أعيش حياة بدون أي أحساس ولا أجد حولي من يسمعني، فما الحل ؟

0 521

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

من بعد حصولي على الثانوية العامة إلى بعد تخرجي من الجامعة بسنتين، وأنا أعيش حياة كاذبة باسم الحب الكاذب لفترة طويلة، أحببت بصدق إنسانا مخادعا، وظللت طول هذه الفترة في صراع نفسي نكد، وأصبحت عصبية جدا نتيجة لكثرة الضغط والنكد.

كنت طيلة طفولتي ومراهقتي، أحلم بقصة حب، مثل سندريلا والشاطر حسن، تخيلت أنى وجدت هذا الإنسان، ولكنه كان مخادعا، ودمر حياتي طوال هذه السنين.

أثرت هذه القصة في شخصيتي كثيرا، فأصبحت عصبية وأميل للنكد، والأكثر من ذلك أنانية، لم أكن أنانية في يوم من الأيام، ولكن نتيجة لأني كنت أعطى وكان يقابل هذا بمنتهى القسوة واللامبالاة، فأصبحت أنانية فيما بعد، لا أحد يستحق مجرد لحظة اهتمام أو تفكير، نفسي أهم من أي شيء.

بعد فترة ليست ببعيدة من اكتشافي لهذا الكذب، تقدم لي أستاذي في الثانوي، وكنت أشعر وقتها بإعجاب بشخصه كأستاذ، ظننت وقتها إن هذا الإعجاب يمكن أن يكون حبا بيوم من الأيام، خاصة أنه كان يحبني من أيام الدراسة، ولم أكن أعرف ذلك.

هو رجل بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان، يعرف الله، ويقربني له، ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهي السفن، فأنا لا أشعر بأي شيء تجاهه، حتى الإعجاب انتهى، بل أصبحت أكرهه نفسه وتصرفاته وردوده وكلامه، بالفعل لا أطيقه يفعل لي كل ما أريد يساندني ولكنى لا أشعر بأي شيء، أنتقد فيه كل شيء، لا أدرى لماذا أنا هكذا؟.

ولا أقدر على الابتعاد عنه، لأني متأكدة بأني لن أجد مثله هذه الأيام، يخاف على ويتقى الله في، ويساندني، ولكن لا أقدر على القرب منه، لأني لا أطيق أي شيء منه.

هو أقصر مني، وأكبر منى بـ11 سنة، عكس كل أحلامي، لا أدرى ماذا أفعل؟
قبل الخطوبة كنت أعيش النكد، ولكن كان يوجد بعض لحظات سعادة، الآن أعيش النكد ولكن مع الاستقرار، وبدون أي سعادة، أنا حقا أعيش حياة بدون أي أحساس.

أعتذر عن الإطالة، ولكنى تعبت جدا، ولا أجد حولي من يسمعني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حلمى انا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يمن عليك بزوج صالح طيب مبارك يكون عونا لك على طاعته ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة - فإنه مما لا شك فيه أن الحياة التي عشتها فيما يتعلق بهذا الحب الكاذب ألقت بظلالها على شخصيتك وأثرت فيك تأثيرا بليغا قويا، خاصة مما لا شك فيه كانت حياة بعيدة عن منهج الله تبارك وتعالى، ولعل وقع فيها تجاوزات شرعية
لا ترضي الله عز وجل، وكما لا يخفى عليك أن العبد إذا تدنس في المعصية أصبح أقرب ما يكون من الشيطان، وبالتالي تتعرض حياته إلى تيارات من الابتلاءات التي قد تأخذ هذه الصور التي وردت في رسالتك كالغم والهم والحزن والنكد وكثرة الضغط والأنانية وغير ذلك، لأن الله تبارك وتعالى يقول: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا} فلأن هذه الحياة لم تكن منضبطة بضوابط الشرع كانت هذه هي الآثار المترتبة عليها.

وبالنسبة لهذا الأستاذ الذي تقدم لك والذي أعجب بك إعجابا شديدا ويحبك ويقف معك، فأنا أرى أنه أنسب إنسان لك، خاصة وأنه يحبك ويتمتع بصفات رائعة أشرت إلى بعضها أنت في رسالتك.

كونك لا تشعرين تجاهه بأي حب أو انجذاب: حقيقة أحب أن أقول لك أيضا نقطة في غاية الأهمية، وهي أن الحياة الزوجية لا تبنى على الحب أو الإعجاب وحده، الحياة الزوجية عبارة عن شركة، هذه الشركة تحتاج إلى مدير إدارة ماهر، وإلى مدير تنفيذي صادق، وبذلك تنجح هذه المؤسسة حتى وإن لم يكن فيها نوع من الحب، فإن الحب والإعجاب هذه أشياء قد تأتي مع طول المعاشرة، هذا الشاب الذي أحببته في أول أمرك لأنك أولا كنت في مرحلة المراهقة وكان قلبك خاليا.

ثانيا: من طبيعة مرحلة المراهقة أنها مرحلة تمرد على الواقع وعلى القديم، ورغبة في التغيير قوية وعارمة، وشعور بالحاجة إلى الجنس الآخر بشدة وعنف، هذه كلها أقدار الله تبارك وتعالى في خلقه، فأنت عندما عشت هذه القصة العاطفية كنت مندفعة بظروفك البدنية والنفسية، وخروجك من مرحلة الطفولة المتأخرة إلى مرحلة النضج - أو ما يعرف بمرحلة المراهقة - أما الآن فإن القضية تختلف تماما، فأنت الآن وصلت إلى الرابعة والعشرين من عمرك، انتهت هذه المراحل من حياتك تماما، وأصبحت إنسانة عاقلة وواعية وتدركي الأمور وتنظري إليها بمنظار غير منظار المرحلة الأولى.

إذا كان هذا الرجل بتلك الصفات التي وردت في رسالتك فأعتقد أنك ستعيشين حياة سعيدة مستقرة - بإذن الله تعالى - خاصة وأنه يحبك وأنه يحرص عليك وأنه يساندك، وكونك لا تشعرين تجاهه بأي عاطفة أو ميل، هذا سوف يأتي مع الأيام - بإذن الله تعالى - ولا أدل على ذلك من واقعنا نحن، فإن الإنسان منا إذا كان في بيته حيوانا أليفا كالقطة (مثلا) فإنه مع الأيام يشعر بحبها وتشعر هي بحبه ويشعر بأنها تأتي تحت قدميه لتحاول أن تلمس بجسدها جسده، لأنها تستمد من ذلك عطفا وحنانا واطمئنانا.

إذا كان هذا بين الإنسان والحيوان فما بالك بالإنسان مع أخيه الإنسان، خاصة وأنه يتمتع بتقوى لله سبحانه وتعالى ويخاف عليك، وفي قلبه قدر كبير من التقدير لك والمحبة، وهذا سيجعله قادرا على الصبر عليك إذا بدا منك بعض التصرفات المؤلمة أو المزعجة، ولكن ليس معنى ذلك أنك تتدللين الدلال الذي يؤدي إلى نفرته منك، وإنما هو أيضا يحتاج إلى زوجة تراعيه وتتقي الله فيه وتحترمه وتقدره، قد لا يكون الحب موجودا ولكن هناك الاحترام، لأن الحياة الزوجية - كما ذكرت لك ابنتي الفاضلة - لابد أن تعلمي أنها مؤسسة اجتماعية إدارية من الدرجة الأولى، وأن المؤسسات الإدارية - أو الاجتماعية - لا تنجح إلا بتفاهم أطرافها، كلما كانت الشركة تتمتع بقدر من التفاهم والحوار بين أفرادها كلما كانت أقدر على النجاح، قضية الحب ستأتي تبعا، وليست معظم البيوت - يا بنيتي -تبنى على الحب، وإنما تبنى على الحوار والتفاهم والاحترام المتبادل، فما دام هذا موجودا، وهذا دورك أنت، لأن الرجل يتمتع بهذه الصفات، وتبقى المشكلة عندك أنت، فإذا أصبحت على مستوى المسؤولية وأعطيت الرجل حقه الشرعي الذي ينبغي وحقه الاجتماعي والأدبي، أعتقد أنك سوف تنجحين نجاحا مبهرا حتى وإن كانت المحبة ليست بالصورة التي كنت تتوقعينها، لأن التفاهم يكفي.

ولعلي أخبرك أيضا بخبر أن معظم العلاقات العاطفية قبل الزواج تؤثر في الحياة الزوجية، فلقد أثبتت دراسات أمريكية أن أكثر من ثمانين بالمائة من العلاقات العاطفية قبل الزواج يترتب عليها الطلاق والفشل في مواصلة الحياة بعد الزواج.

فإذن أنا واثق - إن شاء الله تعالى - بأن هذا الرجل سوف يستطيع أن يخلصك من تلك الأنانية ومن هذه الأمراض النفسية، وسوف يأخذك إلى بر الأمان، وهذه الفوارق الموجودة ليست فوارق ذات بال، وفوق ذلك قضية عدم الحب أو الميل نحو الآن، هذه سوف تزول مع الأيام، فتوكلي على الله، واستعيني بالله، ولكن أتمنى أن تكوني على مستوى المسؤولية، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات