زوجي يخبر أهله بكل ما يدور بيننا.. فكيف أقنعه بخطورة ذلك؟

0 579

السؤال

السلام عليكم..

مشكلتي أنني تزوجت منذ سنتين برجل مريض بالسرطان يعمل في بلد عربي، وسافرت له، وبعد فترة بدأ يشتمني ويضربني في بعض الأوقات؛ لأنه يريدني مطيعة ففي الصح الغلط، يفضل أهله علي، ووجدت أن أمة مسيطرة عليه، وأهله يطمعون في راتبه، وعندما يقول لهم (لا) في شيء يستعطفونه، وهكذا، وزوجي طيب لدرجة كبيرة، ويخاف من أهله.

حينما قلت له أنا أريد أن أرسل لأمي كذا قال لي: أهلي سيعرفون، وهكذا في كل الأمور، فكيف أسلم من أهله، علما أنه يحكي لأهله كل شيء عن حياتنا ما عدا العلاقة الخاصة.

أخوه جاء للعمل أيضا هنا، ولكنه دائما يتابع تحركاتنا، ولو زاد راتب زوجي، فهو يقول لهم، وهكذا في باقي الأمور، فما هو الحل؟

أرجوكم ساعدوني لكي أكون بيتي، ولا يعرف عنا أحد شيئا، وحتى أهله لا أريد أن يعرفوا شيئا عن حياتنا حتى لو كان بسيطا، ولا أريد أن يسيطر عليه أهله.

هل أقول له لا تخبر أهلك ماذا نأكل... لكى لا يتحكموا بنا، مع العلم أن أهله ماديون لدرجة كبيرة، ولا يهتمون بمشاعره ولا بصحته، كل همهم أن يبعث لهم فلوسا.

أرجو المساعدة في كيفية التصرف بالتفصيل، لكي أستطيع التجاوب في حل مشكلتي التي تزعجني كثيرا، وشكرا لكم، والله الموفق، هناك تفاصيل كثيرة لكني لم أستطع أن أكتبها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ NOOR MOHAMED MOHAMED حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يجعلكما من سعداء الدنيا والآخرة، كما نسأله تبارك وتعالى أن يصرف السوء عن زوجك، وأن يعافيه مما ابتلي به، وأن يمتعك بالصحة والعافية، وأن يوفقه لقيام حياتكما بطريقة طبيعية بعيدا عن تأثير أي أحد لا من قريب ولا من بعيد.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – من أن زوجك مريض – شفاه الله وعافاه – وأنكما تعيشان في بلد عربي، إلا أن زوجك لديه مشكلة، وهي إخبار أهله بكل شيء عن حياتكما، ما عدا العلاقة الخاصة.

ومما زاد الأمر مشقة أيضا حضور أخيه للعمل معكما في نفس البلدة التي أنتم بها، وبدأ يتابع تصرفاتكما، وبدأ هو أيضا بالتالي يخبره بكل شيء عن حياته، وعن راتبه وغير ذلك، وأنت منزعجة من هذا الأمر، لأنه في الواقع فعلا أمر غير طبيعي، وأنا معك في ذلك، فإن الأصل أن الحياة الزوجية أسرار، وأنه ينبغي على الرجل أن يحتفظ بسره وسر بيته ما دام لا يوجد هناك حاجة للإخبار أو للإبلاغ، سواء أكان الرجل أو المرأة، فما دامت لا توجد هناك مشكلة فلا ينبغي للزوجة أن تخبر أهلها عن طبيعة حياتها إلا من باب أن تطمئنهم عليها وعلى حياتها وعلاقتها مع زوجها، ولا تدخل في التفاصيل، وكذلك الرجل، لأن لكل أسرة حياة خاصة مستقلة وأسرار ينبغي أن تحافظ عليها، ولعل من أكبر المشاكل أو التحديات التي تواجه الأسرة أن تتم إدارتها من خارجها، بمعنى أن أم الزوجة أو أباها يتدخل في تحديد كيفية التعامل داخل الأسرة، وكذلك أيضا أم الزوج أو أهله يتدخلون في ذلك، لأن البعض قد يظن أن الأسرة في حاجة إلى توجيه وإلى تعليم وإلى متابعة، فيبدأ يعطي تعليمات من الخارج ونسي أو تناسى أن الأسرة ليست في حاجة إلى ذلك، وإذا كان الرجل عاقلا وكانت المرأة أيضا عاقلة، فإنهما يتغلبان على ذلك بتكييف حياتهما بالطريقة التي تسعدهما.

أما إذا كان الرجل ضعيف الشخصية أو كانت معلوماته قليلة، وكذلك الزوجة، فإنهما يستجيبان لهذه التعليمات الخارجية مما يترتب عليه عدم الاستقرار أو عدم الأمن أو الأمان.

ولذلك أقول: إن من حق كل أسرة أن تحتفظ بأسرارها كلها، ولا تخبر بها أحدا، ما دام هذا الأحد ليس له دور مهم في حياتنا الخاصة، ولكن له أن يطمئن اطمئنانا عاما، كذلك أيضا قد يكون في حاجة (مثلا) بعض المساعدات فنقدمها له، أما أن يكون عالما ومطلعا على كل صغيرة وكبيرة فأرى أن ذلك (حقيقة) في الواقع خطأ وخلل.

ويبدو أن زوجك من النوع الذي يحب أن يخبر بكل شيء، وهذه مع الأسف شديد صفات نحن نكتسبها من البيئة التي نربى فيها في أول حياتنا، فقد يخرج الواحد منا في أسرة يرى أن أباه يحكي كل صغيرة وكبيرة، ويرى كذلك أن أخواته ينقلون لأمه وأبيه كل ما يدور في بيوتهم، فبالتالي يخرج ويرى أن هذا شيء عادي، ويرى أن أمه تعلم كل صغيرة وكبيرة عن أخواته وإخوانه، وأنهم ينقلون حرفيا ما يدور داخل البيت أو معظم الأشياء، فبالتالي يظن أن هذا هو الشيء الطبيعي، في حين أن هذا كله ليس صحيحا، لأن المفروض أننا نحتفظ لأنفسنا بأسرارنا الخاصة، لأن لكل إنسان مواصفات، وقد تكون امرأتي فيها بعض الصفات التي لا تعجب أهلي، في حين أنها قد تعجبني، وبالتالي أشعر بأن أهلي يحبون التدخل، وقد يفرضون علي أشياء تضر بحياتي.

هذا الخطأ الذي يحدث أو يقع منه ليس خطئا جسيما ولا كبيرا ولا مستحيل العلاج، وإنما يحتاج -بارك الله فيك- إلى نوع من الإقناع والحوار الهادئ، بأن تجلسي معه – خاصة وأنكما تعيشان وحدكما بعيدا عن الأسرة الكبيرة في بلدكم الأصلي – وأن تتكلمي معه، وأن تقولي:
إن هذا أولا ليس من حقك شرعا أن تخبر عن كل صغيرة وكبيرة في البيت؛ لأن هذه أسرار أيضا أنا جزء منها.

والأمر الثاني: قد يكون في بعض العيب فأنت تشوه صورتي أمام أهلك، وبالتالي يكرهونني، فأنا لا ينبغي أن أخبر بشيء في بيتي لأهلي مطلقا، وأنت عليك أن تلتزم بذلك، لأن لكل أسرة أسرارها الخاصة.

والأمر الثالث: أنهم ما داموا يحتاجون إلى المساعدة فمن الممكن أن نساعدهم، أما أن ننقل كل شيء في حياتنا فهذا ليس لك، ولا لهم، ولا لي، لأن الله تبارك وتعالى جعل هذا من عوامل استقرار الأسرة.

وبالنسبة للمبالغ التي يرسلها لهم: إذا كانوا في حاجة، فعليه أن يرسل لهم على قدر قدراته، وعلى قدر حاجتهم، أما إذا كانت أحوالهم طيبة ومستقرة وليسوا في حاجة إلى مساعدتكم، فلا يلزم أن يرسل كل فترة، ولكن من الممكن أن يكون ذلك في نهاية العام، عندما تنزلون في الإجازة، من الممكن أن يقدم لهم بعض الهدايا أو المساعدات إن كانوا في حاجة إلى مساعدات مادية.

أما إذا كانوا في حاجة فلا يجوز لك أن تمنعيه من بر أهله؛ لأنهم ما تمت تربيته ولا وصل إلى هذا المستوى إلا بجهود هؤلاء الناس، وهم أيضا في حاجة إلى مساعدته لكبر سنهم، ولا ينبغي أن يسألوا غيره وهو موجود.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يؤلف على الخير قلوبكما، وأن يصلح ذات بينكما، وأن يصرف السوء عنكما، وأن يسعدكما في دنياكما وأخراكما.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات