أعاني من حالة إحباط دائم ومستمر.. ما العلاج؟

0 427

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عمري 25 سنة، أعمل مدرسة أطفال، وفي نفس الوقت طالبة ماجستير في الجامعة، وزني 42 كيلوغراما، وطولي 159 سنتيمترا.

1- أعاني إن صح التعبير من حالة إحباط دائم ومستمر وعدم رغبة في الحياة، أكره الذهاب كل يوم إلى المدرسة، وأتألم كثيرا أثناء الدوام، كما لا أحب أو أشعر باللاجدوى من ذهابي إلى الجامعة وإكمال دراستي، أشعر دوما باللاقيمة واللاجدوى، وعدم الاستمتاع بأي شيء في الحياة مصحوبا بمزاج متدني، كما أنني أنظر بسخف لكل من يعمل بجد وحيوية أو كيف صبر كبار السن على ممارسة الحياة كل هذه السنين.

دائما ما يراودني الشعور بالذنب، وأنني غير مرغوبة في الوسط الذي أتواجد فيه، ومعضلة أن الله غير راض عني وكيف أجد لها حلا، علاوة على أني إنسانة مرهفة الحس يقتلني الفراغ العاطفي والوحدة النفسية، أتعلق بكل من يعيرني أدنى اهتمام تعلقا غير عادي، كما لا أطيق أن يكرهني أحد أو يغضب مني أحد!

2- كثيرا ما يتقلب مزاجي ما بين الحزن 30% وعدم الرضا عن الواقع 90% والخوف واللاأمان 30% الارتياح 5% لدي نوع من الخوف الاجتماعي غير الملحوظ نوعا ما؛ لذلك أشعر بالشد العصبي والتوتر أثناء تعاملي مع الناس، على الرغم من أن الناس ( حسب شهادتهم ) يحبون التعامل معي ويطلعوني على مشاكلهم الخاصة، ويثقون بي لرقة احتكاكي بهم، وكوني إنسانة ملتزمة وشخصية تعبر عن الدين، أكثر من نصف وقتي أمارس الصمت المصحوب بعدم الرضا، حركتي بطيئة تخلو من الحيوية والحياة، انتاجيتي أقل من متوسطة فأنا دائما في آخر الركب في التدريس والدراسة على حد سواء.

3- لدي ما نسبته 40% من ( أحلام اليقظة ) بمواقف مفتعلة تجلب لي السعادة اللحظية، مع ارتباطي الحثيث بالواقع، لم أراجع طبيبا ولم أتناول علاجا البتة؛ لأن هذا غير مقبول في مجتمعاتنا.

4- بدأت أشعر بذلك منذ حوالي سبع سنوات تقريبا.

5- أنا قادرة على إخفاء كل ما ذكرت، بل لدي القدرة العالية على ذلك، فقط سمحت لخطيبي على الاطلاع القليل جدا على بعض ما عندي بحكم الحب الذي بيننا، وسرعان ما تركني وذهب ليبحث عن فتاة تملؤها الحيوية والحياة.

6- ما رغبت أن أخوض في دوامة السبب أو المحفز الذي أرداني وجعلني أعاني كل هذه المعاناة، تهت بين الافتراضات الكثيرة، وفي النهاية الله تعالى أعلم.

وددت من الله سبحانه وتعالى لو كان بمقدوري ممارسة حياتي الطبيعية والاستمتاع بشبابي، وعمارة الأرض التي استخلفنا الله فيها؛ لذلك أرجو منكم المساعدة، وأنا جاهزة لأي استفسار.

واقبلوا مني فائق الاحترام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أروى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن رسالتك طيبة وواضحة ومعبرة وجميلة، وجزاك الله خيرا عليها.
النقاط الست التي أوردتها، وهي تبين الأعراض التي تعانين منها تعكس أنه لديك حالة مزاجية سلبية، أستطيع أن أقول إنها قد وصلت لدرجة الاكتئاب البسيط إلى المتوسط.

هذه التصورات السلبية عن الذات وعن الماضي والحاضر والمستقبل، وما يصاحبها من أعراض معرفية تشاؤمية، هذا دليل قطعي على وجود الاكتئاب النفسي، وهذه الحالات تعالج - إن شاء الله تعالى – وتعالج بصورة فعالة وممتازة جدا.

بالنسبة لعدم وجود القبول الاجتماعي لمقابلة الطبيب النفسي: أعتقد أننا قد تخطينا وبصورة جيدة جدا هذه الوصمة، والناس أصبحت الآن تذهب إلى الطبيب النفسي، وأصبحت أمراض القلق والمخاوف والاكتئاب والوساوس تقريبا هي التي تشكل معظم ما نتابعه من حالات، ونتائج العلاج رائعة جدا.

أرى أنه من الأفضل أن تقابلي طبيبا نفسيا، ولا شك عندي أبدا أنه لديك مقدرة واقتدار كبير بأن تقنعي أهلك بأنك في حاجة لأن تتناولي علاجا مضادا لحالة الاكتئاب التي تعانين منها.

أرى أن حاجتك للعلاج الدوائي هي حالة ملحة، لأن مثل هذا النوع من الاكتئاب المكون البيولوجي فيه غالبا يكون هو الأساسي، ولذا تكون الحاجة للعلاج الدوائي من أجل تنظيم وترتيب كيمياء الدماغ شرطا أساسيا لزوال الاكتئاب.

أنت محتاجة لدواء واحد فقط، فأرجو - أيتها الفاضلة الكريمة – أن تسعي هذا المسعى، وأنا أؤكد لك وبإذن الله تعالى أن النتائج العلاجية سوف تكون رائعة جدا.

في ذات الوقت الإنسان يحتاج لأن يجاهد هذه الأفكار السلبية، وقد قال أحد العلماء – اسمه آرون بك -: الأفكار السلبية التي تتساقط علينا ربما من فترة مبكرة في الحياة هي التي تؤدي الشعور بالكآبة والسوداوية، يعني أن الفكر يسبق المزاج أو هو المسبب في عسر المزاج؛ لذا يكون العلاج هو أن أرجع بفكري المعرفي لمراحله الأولى وأستبدل ما هو سلبي بما هو إيجابي، وأنت لديك إيجابيات كثيرة جدا واضحة، فمقدراتك رائعة، وحتى إن كانت مشاعرك سلبية إلا أنه لديك القدرة على التنفيذ والقيام بالأفعال المطلوبة، فأنت تجمعين بين الدراسة والتدريس، والعلم والتعلم، وهذا أمر رائع جدا، أنت شابة في بدايات سلم الحياة الشبابية، لديك طاقات نفسية وطاقات جسدية كبيرة، يمكن الاستفادة منها.

إذن النظرة الإيجابية التفاؤلية الواقعية هي السند والمخرج من أجل محاربة هذا النوع من الاكتئاب، أكدي على ذاتك بصورة إيجابية، وأنت لديك المؤهلات التامة لأن يكون هذا هو ديدن طريقة تفكيرك، فلا أطالبك أبدا بأمور خيالية أو غير واقعية.

نستشعر تماما ألمك النفسي، وفي ذات الوقت استخلصت تماما مقدراتك، لذا أرجو أن تتجهي اتجاها إيجابيا، فالحياة طيبة وجميلة، والخطيب الذي ذهب يجب أن تنظري إلى أمره أن الخير فيما اختاره الله، وسلي الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح.

أيتها الفاضلة الكريمة: مشاركاتك الإيجابية في شؤون أسرتك سوف تعود عليك بمردود نفسي إيجابي عظيم، فكوني أنت الشعلة داخل البيت، قدمي مبادرات، شاركي، وادفعي الأسرة نحو التقدم والازدهار، وبناء علاقات طيبة وصالحة دائما هي وسيلة من وسائل المؤازرة النفسية التي نحتاجها جميعا، والصلاة والدعاء والذكر والقرآن هي أسانيدنا في هذه الحياة، فلا تنسيها وركزي عليها، وهي مفاتيح لجلب الخير لأنفسنا ولغيرنا.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات