السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ينتابني شعور بالخوف الشديد إذا حصل لي شيء غير مألوف، وهذا منذ ثمانية أشهر فقط، مثلا لو أكلت ووجدت صعوبة في البلع غير معتادة يحصل لي اضطراب شديد وخوف، وبعد أن أهدئ نفسي أقنعها أن هذا أمر عادي لكن بصعوبة يمر الأمر، ويحصل بعد ذلك كآبة وقلق من أن يتكرر الأمر، ويأتي بعد ذلك إحساسي بالإعياء الشديد مع إحساسي بهبوط الضغط وعدم الرغبة في الأكل.
وقبل أن أكتب لكم رسالتي جاءني خفقان في القلب، وهو عادة يأتي على فترات متباعدة (شهور)، ورجعت الحالة، خوف وكآبة وقلق من تكرر الأمر، ولم يعد للحياة طعم، توقفت حياتي.
الذي ألاحظه في نفسي عندما بدأت هذه الشكوى كأن حياتي توقفت، ولم أعد أشعر بلذة في أي أمر، حتى الذي كان يسعدني لم يعد كذلك، وتستمر هذه الحالة من ثلاثة إلى أربعة أيام، وقد تقصر حسب قدرتي على السيطرة عليها، لكنني تعبت من الأمر، وأقول في نفسي ستأتي النوبة مرة أخرى وهكذا، إلى متى؟ وأجريت تحاليل وجميعها سليمة ماعدا الدهون مرتفعة قليلا، مع العلم أن لدي أولاد.
أعاني قبل هذه المشكلة من نتف شعري، وتصاحبه كتمة منذ ثلاثة وعشرين عاما، وكذلك أعاني إذا حدثت مشكلة بيني وبين أحد، وإن كنت صاحبة الحق أشعر بخوف شديد واضطراب، وقد أضيع حقي في الدفاع عن نفسي، وهذا يزعجني لكن ما بيدي حيلة.
كذلك -وهذا يزعجني كثيرا- عدم قدرتي على التواصل مع مدرسة بناتي، لا أرغب بالذهاب إلى المدرسة وأتحجج بأي شيء، وإن حضرت بعد معاناة لا أعرف عن ماذا أتحدث أو أسأل. أشعر بالخوف لو احتاج أولادي إلى وقفتي معهم، أضيع عليهم حقوقهم بخوفي، فما الحل؟ رغم أني حاولت الذهاب إلى طبيب نفسي منذ فترة بعيدة وعجزت عن الكلام معه وتعذرت بأنه رجل.
ذهبت قبل ثلاث أيام إلى طبيبة نفسية وذكرت لي أن عندي قلقا نفسيا، وكتبت لي سبراليكس 10 ملغرام حبة واحدة، وبعدما تناولته بأقل من ساعة جاءتني أعراض شديدة من برودة في الصدر والظهر، ووخز في كامل جسمي وجفاف شديد في حلقي. أنا متخوفة من هذه الأعراض لأنها زادت الأمر صعوبة فلا أرغب في تناوله مرة أخرى. هل هذه الأعراض طبيعية؟ وهل ستكون مستمرة؟ لأنها لا تطاق. أريد أن أشفى من مرضي لكني أجد صعوبة مع هذا العلاج.
أتمنى أن تخبروني ماذا أفعل، ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إن شكواك واضحة جدا، وقد عرضت أعراضك بصورة جلية، وأستطيع أن أقول لك أن حالة القلق وما يتبعها من مخاوف وتعطيل في دورك الاجتماعي في بعض الأمور نتيجة لهذا الخوف، وما يحدث لك من عسر مزاج وبعض الوسوسة كلها ناتجة من حالة نفسية معروفة نسميها بـ (قلق المخاوف).
الطبيبة النفسية ذكرت لك أنك تعانين من (قلق نفسي) وهي محقة، وأنا فقط أريد أن أضيف لك جانب المخاوف حتى يكون التشخيص دقيقا، وإذا رجعت إلى بعض استشارات إسلام ويب سوف تجدين أن هذه الحالة كثيرة جدا، ونسأل عنها دائما، وحتى عدد الإخوة والأخوات الذين يعانون من هذه الحالة ويترددون علينا في العيادات أصبح في تزايد.
علاج الحالة -إن شاء الله تعالى– سهل وبسيط، وفي مثل عمرك يجب أن نحرص –أنت ونحن– في اتباع الإرشادات العلمية الصحيحة في تناول الدواء على وجه الخصوص، لأن عمرك أيضا هو العمر الذي يحدث فيه اكتئاب نفسي بالنسبة للنساء، فلابد أن نحتاط.
بالنسبة لعقار (سبرالكس)، هو دواء ممتاز وفعال جدا. الجرعة هي بالفعل عشرة مليجرام، لكن في بعض الحالات نفضل أن تكون البداية خمسة مليجرام، وهنالك طرق أخرى كثيرة من أجل ألا يحدث التفاعل الأولي الذي قد ينتج من السبرالكس. ملاحظتك دقيقة في أن السبرالكس قد يكون سبب لك بعض الجفاف، وكذلك الشعور بالبرودة، هذا تفاعل بسيط، لكن قطعا كان مزعجا بالنسبة لك، وهو غالبا ما يختفي في اليوم الرابع أو الخامس من الاستمرار على الدواء.
أريد أن أضع لك برنامجا علاجيا بسيطا فيما يخص الأدوية: هنالك دواء يعرف تجاريا باسم (فلوناكسول) واسمه العلمي (فلوبنتكسول)، دواء بسيط لطيف، مضاد للقلق وليس له آثار جانبية، أريدك أن تبدئي به، ثم بعد ذلك تتناولين السبرالكس. جرعة الفلوناكسول: تبدئين بحبة واحدة -وقوة الحبة نصف مليجرام– تناوليها يوميا لمدة ثلاثة أيام، ثم اجعليها حبة صباحا وحبة مساء لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك خفضيها إلى حبة واحدة في اليوم، وفي الوقت نفسه ابدئي في تناول السبرالكس مرة أخرى، ولكن بجرعة خمسة مليجرام.
استمري على الفلوناكسول لمدة أسبوع، ومعه السبرالكس بجرعة خمسة مليجرام –كما ذكرت لك–، وبعد انقضاء الأسبوع ارفعي جرعة السبرالكس إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة شهر، بعد ذلك يجب أن ترفعي جرعة السبرالكس وتجعليها عشرين مليجراما يوميا، وتستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، و-إن شاء الله تعالى- سوف تكون هنا استجابة رائعة، بعد ذلك خفضي الجرعة إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة أربعة أشهر، ثم اجعليها خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر.
إذن هنالك طرق علاجية كثيرة، وتوجد أدوية غير السبرالكس، لكن أؤيد تماما اختيار الأخت الطبيبة لهذا الدواء، لأنه بالفعل دواء جيد وممتاز.
بجانب العلاج الدوائي، حاولي أن تشغلي نفسك، ركزي على واجباتك المنزلية والأسرية، وفي ذات الوقت حاولي أن تعيشي حياة اجتماعية على نمط فعال، زيارة الأرحام والصديقات، الانخراط في مراكز تحفيظ القرآن، وحضور المحاضرات والدروس الدينية والثقافية المفيدة وهكذا. اجعلي حياتك شعلة من النشاط الاجتماعي، وهذا في حد ذاته يعطيك إضافة علاجية ممتازة جدا.
أود أن أنصحك أيضا بالحرص على تمارين الاسترخاء، تمارين الاسترخاء ذات فائدة ممتازة وعظيمة جدا كمحور علاجي أساسي في علاج مثل حالتك. ولدينا في إسلام ويب استشارة –وغيرها كثير- تحت رقم (2136015)، أرجو أن ترجعي لها وتسترشدي بتعليماتها، و-إن شاء الله تعالى- سوف تجدين منها الفائدة المرجوة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.