السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية أود أن أتقدم إليكم جزيل الشكر، وجزاكم الله خيرا على هذا الموقع الفعال.
يا شيخ سأطرح لك مشكلتي التي أتعبتني صراحة، وأحتاج منكم إلى رد بسيط يعينني على فهم الأمر.
لدينا في المدرسة معلمة شرعية - ما شاء الله عليها - وضع الله لها من القبول ما لها، ولكن المشكلة أني كنت أحبها في الله، ولم أخبرها بذلك لأن حيائي وخجلي كبير جدا.
ثم بعد ذلك أصبحت أتضايق عندما أشعر بأنني سأذهب من المدرسة، أو سأسافر، لأنني سأشتاق لها، ولكن والله أني في عمري ما فكرت في أي شيء خارج الأخلاق، وكانت دائما ما تنصحنا وتشدنا إلى الخير، ولكن بدأت بعدها أشعر بأن كل أعمالي أصبحت رياء.
حتى في البيت عندما أصلي وحدي، أشعر بأني أرائي لها، أكاد أجن من تلك الاعتقادات، وأبكي، وأحاول تجنبها، ولكن لا جدوى.
أصبحت أفكر بها في الصلاة وما إلى ذلك، وأحاول أن أتناسى، وأتعوذ وأذكر الله، ولكن سرعان ما يعيد الشيطان ذلك في قلبي.
فكرت أن أخبرها بأني أحبها في الله، وأن أقدم لها هدية كتابا بسيطا يبين لها أني أحبها فيه سبحانه.
أرجوكم أفيدوني وأرشودني إلى الصواب.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ارجوانهـ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نشكر لك - ابنتنا الفاضلة - هذا التواصل مع الموقع، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يجمعك مع معلمتك، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.
وقد أحسنت من أحبت معلمتها لدينها ولخلقها ولكمالها، فإن هذا هو الحب المطلوب أن يكون في الله، ولله، وبالله، وعلى مراد الله تبارك وتعالى، ولا تخجلي من إخبارها بذلك أنك تحبينها في الله تبارك وتعالى، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – أمر من يحب أخاه أن يخبره بأنه يحبه في الله تبارك وتعالى، فأخبري هذه المعلمة أنك تحبينها في الله، واستفيدي منها، وتعوذي بالله تبارك وتعالى من الشيطان، واعلمي أن هم هذا العدو أن يحزن الذين آمنوا، وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله، وطالما كانت المحبة في الله، ولدينها، ولأخلاقها، ولما عندها من كمالات وحسن التربية، فهذا هو المطلوب من الناحية الشرعية.
وإذا جاء الشيطان يشوش عليك، فعامليه بنقيض قصده، وتعوذي بالله منه، واجتهدي في ذكر الله تبارك وتعالى، واعلمي أن هذا الشيطان عدو، كما قال الله: { إن الشيطان لكم عدو }، ثم قال: { فاتخذوه عدوا }، ولا يمكن أن نتخذ الشيطان عدوا إلا إذا أطعنا الرحمن، وعاملنا هذا العدو بنقيض قصده، فلا تطيلي الأحزان، ولا تقفي أمام هذه الوساوس، وإذا جاءتك فتعوذي بالله من الشيطان، واشتغلي بذكر الرحمن، واعلمي أن هذا الضيق منك دليل على أنك على خير، وكوني واثقة أن هذا العدو لا يقعد في طريق المتبرجات، ولا في طريق الفاسقات، إنما يقعد في طريق من تريد الهداية، والأمر كما ذكر القرآن على لسان هذا العدو: { لأقعدن لهم صراطك المستقيم }، فهذا عهد قطعه الشيطان على نفسه، أن يحول بين الناس وبين الاستقامة، أن يشوش على من تستقيم، ومن يستقيم على شرع الله تبارك وتعالى، ولكن العظيم سبحانه وتعالى أخبرنا { إن كيد الشيطان كان ضعيفا }، وأنه { ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون} ، {إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون }.
فعاملي هذا العدو بنقيض قصده، واشتغلي بما يرضي الله تبارك وتعالى، وأظهري حبك لهذه المعلمة إن كان حبا في الله وبالله ولله وعلى مراد الله، ثم وسعي دائرة المحبة في كل الزميلات والأخوات والمعلمات الصالحات، فإن المؤمنة تحب أخواتها جميعا، وتزيد في محبة من تطيع الله تبارك وتعالى، وتتقرب إلى الله تبارك وتعالى.
وبشرى لك: فإن المرء مع من أحب، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم – للرجل الذي قال: يا رسول الله، المرء يحب القوم ولم يلحق بهم؟ قال: (المرء مع من أحب)، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم – لما قال هذا الحديث قال أنس: (أنا أحب رسول الله، وأحب أبا بكر وأحب عمر، وأرجو أن أحشر معهم) وما فرح الصحابة بشيء فرحهم بهذا الحديث (المرء مع من أحب) لأنهم كانوا يحبون النبي - عليه الصلاة والسلام - .
فلذلك منقبة للفتاة أن تحب المعلمة لصلاحها، ولدينها، ولتقواها، ولكن كما قلنا ينبغي أن توسعي دائرة الحب، فتحبي كل الصالحات، وتجتهدي في أن يكون الحب في الله وبالله ولله، لا لمظهر، ولا لجاه، ولا لظرف، ولا لأي سبب من الأسباب، إنما يكون حبا في الله ولله وبالله تبارك وتعالى، ومن أوثق عرى الإيمان (أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ...) ولا مانع بعد أن تحبينها في الله أن تنتفعي منها، وتنتفع منك، فإن هذا موجود بين المحبين، ولكن الممنوع هو أن يكون الأصل هو المنفعة، أو الماديات، وغيرها من هذه الأمور.
فأنت - ولله الحمد - على خير، فتعوذي بالله من الشيطان الذي يريد أن يشوش عليك، وأقبلي على عبادتك، واحرصي على الاستفادة من هذه المعلمة، وقدمي لها ما شئت من الهدايا.
ونسأل الله تبارك وتعالى لك التوفيق والسداد، ونشكر لك هذه الروح التي دفعتك للسؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعصمنا وإياك من الزلل، وأن يلهمنا الرشاد والحق، إنه ولي ذلك والقادر عليه.