السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا خجولة جدا بشكل مفرط إلى درجة تعذبني، فمثلا إذا حدث لي موقف محرج أظل سنوات أتذكره وأخجل، وكأنه حدث الآن!
أيضا بين الناس أخجل من قول رأيي، لأني أخاف أن يرفضوا رأيي بطريقة تحرجني، كذلك أجد صعوبة في تكوين صداقات جديدة، وأجد صعوبة جدا في التحدث مع شخص لا أعرفه حتى لو أردت أن أسأل سؤالا.
إذا حدث وتحدثت أمام مجموعة من الناس، فإذا انتبهوا لي يحمر وجهي وأرتبك وأنسى ما كنت أريد قوله، وتزيد نبضات قلبي وأرتجف بشكل خفيف أو أشعر ببرودة في أطراف أصابعي، ويصبح كل شيء أمامي أسود، ولا أسمع سوى نفسي.
أتهرب من لقاء الناس، وأدمنت الإنترنت لمدة 6 سنوات، ولكن لاحظت أني أصبحت أسوأ، أصبحت أرفض تماما الخروج بين الناس، وإن أجبرت على الخروج فأنا أشعر بضيق واكتئاب، ولا أرتاح إلا إذا رجعت لعزلتي في غرفتي، ولا أمل من طول البقاء لوحدي.
حين أقابل الناس وأتحدث معهم لا أشعر به كواقع، بل أشعر وكأني في حلم، وأيضا لا أستطيع النظر إلى أعينهم مباشرة، وإذا أجبرت نفسي فإن عيني ترفرف لا إراديا.
ما مشكلتي؟ وما الحل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مشكلتك - إن شاء الله تعالى – بسيطة، فكما ذكرت لديك شيء من الخجل، وإن شاء الله تعالى لديك الكثير من الحياء، ولديك درجة بسيطة مما نسميه بالخوف والرهاب الاجتماعي.
هذه الثلاثة كثيرا ما تتمازج مع بعضها البعض، خاصة لدى النساء في مجتمعنا، وهي ليست كلها سيئة حقيقة، فالحياء شطر من الإيمان، والحياء خير كله، والحياء لا يأتي إلا بخير، والخجل أيضا يعطي الفتاة المهابة والسمعة الطيبة والصورة الجميلة في عيون الآخرين، لكن يجب ألا يكون للدرجة المعيقة التي تقعد الإنسان عما ينفعه وينفع غيره، أما الرهاب الاجتماعي فقد يكون معطلا للإنسان بعض الشيء.
الذي أريده منك هو أن تعيدي تقييم نفسك، وتحاولي أن تركزي على إيجابياتك، وهي لا شك أنها كثيرة، وانظري إلى نفسك كشخص فعال، شخص يأخذ مبادرات، ويجب أن يكون لديك مشاركات فاعلة جدا في محيط أسرتك، شاركي الأسرة بأفكارك، شاركي بالأفعال، كوني نشطة، هذه هي نقطة البداية لكسر حاجز الخوف والرهبة وكذلك الخجل.
من خلال هذا الانصهار الاجتماعي الداخلي تستطيعين أن تبني أسس جديدة للتواصل. ابن شبكة اجتماعية من خلال التعرف على صديقة من الصالحات ومن الملتزمات، ولا شك أنك سوف ترتاحين لها، ومن خلالها تستطيعين أن تتعرفي على أخواتها وصديقاتها، هكذا تبنى العلاقات الاجتماعية.
الشيء الآخر هو موضوع إدمان الإنترنت: الإنترنت بالرغم من محاسنه الكثيرة والعظيمة وإيجابياته التي لا تحصى، لكن الذي يسرف في استعماله ولا يحسن ذلك يظل مغلقا ومكبلا ويضمحل فكريا.
بالرغم من أنه يعتقد أنه يكثر الاطلاع، لكن ليس هذا هو الواقع، وإدمان الإنترنت أصبح مرضا (متلازمة) وأعني أن كل من يجلس على الإنترنت أكثر من ساعتين دون حاجة لذلك – حتى وإن كان له حاجة ويجلس أكثر من أربع أو خمس ساعات في اليوم – فهذا أصبح متعلقا ومرتبطا بالإنترنت ومدمنا له، وهذا الإدمان والارتباط يؤدي إلى المزيد من التحفيز وما نسميه بالشعور بالمردود الإيجابي، وهذا يجعل الإنسان أكثر التصاقا بالإنترنت، ويعرف تماما أن الإنترنت من أكثر الوسائل التي تؤدي إلى الانطوائية والخجل وعدم تقدم الشخصية وتطويرها وبنائها وتأكيد الذات.
أيتها الفاضلة الكريمة: انتبهي لهذا الأمر، وسوف أترك لك الأمر لتتعاملي معه بحكمة.
تطوير المهارات الاجتماعية يتم من خلال آليات مجتمعية أيضا، مثلا بالنسبة لك: أنت كفتاة مسلمة يمكن أن تذهبي إلى مراكز تحفيظ القرآن، فيها خير كثير، تفاعل اجتماعي ممتاز في جو مطمئن، تبادل الأفكار، أخذ المبادرات الإيجابية، الأخذ والعطاء، هذا هو التواصل الاجتماعي، هذا هو الذي يزيل الخجل ويزيل التوتر، فكوني حريصة جدا على ذلك.
كوني مهاراتك الاجتماعية الشخصية، فحين تتكلمين مثلا مع محارمك انظري إليهم في وجوههم - هذا لا بأس به أبدا – كوني أنت التي تأخذ بالمبادرات حين تكوني مع صديقاتك وزميلاتك، انتهجي نفس المنهج، لا تتجنبي النظر في وجوههن متى كان ذلك مناسبا، ولا بد أن تزودي نفسك بالمعرفة، فإن الاطلاع والمعرفة والرصيد العالي من المعلومات هو طاقة ووقود حقيقي للإنسان ليتفاعل مع الآخرين.
هنالك تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، هذه التمارين جيدة جدا، ولدينا في إسلام ويب استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن ترجعي إليها، وتطبقي تمارين الاسترخاء التي أشير إليها.
توجد أدوية ممتازة جدا مضادة لقلق المخاوف، لكن لا أستطيع أن أصف لك أي من هذه الأدوية، لأن عمرك غير موضح، وبصفة عامة يمكنك أيضا أن تتحدثي مع أهلك وتقابلي الطبيب النفسي، والحمد لله تعالى المملكة العربية السعودية بها الكثير من المختصين المتميزين.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.