أنت مطالبة بتصحيح المفاهيم، وأنا أرى أن نظرة الناس نحوك إيجابية، ويقدرك من يقدرك، ومن لا يقدرك أعتقد أنه ربما يكون لديه مفاهيم أخرى، ولديه قيم أخرى غير القيم التي يجب أن يلتزم بها الشباب خاصة الفتاة المسلمة.

أنا أناشدك وأنصحك بتغيير المفاهيم.

ثالثا: يجب أن تفكري في نفسك بأنك لست بأقل من الآخرين، على العكس تماما، لك ميزات يفتقدها الكثير في هذا الزمان.

رابعا: افرضي وجودك من خلال تميزك الأكاديمي، وهذا يعني المزيد من الجهد والدراسة، وتطوير المهارات، أبرزي نفسك من خلال المشاركة فيما هو مفيد اجتماعيا، وهنا يحتاج منك الأمر لشيء من الدفع والدافعية والإصرار على أن يكون لك حضور في الجمعيات الثقافية (مثلا) الاجتماعية الخيرية، وهذه الأنشطة متوفرة جدا في السودان.

خامسا: طبقي بعض التمارين التي نسميها بالتعرض أو التعريض في الخيال، وهو نوع من التحصن التدريجي، أي يحصن الإنسان نفسه من الخجل والخوف والرهاب الاجتماعي، وذلك من خلال أن تتصوري منظرا أو موقفا طلب منك مثلا أن تقدمي عرضا أمام الفصل الدراسي كله مع حضور عدد كبير من الدكاترة والأساتذة، هذا منظر حقيقي يمكن أن ينزل إلى أرض الواقع بكل سهولة، عيشي هذه الفكرة بكل تدبر وتمعن، وهذا يعني أن تذهبي وتحضري الموضوع وترتبيه، وتكون لك مراجع ممتازة وتراجعي، ثم تأتي أمام الحاضرين، وتقدمي الموضوع، وسوف يصيبك شيء من القلق في بداية الأمر، وهذا نسميه بالقلق الإيجابي التحفيزي التحضيري، ومن ثم تصبح الأمور سهلة جدا بالنسبة لك، عيشي هذا السيناريو، هذا نسميه بالتعرض في الخيال – كما ذكرت لك – وهو مهم جدا، كرريه عدة مرات، مع تغيير محتوى مادة التعرض أو التعريض.

بالنسبة لموضوع زملائك في الدراسة، وأنهم يحضرون ويحكون مشاكلهم لك: هنا يجب أن تقابلي الأمر بشيء من الحزم، والذوق في نفس اللحظة، لا تدعيهم يسببوا لك إزعاجا وهواجسا، كوني أكثر تواصلا مع زميلاتك الفتيات، وبالنسبة لهؤلاء الشباب تعاملي معهم بحذر، وفي الحدود الشرعية، هذا هو المطلوب منك، ولا أحد يلومك أبدا.

طوري مهاراتك أيضا من خلال البيت، الطبخ، مشاركة الوالدين، زيارة الأرحام، هذا كله جيد.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات