السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا أود أن أشكر هذا الموقع الرائع, جزاكم الله كل خير.
لن أطيل عليكم بالحديث, لكني بحاجة إلى من يرشدني وينورني بأفكاره، أنا فتاة أبلغ من العمر 23 سنة, طالبة جامعية في كلية الاقتصاد.
في الحقيقة لقد تعرفت على شاب في الكلية منذ سنة، وقد كنا نتكلم عبر الانترنت، وأحيانا نتكلم في الكلية عندما نلتقي بالصدفة؛ لأنه يتعلم في قسم آخر في الكلية، لا أخفي عليكم أني أحببته وأحببت شخصيته القوية والحنونة، وقد أخبرني بأنه أخبر أهله عن علاقتنا، وأنه سوف يتقدم لخطبتي.
وبالفعل لقد تقدم لي بعد عدة أشهر، وكانت صدمتي قوية جدا من والدي اللذين رفضاه بسبب أنه لم ينته من بناء البيت، ولا يريدون خطبة طويلة، لقد صارحت أهلي بأنني كنت أتكلم معه، وبأنني أريده وأنني مقتنعة به جدا، لكنهم لم يسمعوا لي، ولم يوافقوا عليه.
ومنذ ذلك الوقت وأنا جدا حزينة حتى أنني أتمنى الموت, لماذا تم الرفض فقط بسبب عدم بنائه للبيت، وليس أكثر؟ رغم أن والدي اعترفا أنه من عائلة محترمة ومثقفة في القرية.
لذلك أنا حزينة جدا؛ لأن الرفض تم فقط لهذا السبب، وليس لسبب آخر، وحتى بعد الرفض، لقد أرسل لي رسالة الشاب أنه سوف يتقدم لي مرة ثانية بعد عدة أشهر بعد أن يكون متقدما في بناء بيته، وأن يكون في مرحلة متقدمة أكثر من الآن.
في الحقيقة أنا أوافق أن أنتظره، لكني أريد بشدة أن تتم الآن الخطبة، وليس في وقت متأخر؛ لأنني لا أستطيع هكذا أن أستمر في الحديث معه -أي علاقة محرمة- لأني أخاف الله، ولا أريد أن أحادثه بدون علم والدي؛ ولأني لا أستطيع التركيز في الدراسة، ولا في أي شيء آخر، وأنا بحاجة إلى هذا الشاب؛ لأني أرى فيه الصفات التي أنا مقتنعة بها، وفي الحقيقة لا أعرف ماذا أفعل، سوف أرفض كل العرسان من أجله؛ لكني أخاف أن يتم الرفض مرة ثانية عندما يأتي لخطبتي مرة ثانية.
ولكن لماذا هكذا يحصل معي لماذا والداي لم يوافقا؟ لماذا أجبر أن أقع في علاقة محرمة مرة ثانية، وأنا أريده وأريده بشدة، وأقسم أنني عندما تحدثت معه عبر الإنترنت كنت على يقين أنه سوف يتقدم لي لذلك قبلت بهذه العلاقة.
كنت أعلم أن نهاية هذه العلاقة سوف تكون علاقة شرعية، لكن حصل ما لم أتوقعه أبدا، وأنا الآن في صدمة كبيرة، وأشعر بأنني أكره والدي، لكني لا أريد أن أكرههم؛ فهما والداي اللذان يكرسان حياتهما من أجلي، لكن أشعر بأن هذا القرار أي رفضهما له بسبب البيت ليس بقرار منطقي طالما أني أريده، وأنا مقتنعة به.
وعندما تم الرفض لقد أصر على موقفه بأنه لن يتركني، وبأنه سيعود بعد عدة أشهر للتقدم لخطبتي؛ لأنه يريدني ولأن أهله أحبوني.
ماذا أفعل لكي يوافق والداي عليه؟ ماذا أفعل لأخرج نفسي من الكآبة التي أنا بها؟ فأنا هذه الأيام لا أطيق الحديث مع أحد ولا أرى أحدا، ومعظم وقتي أقضيه بالنوم وبالأدعية، يا رب لا تحرمني منه، يا رب اجمعني معه بالحلال، واجعل والدي يوافقان عليه.
لا أستطيع التخيل بأنني سأكون لغيره بعد أن تعرفت عليه لفترة طويلة، وأنا مقتنعة به.
لماذا لا أتحمل قراري أنا وحدي باختياري له؟ لماذا والداي اللذان أحبهما جدا يقفان عائقا أمامي؟!
كرهت الوحدة، وأرى أنه حان الوقت لأخطب، وخاصة أنني على اقتراب من انتهاء تعليمي، أنا لست مقتنعة بأن أرفض الشاب فقط بسبب فترة الخطبة الطويلة التي سوف تمتد حسب رأيهم سنتين ونصف، أين المشكلة بذلك؟ أنا أفضل أن تكون خطبتي طويلة على أن يستمر الحديث معه بدون علم والدي حتى الآن.
أنا في صراع تام بين الشخص الذي أنا مقتنعة به جدا، وأريده أن يكون شريكي، وبين والدي الذين يريدان أن أنساه.
أنا أخاف أن أعاتب أكثر والدي في المستقبل إذا استمررت بهذه الحالة عزباء؛ لأنني لست إنسانة سهلة تقتنع بأي رجل يتقدم لي.
لا أعلم السبب؛ ربما لأنني أفكر فقط في شخص واحد، لكن هذا هو الواقع الذي أعيش به الآن.
كل ما أريده هو ذلك الشخص الذي أنا مقتنعة به تماما، وأرجو من الله أن يجمعنا بالحلال.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ملاك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بك ونشكر لك الثناء على الموقع، ونطمئنك بأن هذا واجبنا ورسالتنا، وشرف لنا أن نكون في خدمة أبنائنا والبنات، ونسأل الله أن يجمع بينك وبين هذا الشاب - الذي فيه خير – على الخير، خاصة بعد أن أشاد أهلك بأسرته، وبعد أن علمنا أيضا أن سبب الرفض غير وجيه، وليس لاعتبارات شرعية، ونسأل الله أن يعينكم على الخير، وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.
نحن قطعا لا نرضى بما حصل من الوالد والوالدة، لكننا نذكر بنيتهما الصالحة، وهم يظنون أنهم يريدون بك الخير، وهذا من حبهم الشديد لك ومن حرصهم الشديد على مصلحتك، لكن لعلهم أخطؤوا الطريق، فكم من مريد للحق لا يصل إليه ولا يصيبه، لكننا عندما نتكلم في هذه الأمور نلتمس العذر للآباء والأمهات، عندما نتذكر هذه المشاعر النبيلة، وذلك الحب الفياض، وذلك الحرص على الخير، وذلك السهر الذي تعبوه من أجل أن نكبر ونتعلم.
ومن هنا ندعوك إلى أن تتعاملي مع الوضع بمنتهى الهدوء، وأرجو أن تجدي في الخالات والعمات والأعمام من العقلاء والفضلاء من يسعى في قضيتك، ويتكلم بلسانك، كما أرجو أن تجتهدي في إكمال الدراسة، وعلى الشاب أن يجتهد في تحسين وضعه، وفي المضي قدما في أمر البيت أو أمر إعداد نفسه، لأن هذه أمور أيضا من الأهمية بمكان خاصة عند الكبار.
كما أرجو أن توقفا هذه العلاقة حتى تضعاها في إطارها الصحيح، إذا كان الشاب عازما على أن يأتي، وأنت عازمة على أن تقبلي به، فمن المصلحة أن توقفا هذه العلاقة، ويشغل هو بإعداد نفسه، وتشتغلي أنت بإكمال الدراسة، وتتوجها جميعا إلى الله تبارك وتعالى، ثم عليه أن يعاود الكرة، وهذا هو المطلوب منه، فالكرة – كما يقال – في ملعبه، وإصرار الرجل له أثر كبير على أهل الفتاة، فإنه إذا بنى البيت ومشى في خطواته، ثم جاء مرة ثانية وطرق الباب وطلب يدك، هذا يؤكد لأهلك ولأسرتك أنه حريص عليك، وأنه لا يرضى بك بدلا، وعند ذلك سيكون هذا دافعا جديدا لهم، وأنت عليك أن تقتربي من والديك، تجتهدي في برهما والإحسان إليهما، وتسعي في إرضائهما.
وأرجو ألا تشعريهما بأنك غاضبة منهما أو نحو ذلك؛ لأن هذا يؤثر على نفسياتهما، ولكن اجتهدي في برهما وإحسانهما، واطلبي مساعدة الفاضلين والفاضلات من محارمك، وتوجهي قبل ذلك إلى رب الأرض والسماوات، وتعاهدي مع هذا الشاب على إيقاف هذه العلاقة حتى توضع في إطارها الصحيح، وهذا ما ننبه له دائما، من أننا كم تمنينا لو أن الشاب ولو أن الفتاة عند مجرد وجود الميل، وبدايات العلاقة، والبدايات المبكرة، لو أنه تواصل مع أهله ليعرف وجهة نظرهم، لو أنه عرض عليهم الفكرة قبل أن يتقدم، وقبل أن يتورط، وقبل أن تمضي العلاقة بهذه الطريقة، التي صدقت عندما قلت لأنها علاقة غير شرعية، لأنها بين أجنبي وأجنبية، وهي علاقة لا يوجد لها غطاء شرعي.
ولذلك من مصلحتكم جميعا أن تتوقف هذه العلاقة، أو تجمدوا هذه العلاقة، حتى يجتهد في إعداد نفسه، ثم بعد ذلك يطرق باب أهلك، ويأتي البيوت من أبوابها، وعند ذلك أرجو أن تكون هناك موافقة، وإلا فنحن ندعوك إلى إشراك الفضلاء والفاضلات والعقلاء، حتى لو وجد عالم وشيخ تسمع له الأسرة، فمن الممكن أن تتواصلي معه، من أجل أن يعاونك في إقناع الأسرة، وعلى الشاب أيضا أن يكرر المحاولات، ويكرر الطلب طالما كان متفهما لهذه الأسباب الواهية التي يعتذر بها الأهل.
ونسأل الله أن يجمع بينك وبينه على الخير، وأن يستخدم الجميع في طاعته، وندعوك إلى كثرة التضرع واللجوء إلى الله تبارك وتعالى، ثم بالاقتراب والإحسان للوالدين، ثم بالاستغفار عما مضى من تقصير وخلل، ثم بالسعي في مساعدة الضعفاء والمحتاجين ليكون العظيم (سبحانه) في حاجتك، وعليك بتقوى الله، وبالإكثار من قول: (لا حول ولا قوة إلا بالله)، وبالإكثار من قول: (حسبي الله ونعم الوكيل)، وبالإكثار من قول: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)، ثم بالإكثار من الاستغفار والصلاة والسلام على رسولنا المختار، ونسأل الله أن يجمع بينك وبينه على الخير، وأن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.