السؤال
السلام عليكم
في بعض المرات أعتذر عن خدمة باستطاعتي تقديمها؛ أعتذر لأن أصحابها يطلبونها مني في الأيام العادية, وفي نظرهم أني لا أستطيع أو أني قليل الخبرة, وعند الحاجة يلتجئون إلي, وهم محترمون فتقع في نفسي الحيرة والقلق من هذه التصرقات المصلحية؛ فأعتذر على تقديم هذه المنفعة, فتلومني نفسي بعد هذا.
أعرف جيدا أنه غير صحيح أن أتصرف بالمثل؛ لأن مكانتي العلمية وخلقي لا يسمحان لي بالتعامل بالمثل, فكيف وما هي النصائح لأتجاوز هذه النظرة؟
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ said حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
فنشكر لك (حقيقة) هذه المشاعر النبيلة، ونسأل الله أن ينفع بك البلاد والعباد، ونبشرك بأن خير الناس أنفعهم للناس، وإذا استطاع الإنسان أن ينفع إخوانه فليفعل، وأن يقدم لهم الخدمات والمساعدات خاصة عندما يكونون أهل حاجة، كأن يكون كبيرا في السن أو ضعيفا، أو جاء من مكان بعيد يطلب حاجة، وفي استطاعة الإنسان أن يقوم بها، فإنه ينبغي أن يقوم بها ويحتسب الأجر والثواب عند الله تبارك وتعالى.
ونحن (حقيقة) نقدر أن الناس بعضهم فعلا متعب جدا، وبعضهم عنده بحث زائد، وبعضهم ربما يجعل الإنسان يمل من العمل، ولكن لا بد أن نتذكر أن الأجر على قدر التعب، وأن وجود الإنسان في جماعة وتعامل الإنسان مع الناس له ضريبة، فالناس أشكال وأصناف ولن يكونوا متشابهين في هذه الأشياء؛ ولذلك السعيد هو الذي يحتمل هذه المواقف منهم، ويجتهد في أن يقدم لهم الخدمات التي يستطيع أن يقوم بها، يبتغي بذلك –كما قلنا– وجه الله، حتى لو كانت هذه من الوظائف التي يجب أن يقوم بها.
وإذا كان الإنسان عنده عذر واعتذر في بعض المرات، خاصة للذين قدم لهم خدمات وكان من الصعب عليه أداء هذا العمل في ذلك الوقت؛ فإنه ما ينبغي أن يشعر بالحرج، وهذا يدل على أن لك نفسا عالية، نفس تلومك على الخير، ولكن لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فإن الإنسان إذا أتعب نفسه أيضا قد تأتي اللحظة التي يتوقف فيها ولا يستطيع أن يقدم هذه الخدمات، وأنت طبعا من يقدر هذا: هل هو محتاج؟ هل هو مستعجل؟ هل بالإمكان أن يأتي مرة أخرى؟ هل الخدمة نفسها عاجلة أم تحتمل التأجيل؟ هل أداء الخدمة يؤثر عليك أو لا يؤثر؟ يعني هذه أشياء طبعا في النهاية القرار متروك لك، وتقييم هذه الأمور متروك لك.
ونحن سعداء أن خلقك لا يسمح بالتعامل بالمثل، وهذا الذي نريده من الموظف المسلم الناجح أو ممن يخدم إخوانه، ألا يعاملهم بالمثل، ولكن حتى وإن كان منهم من يسيء فعلينا أن نؤدي ما علينا ونقابل إساءته بالإحسان، لأن الله يقول: {ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى} وقد بعث النبي -صلى الله عليه وسلم– عبد الله بن رواحة ليخرص ثمار اليهود، فأردوا أن يقدموا له رشوة، فغضب منهم، وقال لهم: (والله إنكم لأبغض خلق الله إلي، وقد جئتكم من أحب خلق الله إلي –يعني النبي صلى الله عليه وسلم– ولكن لا يحملني هذا على ظلمكم) فقالت اليهود: (بهذا قامت السموات والأرض).
فالإنسان مهما كان ينبغي أن يكون الأكبر، وينبغي أن يكون الحريص على الخير، ولا يعامل الناس بمثل ما يصدر منهم، خاصة طالب الحاجة أحيانا يكون عنده ضيق، أحيانا عنده مشاكل جانبية، أحيانا كذا، فنحن ينبغي أن نقدر هذا؛ لأن لصاحب الحق حقا أن يطالب به كما يقال، والإنسان ينبغي أن يحتمل الناس، ويداريهم.
نسأل الله لكم التوفيق والسداد.