أبو زوجتي وأخوها أهاناني وطرداني من البيت.. ما توجيهكم؟

0 643

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حصلت مشكلة بين زوجتي وأمي من رفع للأصوات بينهما، وكلام ومشادات، فطلبت زوجتي أن تذهب لبيت أهلها، ومن باب الرغبة مني في التفريق بينهما لبعض الوقت أوصلتها، وحاولت إفهام والدها، لكنه سمع منها أني طردتها، فلم يقبل السماع مني، وطردني من بيته، بعد كم يوم حاولت التواصل مع زوجتي عبر الهاتف، وعبر الرسائل، وعبر الأولاد، لكن دون جدوى فتركتها!

وبعد شهرين وبضغط من الأولاد اتصلت على والدها عدة اتصالات لتحديد موعد معه، لكنه تعذر في كل مرة، وطلب أن أقابله في مكان عمله، فرفضت بسبب أن الموضوع عائلي، ورغبتي في وجود زوجتي، فذهبت إلى بيته واتصلت عليه، ووضعته أمام الأمر الواقع، وتحملت دخول بيته، وقد طردني منه فحصل نقاش وجدال وإهانة منه، ومن ولده لي، وطردت للمرة الثانية وإصراره على أني أنا الذي طردتها طلبت حضورها، فرفض وأصريت على طلبي وبعد جهد حضرت، وطلبت منها وصفا لما حدث، ولما تبين لهم أني لم أطردها غضب علي ورفع العصا في وجهي، وتكلم علي كلاما غير لائق حاولت تهدئة الوضع، وطلبت إرجاعها فطلبت بيتا آخر وحدها فوافقت بشرط على قدر استطاعتي.

زوجتي الآن عند أهلها منذ أكثر من ثلاثة أشهر والأولاد مشتتون بيني وبينها، ووالدها لا يسمح لها بالعمل والمشاركة في أعمال البيت، ويسمح لها بالخروج وقت ما تشاء، وكذلك المبيت خارج البيت مع أهلها طبعا، مع أني أخبرتها مرارا وتكرارا أني غير راض عن خروجها فما بالك بالمبيت خارج البيت، وهذا يجعلها مستقبلا تقصر في حقي، وحق البيت والأولاد، وقد تعصيني بسبب دلال والدها وإهانته لأوامري على زوجتي.

أنا الآن أبحث عن منزل فيه استقلالية لها ولأمي وعلى قدر استطاعتي، وبحيث تكون أمي بجانبي لأقوم بواجباتها، وخدمتها وليس لزوجتي أي دخل بها أو بخدمتها، لكن ما يقلقني بعد هذا الوضع أن تعود بيننا مشاكل بسبب أهلها، وما قاموا معي به من إهانات وخلافه، وما تعودت عليه عندهم لا سيما أن هذا ليس من مصلحتها عرفا.

فماذا أفعل؟ وخصوصا أن همي الأول والأخير الأولاد وحاجتهم لأمهم وأبيهم؟ وهل يحق لي أن أمنعها من زيارة أهلها أكثر من مرة في الشهر؟ وهل يحق لي منعها من الاتصال بهم؛ لأنهم غير متزنين في حل الأمور بالشكل الصحيح، وخوفا على التأثير عليها بما يضر حياتنا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو حسام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك - ابننا الكريم - في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، وندعوك إلى استعمال الحكمة، وأنت -ولله الحمد حكيم- وأرجو أن تعرف أن الشريعة التي تطالبك بالإحسان إلى الزوجة هي الشريعة التي تطالبك ببر الأم، وقد أحسنت في هذه المعادلة، واعلم أن الإنسان سيجد زوجات، لكنه لن يجد أما غير أمه، ولكن مع ذلك الشريعة تطالب بأن تقدم العدل، فلن تنجو أمام الله لو ظلمت الزوجة، ولن تنجو أمام الله إذا قصرت في حق الأم، ونسأل الله أن يعينك على الخير.

أما ما حصل من أهل الزوجة، فهذه جهالة وسفاهة منهم، وزوجتك بريئة، بريئة من كل ما حصل، وهي لا تملك أن تعاند أهلها وتصر على أنك على صواب، ولكنك أحسنت عندما جئت بها وأحسنت عندما تكلمت بالصواب وبالخير، وهذا في حد ذاته خطوة ممتازة، ودليل على أن هذه الزوجة تريد أن تعود إلى زوجها، فاحرص على أن تمهد الأمور حتى تعود الزوجة إلى وضعها وإلى بيتها، ولا ننصحك بحرمانها من أهلها، لكن ينبغي أن يكون التعامل بحذر، وينبغي أن تناقشها وتقنعها ليس على سبيل المنع، ولكن دائما تجعلوا الزيارات قصيرة، دائما تحاول أن تتلمس الآثار السالبة في الزيارات فتمحوها.

كما أرجو أن تعيد التفاهم بينها وبين الوالدة، لأن وجود مثل هذا الخصام وهذا العزل التام لا يعني انتهاء المعركة، ولا يعني تحولها إلى الداخل، فالإنسان هذا دائما تحكمه المشاعر، وتحكمه أحاسيس، وأنت لا ترضى هذا الوضع لأمك وزوجتك، والزوجة أيضا ما ينبغي أن تقبل بهذا الوضع، والوالدة أيضا ستكون متضايقة من هذا الوضع، ولكننا نراهن على حكمتك، وعلى عقلك الكبير، وعلى إحسانك في التصرف، وكم تمنينا لو أنك لم تذهب بالزوجة وهي غاضبة بعد المشكلة مباشرة إلى بيت أهلها، خاصة وأهلها بهذه الطريقة، فإن بعض الناس لا يفهمون مثل هذه الأمور، وأرجو أن تعرف أيضا طبيعة أسرة الزوجة، ومدى ما عندهم من علم ووعي أو جهل ونقص، حتى ترجع وتميل إلى ركن ركين.

أما مثل هذا البيت فلا ننصحك مستقبلا بالذهاب إليهم في أي مشكلة، ولا مشاورتهم في أي موضوع، وإذا عادت لك الزوجة فأرجو أن تتواصل مع الموقع من أجل أن تسمع النصائح، ومن أجل أن نبين لها عواقب مثل هذه الأمور، وأنها ينبغي أن تحسن صورة زوجها عند أهلها، ولا تسكت ولا تجامل إذا شعرت أن أهلها أخطؤوا في حق زوجها، بل ينبغي أن تطيب خاطرك، وتبين لك أن ما حصل ما كان ينبغي أن يحصل، ولا ندعوك إلى أن تطلب منها أن تخاصم أهلها جهارا، أو تعلن الحرب عليهم، فهذا ليس في مصلحة أحد، فالشريعة التي تأمرك ببر والدتك هي الشريعة التي تأمرها ببر أهلها والإحسان إليهم، لكن ينبغي أن تعلم هذه الزوجة أن حق الزوج أولى، وأن حق الزوج مقدم، ونحن نؤيد ما قمت به من خطوات، نسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يغفر ذنبنا وذنبك، وأن يعين الجميع على الخير.

وأرجو دائما أن يكون التواصل من الآن مع زوجتك، وهي المهمة عندك، أن تقوم بواجبك، أن تذهب لها بالمصروف، أن تفعل أمورا من شأنها أن تلطف الجو، وتعين هذه الزوجة على العودة إلى بيت زوجها، وأنت حكيم -ولله الحمد- في حسن تعاملك مع الواقع، وفي صبرك على جهل الوالد وجهل الأخ، واعتبر هذا مثل أبا لك، ولكن هذا درس، والإنسان دائما يستفيد من الدروس.

وإذا شعر الإنسان أن ثمة ضر يأتيه من أهل زوجته أو حتى محارم الزوجة فإن من حقه أن يمنعها من زيارتهم، ومن حقه أن يمنعهم من زيارتها، لكنا لا نريد أن نصل إلى هذا الحل، لأن هذا من شأنه أن يؤثر على الأمور، فإذا ذهبت إليهم مرة، فقد يمنعوها مرة ثانية من الخروج، فيكون هذا سببا في خراب بيتك دون أن يكون لك ذنب، أو يكون لها ذنب في ذلك، وهذا واضح أنها تريد أن تعود إلى زوجها، والدليل على ذلك أنها أخبرت بالصدق، بعضهن في هذه المواضع تقول: (هو فعل، هو يضربني ويؤذيني وأهانني، وكذا)، فتشعل النيران مجاملة لأهلها، ولكن إذا كانت الزوجة قد أخبرت بما هو حق، وأثبتت لك حقك، فلا تبالي بعد ذلك بما يحدث من والدها، ومن أهلها.

وأرجو أن تكون المكافأة لها على هذا الصدق هو أن تتفاهم معها دائما، ونحن نتمنى دائما مستقبلا عندما تحصل مشاكل أن تتواصلوا مع المستشارين، فليس من المصلحة أن تتواصل مع أهل الزوجة، ولا مع أهلك، لأنهم دائما تأخذهم العاطفة، ويقفون مع طرفهم، مع ابنهم أو مع ابنتهم، حتى ولو كان مخطئا، لكن المستشار باعتباره طرفا محايدا يخبر بالحق، ويخبر بما ينبغي أن يكون، ويقول للمخطئ (أنت مخطئ) وهذا شرع الله تبارك وتعالى، ولذلك نتمنى أن يكون في هذا الذي حصل درس لكم تستفيدون منه في المستقبل، ونسأل الله أن يعيد الوئام والخير إلى أسرتكم، وأن يستخدم الجميع في طاعته.

مواد ذات صلة

الاستشارات