كيف نتعامل مع أخي المراهق الذي يصعب التفاهم معه؟

1 515

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

عمري 21 سنة، ولي أخ أصغر عمره 16 سنة، نعاني معه كل المعاناة، فهو لا يمكن التفاهم معه، ولا يستمع إلينا سواء نحن إخوته أو والدينا، وشديد العناد، ولا يبالي أبدا بدراسته أو دروسه، ويرفض تماما أن يذهب لأي طبيب نفسي، وشديد العصبية والتفاهم معه مستحيل، ومهما تحدثنا معه أو نصحناه فهو لا يهتم، أخي لم يكن هكذا أبدا منذ طفولته، لكن هذا الأمر بدأ معه منذ حوالي 3 سنوات، فأصبح يهرب من مدرسته ولا يذهب لدروسه، ولا يعود للبيت قبل الساعة 2 أو 3 صباحا، ونحن نعلم أن سبب ذلك بعض رفاق السوء الذين تعرف عليهم مع بداية المرحلة الإعدادية.

أدركونا، ماذا نفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رحمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونشكر لك هذا الحرص على مصلحة الأخ، وهكذا ينبغي أن تكون الأخوات، ونسأل الله أن يقر أعينكم بصلاح هذا الولد، وبعودته إلى الحق والصواب، هو ولي ذلك والقادر عليه.

أرجو أن تقتربي أنت بالذات من هذا الأخ، لأن فارق السن بينكما ليس كبيرا، والأخ هذا يمر بمرحلة عمرية غاية في الأهمية، خاصة هذه السن التي وصل إليها، وهو بحاجة هنا إلى حوار هادئ، إلى إقناع، إلى إعطائه مقدارا من الثقة، إلى الاقتراب منه، إلى تذكيره بعواقب الأمور، ثم إلى مصادقته بكل ما تحمله الكلمة من معاني، وكذلك الأب ينبغي أن يتخذه في هذه السن صديقا، الأمر كما قال عمر: (لاعب ابنك سبعا، وأدبه سبعا، وصاحبه سبعا، ثم اتركه يذهب حيث شاء).

فهذه ست عشرة سنة تحديدا هي السنوات التي ينبغي أن يتخذ فيها صديقا، ينبغي أن يشاور ويحاور، ونعامله معاملة الكبار، ونظهر له الاهتمام، ونعطي له مقدارا من الثقة، ونشعره بحاجة البيت إليه، علينا في هذه السن أن نتعرف على طبيعة وخصائص هذه المرحلة العمرية التي هي منعطف في حياة الإنسان، والتي -كما قلنا- نحن بحاجة فيها إلى أن نقربه، إلى أن نتقبله، إلى أن نؤمنه، إلى أن نحاوره، إلى أن نقنعه، إلى أن نتواصل معه، إلى أن ندعو له، إلى أن نحتويه.

هذه كلها معان وقواعد حاسمة جدا في هذه المرحلة، وفي هذه الفئة والفترة العمرية التي يمر بها هذا الشقيق.

كما أرجو أن يكون في البيت خطة موحدة، وأن نتجنب مواجهة عناده بعناد، أو قسوته بالشدة، أو إساءة الظن به، لأن كل هذه الأشياء تدفعه إلى الهاوية، وتدفعه إلى مزيد من التمرد والعناد، وكم تمنينا أن نعرف الطريقة التي تعامله بها الأسرة، فالفرق كبير جدا بين الشاب الذي يجد التقدير والحب والبيت الذي يصبح بيئة جاذبة، وبين البيئة الطاردة، فإذا دخل وجد العتاب، وإذا تكلمنا معه وجد الصراخ، ووجد انتقاصا من قدره، ولا نعطيه قيمته، لا يشاور ولا يحاور، بهذه الطريقة لابد أن ينفر.

ولابد من الجلوس معه في حوار هادئ حتى نعرف ماذا يريد؟ ما الذي يضايقه؟ لماذا يفعل هذه الأشياء؟ نجعله هو الذي يجيب، لا نملي عليه التعليمات، لأنه ليس في سن الوصاية، فالذي يدفع أمثال هؤلاء الشباب إلى مزيد من التمرد والعناد هو أنهم يشعرون أن الأسرة تعتبرهم صغارا، وتريد أن تعلمهم حتى الأمور الصغيرة جدا.

لذلك ينبغي أن ننتبه لخصائص هذه المرحلة العمرية، ونتجنب الإساءة لأصدقائه، ولكن ينبغي أن نملكه المعايير الجيدة في اختيار الأصدقاء، والتعرف على الصلحاء منهم، وذلك عن طريق الحوار، وليس عن طريق الإملاء، فإننا مثلا إذا قلنا له: أصدقاؤك سيئون، الرسالة تصل إليه بمعنى أنك سيء، أنت مثلهم، أنت لا خير فيك، وأنت كذا. ولذلك يتمسك بصداقتهم عنادا لنا، ولكن لو جلسنا معه، وطلبنا جميعا أن نتحاور في البيت في مواصفات الصديق الصالح، ثم بعد ذلك نتركه وحده ينزل تلك المعايير وتلك المواصفات على الأصدقاء الذين حوله، ثم نشجعه في أن يفعل الخير، وأن يبحث عن رفقة صالحة، شريطة أن نكون نحن -خاصة الأب والأم، وأنت أيضا-في منزلة أعز الأصدقاء له، فإذا نجحنا أن نكون الصديق رقم واحد فإنه لن يترك البيت، وإن تركه فسيشتاق إلى الرجوع إليه، وإلى الجلوس إلينا، لأنه يجد نفسه ويجد مكانته، ويجد من يعترف به ويحترمه.

على كل حال لا يأس، ولكن مزيدا من استخدام الطرائق التي فيها رفق ولين، وأرجو من الوالد والوالدة أن يكثروا له من الدعاء، فإن دعاءهم أقرب للإجابة، كما أرجو أن تجلسي أنت لتحاوريه وتلاطفيه، وقدمي له بين يدي ذلك ما يشعره باهتمامك وبحرصك عليه، وبإحسان الظن به، حتى تتاح له فرصة أن يفضي لك بما في نفسه، وتكوني عونا له على أن يعود إلى الطريق الذي يرضي الله تبارك وتعالى.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يقر أعيننا وأعينكم بصلاح الأولاد والبنات، ونكرر شكرنا لك، ونتمنى أن تتواصلي معنا أكثر بعد أن تحاوريه، لتبيني لنا ما الذي يضايقه؟ لماذا هو يفكر بهذه الطريقة؟ لماذا هو يرفض الدراسة؟ يعني هذه المسائل لو سمعنا وجهة نظره من خلال حوارك فإنا نستطيع أن نصل إلى إجابات -إن شاء الله- فيها الخير والفائدة، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات