السؤال
السلام عليكم.
كيف يتعامل الموظف مع المدير الصعب, والذي يحاول أن يعقد الأشياء؟ فعند تقديم إجازة – مثلا - لا يبت فيها, وإنما يؤخرها ثم لا يوافق عليها؛ إمعانا في الاستفزاز, وعند مناقشته يقول: "لن أوافق على الإجازة لحاجة العمل", أو يهضمك حقك في التقييم السنوي, ويعقد العمل, أو لا يمنحك التدريب بسهولة.
والاستفزاز عنده وحب المشاكل من أولويات حياته, وعندما تقول له: سوف أشكوك إلى من هو أعلى منك, يقول: إذن لا تلومن إلا نفسك, فهو يريدك تحت سيطرته وجبروته, فأنا ابتليت بمثل هذا النوع من المدراء، فما أحسن طريقة للتعامل معه؟ هل الحزم معه ومعاملته بالمثل أم التراخي والذلة له؟ علما أني أؤدي واجباتي الوظيفية على أكمل وجه, فأرجو من مستشار الحياة والعمل والمستشار النفسي - الدكتور محمد عبد العليم - النصح والتوجيه؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
بارك الله فيك, وجزاك الله خيرا.
أخي الكريم: أشكرك جدا على رسالتك، وعلى ثقتك في الشخص الضعيف، وقطعا سوف أدلي بالحل من وجهة نظري، وليس من الضروري أن يكون هو الصحيح، أو أن يكون هو الذي يطبق، أو تأخذ به، إنما هو من قبيل تبادل الرأي فيما بيني وبينك, وأسأل الله لك التوفيق والسداد.
أولا:- أنا أعتبر أن العلاقة المهنية في محيط العمل بين كل الموظفين - رؤساء ومرؤسين - هي علاقة إجبارية ومفروضة، وفي المقابل هنالك علاقة شخصية ما بين العاملين في مكان واحد, وهذا النوع من العلاقة هو علاقة اختيارية, وليست إجبارية.
ولا شك أن العلاقة المهنية الإجبارية إذا تجانست، وأصبحت في وئام مع العلاقة الشخصية فهذا فيه خير كثير من أجل تحسين الأداء الوظيفي في المؤسسة التي يعمل بها المنتسب إليها، وهذه مقدمة مهمة وضرورية جدا.
الأمر الثاني: من وجهة نظري أرى أن الناس يجب أن تلتزم بعقود عملها، والتي يجب أن ينص عليها في الوصف الوظيفي، والتي يجب أن يطلع عليها قبل أن نتقلد أي نوع من الوظائف، ومن الأخطاء الكبيرة التي نقع فيها أننا نقبل ببعض الوظائف دون إلمام تام ودون اطلاع على المواصفات الوظيفية، فالمواصفات الوظيفية تحدد الواجبات والحقوق وكل التفاصيل.
الأمر الثالث: الوظائف أهم ما فيها ثلاثة أمور:
الأول: أن يحس الإنسان بالرضا عما يقوم به.
ثانيا: أن يكون عائد الوظيفة المادي والمعنوي ممتازا.
ثالثا: أن يستطيع الإنسان أن يطور نفسه من خلال وظيفته, فهذه الثلاثة هي التي يجب على الموظف أن ينظر من خلالها إلى هدفه من الوظيفة.
إذن هذه الأسس يجب أن تكون هي المحدد أو المحك التي يربط علاقاتنا برؤسائنا ومرؤسينا.
وأنت غير مرتاح مع تعامل المدير معك، وأنا سوف أطرح عليك سؤالا:- هل هذا المدير بهذه السمات التي وصفتها, أم أن هنالك شيئا من سوء التفاهم, أم أنه من النوع الذي يظهر الشدة؛ وفي حقيقته إنسان طيب ومنصف؟ فقد مررنا بأمثال هؤلاء ونعرفهم جيدا.
يا أخي الكريم: أدعوك دعوة أخوية خالصة أن تقيم ما تعتقده وما تظنه عن هذا الرجل.
ومن ناحية أخرى: أعتقد أن أفضل طريقة لك هي أن تؤدي واجباتك الوظيفية على أحسن ما يكون, وأن تتقيد بالنظم الإدارية, والإجازات, أو التقييم، ومن خلال هذا أعتقد أن المدير لن يستطيع أن يظلمك - خاصة إذا ابتعدت عنه قليلا - أنا لا أقول: إن المعاملة تكون بتراخ أو بحزم، فالعلاقة يجب أن تكون قائمة على الاحترام، وكثيرا من المدراء قد يبنون انطباعات سلبية أو إيجابية من خلال تصرفاتنا, مثل أن تأتي إلى عملك مبكرا وتنصرف متأخرا، وتكون دائما مقدرا لظروف العمل، فلا بد أن يعطيك المدير تقديرا خاصا - مهما كانت دوافعه أو سلوكه -.
يا أخي الكريم: العلاقة لا بد أن تكون على الاحترام, ومعرفة الحقوق والواجبات، والابتعاد قدر المستطاع من محيطه، وعدم شخصنة الأمور، وفي ذات الوقت أن تصبر وتحتسب, وتكون أهلا للثقة بالفعل، وأن تتفانى في العمل, فهو يعطي دائما انطباعات إيجابية، وأنا أعتقد أنه حتى وإن قام بظلمك فيما يخص التقييم, فسوف يشهد لك أن هذا التقييم ليس بصحيح، وأنا أؤكد لك أن المدراء دائما يحبون أن يحموا أنفسهم؛ لأن الشخص الذي يرأسك هناك من يرأسه أيضا, فلا أعتقد أنه سيقع في خطر فادح من هذا القبيل.
وأريدك أن تتغير بهذه النصائح العامة, وأسأل الله لك التوفيق والسداد.