السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة في 22 من العمر، طالبة مهندسة في سنتي ما قبل الأخيرة، منذ أن حصلت على شهادة البكالوريا، أي منذ حوالي 4 سنوات، وبعدما كنت بفضل الله الأولى على قسمي، بل على صعيد المدرسة دائما، أصبحت أعاني من مشاكل في دراستي، وغدوت من الأواخر في الفصل، كما رسبت في السنة الثانية، فكانت صدمة قوية قصمت ظهري، أصبحت أشعر بنفور عظيم من الكتب، ما أن أتذكر أن على تحضير مادة ما حتى أبدأ في البحث عن مهرب لإضاعة الوقت، المهم ألا أواجه أوراقا أو كتبا.
أصبحت أؤجل أي عمل إلى أجل غير مسمى، إرادتي وهمتي في الحضيض، وأصبحت أفكر أحيانا في ترك الجامعة، كما أصبحت أعاني من مشكلة الذاكرة الضعيفة، ولا أدري ما السبب؟
كما أعاني من مشكلة أخرى متزامنة مع مشكلة دراستي، فكلما وضعت جبهتي في السجود، وشرعت في الدعاء خصوصا ما يتعلق بدراستي أحس كأن أحدا يجثم على أنفاسي، فتتسارع دقات قلبي، وأختنق وأنهض مسرعة لأتم الصلاة.
دراستي تؤرقني فهي أغلى ما يشغلني، طموحاتي كبيرة، وعلى هذا الحال لن أصل إلى أي مكان، هدفي رضى ربي، وخدمة ديني ومجتمعي.
جزاكم الله جنات الفردوس، وأدعو لي أن يخرجني الله مما أنا فيه، وأن يقذف حلاوة الإيمان، وحب القرآن في قلبي وقلوبكم بإذنه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ el romanti ca حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك، وأن يصرف عنك كل سوء، وأن يرد عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يوفقك في دراستك، وأن يعيد إليك التميز والتفوق والنبوغ، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين.
وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة – فإنه مما لا شك فيه أن ما تعانين منه أمر محزن ومؤلم، لأن الإنسان عندما يكون طموحا وحريصا على أن يتميز – خاصة إذا كان صاحب رسالة هدفه مرضاة ربه، وخدمة دينه ومجتمعه – ثم يفاجئ بأن هذه الطموحات تتلاشى، وأن هناك عوائق خارجة عن إرادته تجعل هذه الطموحات تتبخر مع الهواء؛ فإنه يصاب بصدمة نفسية كبيرة وقوية وجبارة.
ولذلك أقول: كان الله في عونك، وأسأل الله عز وجل أن يربط على قلبك، وأن يثبتك على الحق، وأن يردك إلى ما كنت عليه وأفضل.
أما عن الحل – يا بنيتي – فإني أعتقد أنك قد تعرضت لشيء من الخطر الجني أو الإنسي، بمعنى أنه لا يوجد هناك مانع من أن يكون قد قام بعض المقربين منك بحسدك، الذين يعرفون مستواك العلمي، وتفوقك الدراسي، لعله قد صوب إليك نظرات سامة، وسهاما قاتلة أدت إلى وضعك المتردي والسيئ الذي أنت عليه.
وقد يكون هناك أيضا نوع من الاعتداء الجني، وقد يكون هناك سحر، لأن هناك سحرا يسمى بسحر الشرود والذهول والنسيان، وهذه كلها أشياء موجودة وهي حقيقة، والسحر - كما تعلمين - حقيقة كما أخبر الله تبارك وتعالى جل جلاله.
ولذلك عليك – يا بنيتي بالرقية الشرعية، وهذا هو الحل الأول، والعلاج الأول الذي لابد منه ولا خيار لك غيره، والرقية الشرعية إذا لم تنفع فيقينا لن تضر، لأنها عبارة عن مجموعة من آيات القرآن الكريم، وكذلك مجموعة من أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم – وهي مجربة، والناس يستعملونها في مشارق الأرض ومغاربها، ويدفع الله بها هذا الضر وأمثاله بحوله وقوته.
ولذلك عليك – يا بنيتي – بالرقية الشرعية، والرقية الشرعية تستطيعين أن تقومي بها أنت بنفسك شخصيا، أو أن تقوم بها إحدى قريباتك، أو أرحامك، إذا لم يتيسر ذلك كله فلا مانع من الاستعانة ببعض الشيوخ الثقات الذين يعالجون بالرقية الشرعية بطريقة سليمة، ممن تعرفين عنهم سلامة العقيدة، وصحة الطريقة، لأن هذا الأمر - كما تعلمين – باب عظيم خاصة في بلاد المغرب التي يوجد بها كمية هائلة من السحرة الكبار الذين يقصدهم الناس من أنحاء العالم، فالأمر قد يختلط على الناس، هؤلاء السحرة قد يصلون مع الناس، وقد يطلقون لحاهم، ويمسكون مسابيح، ويوهمون الناس بأنهم من الصالحين، ولكن في نفس الوقت أيضا هم من كبار السحرة الكفرة الفجرة.
ولذلك أقول: لابد أن يكون مشهودا لهذا الراقي بسلامة المعتقد وصحة العقيدة والطريقة، ومعروف عنه أنه ليس من أهل الدجل، أو الشعوذة أو غير ذلك.
فهذه تحتاج إلى جلسة أو جلستين، أو ثلاث على أقصى تقدير، ثم تذهب عنك هذه الأعراض نهائيا، وتكونين في أحسن حال.
وهنا على الإنترنت مواقع، لو كتبت (الرقية الشرعية) ستخرج أمامك مئات المواقع، أو عشرات المواقع التي بها تستطيعين أن تتعرفي أنت على الآيات والأحاديث المستعملة في علاج الحسد، وفي علاج المس، وفي علاج السحر، وفي علاج العين، وكيفية الاستعمال، من الممكن أن تتعلمي ذلك حتى يتيسر لك الوصول إلى أحد هؤلاء الرقاة الثقات.
وهناك كتيبات أيضا تباع، وبها آيات الرقية، وأحاديث الرقية، وكيفية العلاج بها، كذلك أيضا هناك مطويات صغيرة، وهناك أشرطة مسجلة لبعض المشايخ المعالجين، فالأمر -الحمد لله- في سعة، ولكن هذا يختلف حسب المكان الذي أنت فيه؛ لأن هذه الأمور عادة موجودة في مساجد الملتزمين بالسنة، وفي المدن الكبيرة، وفي المكتبات الإسلامية التي تبيع الكتب الإسلامية، تجدين عندهم مثل هذه المواد التي بها تستطيعين - إن شاء الله تعالى – أن تساعدي نفسك.
ولكن كما ذكرت لك إذا لم تجدي فلو كتبت في موقع البحث جوجل كلمة الرقية الشرعية ستخرج أمامك - إن شاء الله تعالى – مواقع جيدة تستطيعين من خلالها أن تستفيدي في علاج نفسك ما دام العلاج فقط بالقرآن وبسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - .
عليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يذهب عنك هذه الحالة، واجتهدي في الدعاء في كل الأوقات.
حافظي على الصلاة في أوقاتها، حافظي على أذكار الصباح والمساء بانتظام، خاصة (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات صباحا، وثلاث مرات مساء، كذلك (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات صباحا وثلاث مرات مساء، وكذلك التهليلات المائة (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)، مائة مرة صباحا، ومائة مرة مساء؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال عنها: (كانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي – أو يصبح).
اطلبي من أقرب الناس إليك الدعاء، إذا كان الوالد موجودا، أو الوالدة، أو خالة، أو عمة، أو غير ذلك، أو من الصالحات من أهلك، أو جيرانك؛ لأن دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب صدقة، ودعاء الوالدين لا يرد كما بشر النبي - صلى الله عليه وسلم -.
اجتهدي في ذلك في أقرب فرصة حتى لا تتمادى بك الأحوال، فتسوء أكثر مما هي عليه.
اعلمي أن هذا من قدر الله تعالى، ولن يرده إلا قضاء الله تعالى وقدره، ونحن عندنا أعظم سلاح وهو الدعاء الذي يرد قضاء الله تعالى، كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يرد القضاء إلا الدعاء).
هذا وبالله التوفيق.